وغريست، البالغ من العمر 48 عاماً، والمعتقل منذ 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي مع الكندي-المصري محمد فهمي، والمصري محمد باهر، يحاكمون بتهم تلفيق أخبار كاذبة ودعم جماعة الإخوان المسلمين وتشويه سمعة مصر دولياً، ففي آخر جلسة محاكمة دخل غريست، قفص الاتهام الحديدي وباقي المتهمين معه مكبلي الأيدي، ثم صاح فهمي رافعاً ذراعه للقاضي، فأمر القاضي عناصر الشرطة بفك أغلالهم.
وخلال جلسة المحاكمة شاهد غريست، مع القاضي محتويات حقيبة ظهره، وهي محرك للأقراص ووصلة انترنت لاسلكية. وطلب القاضي من ضابط الشرطة الخبير استعراض محتويات محرك الأقراص الذي يحتوي على اثنين من الفيديوهات فيها بعض لقطات فيديو من كينيا، وفيلم وثائقي لـ"بي بي سي" عن الصومال قدمه غريست. واعترض محامي غريست، أن أشرطة الفيديوهات لا علاقة لها بالقضية، لأنه تم تصويرها خارج مصر.
ويواجه الصحفيون الآخرون أحكاماً تتراوح بين ثلاث سنوات إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. وكانت منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية قد وصفت المحاكمة بأنها ذات دوافع سياسية، وعلق سليل شيتي، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، "أن المحاكمة ترسل رسالة تخويف تقول، إن وجهة النظر الوحيدة المقبولة في مصر اليوم، هي التي تقرّها السلطات المصرية".
وقبل بدء المحاكمة قال، خالد محمد عبد الرؤوف، وهو طالب جامعي ومتهم في القضية نفسها، للقاضي، إنه مضرب عن الطعام منذ 15 يوماً بسبب الافتقار إلى الرعاية الطبية. فرد القاضي أنه سوف ينظر في الأمر، ولكن بعد 15 دقيقة أصيب الشاب بالإغماء، وهو في قفص الاتهام، واقتيد خارج القاعة للعلاج. وحاول أحد محامي الدفاع العزف على وتر المشاعر القومية لدى القضاة، فصاح في القاعة قائلاً: إن المحاكمة تضرّ جداً بصورة مصر في الخارج، وإن هذه المحاكمة ليست بخصوص قناة إرهابية (في إشارة إلى قناة الجزيرة)، ولكنها ضد الشباب المصري المتعلم والمثقف وضد الوطن.
استراحة وغياب معدات
وفي نهاية الجلسة رفع القضاة الجلسة للمداولة، وخلال ذلك الوقت صاح فهمي، من قفصه، "البراءة لا تكفي إذا لم يتم الافراج عنا فهذا القاضي مسيّس. أريد زيارة من منظمة العفو الدولية والصليب الأحمر". فردّ مندوب منظمة العفو الدولية أنه هنا للمتابعة وسينقل طلبه الى المنظمة. وصاح بعض الصحفيين الدوليين يسألون المتهمين عن صحتهم وتلقيهم العلاج، وماذا يتوقعون اليوم من المحكمة؟ ثم عاد القضاة بعد حوالي عشرين دقيقة إلى قاعة المحكمة ليعلنوا تأجيل المحاكمة لدراسة أشرطة الفيديو وغيرها (والتي لا يمكن عرضها باستخدام المعدات الموجودة في المحكمة) بواسطة لجنة من الخبراء.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تفشل فيها السلطات المصرية في تقديم ما يدين الصحفيين والطلاب المتهمين في هذه القضية كونهم يمثلون تهديداً لمصر. وتبدو هيئة المحكمة عازمة على إطالة أمد احتجازهم أطول فترة ممكنة.
وتعتبر قضية غريست، مثالاً صارخاً على التسييس الواضح للسلطة القضائية، واتخاذ إجراءات صارمة ضد حرية التعبير خلال الأشهر القليلة الماضية.
إن استمرار احتجاز غريست، يبعث رسالة الى جميع الصحفيين الذين يعملون في مصر، أن ليس هناك أحد بمأمن من قبضة النظام، وبحبس صحفي أجنبي أسترالي ترسل السلطات المصرية تحذيراً الى الصحفيين المحليين والدوليين بأنه سوف ترصد تقاريرهم الإخبارية، وسوف تخنق أي تقارير تعتبر معارضة لها.
• محمد لطفي، يعمل مع منظمة العفو الدولية في متابعة وتوثيق قضية الصحفيين المعتقلين، وناشط على هذا المستوى في حسابه على تويتر @mlotfy81.
والمقال ظهر اليوم في صحيفة "جارديان" البريطانية.