الشاهد يستأنف "الحرب على الفساد" وسط انتقادات من معارضيه

01 سبتمبر 2018
الشاهد أقال وزير الطاقة بالأمس (Getty)
+ الخط -
أثارت إقالة وزير الطاقة وكاتب الدولة للمناجم، وثلاثة مسؤولين، أمس الجمعة، جدلًا سياسيًا واسعًا في تونس، بين مؤيد لاستئناف رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، ما وصفه بالحرب على الفساد، وبين من يعتبرها محاولة لإطالة أنفاس ولايته المهددة، وكسب تأييد شعبي جديد.

وأجج قرار الشاهد إقالة عضوين من حكومته، ومسؤولين في قطاع الطاقة والمناجم، بسبب شبهات تورطهم في ملفات فساد، وفتح تحقيق في الوزارة وإلحاقها بوزارة الصناعة، تأييدًا سياسيًا وجماهيريًا كبيرًا من التونسيين المتعطشين لاستئصال الفساد المتفشي في جميع أركان البلاد.

كذلك حظي الشاهد بمساندة من مدونين وإعلاميين وسياسيين اعتبروا القرار صائبًا حتى لو جاء متأخرًا، في وقت عابوا عليه عدم تفطنه لملف الفساد منذ توليه الحكومة منذ سنتين.

وفي تصريحه لوسائل الإعلام، أكد الشاهد أنه ماضٍ في حربه على الفساد "التي لن تستثني أحدًا"، مشيرًا إلى أنه "لا يخشى إلا الله، والشعب صاحب السيادة على ثرواته التي يجب أن تعود إليه".

وكان رئيس الحكومة قد التقى مباشرة، إثر إعلان قرار إعفاء وزير الطاقة، رئيس هيئة مكافحة الفساد، شوقي الطبيب، في إشارة إلى مضيه في حربه على الفساد إلى أقصاها، بالتنسيق مع أجهزة الدولة والهيئات الدستورية.



وانتقد مراقبون إقالة الشاهد ما يناهز 12 عضو حكومة منذ توليه المهمة، اتهموا بالفساد، أو الارتباك، أو عدم الكفاءة، كما حلّ وضم 3 وزارات، من بينها وزارة الوظيفة العمومية، ووزارة حقوق الإنسان، ووزارة الطاقة، ما قد يعكس ارتجالًا في التسيير الحكومي وفي التعيينات والتسميات.

من جانب آخر، اعتبر بعض معارضي الشاهد أن قرار الإقالة في محله، ولكنه كان على علم بملفات الفساد ويستغلها في صراعه السياسي ضد من يريدون إطاحته في قصر قرطاج، وفي حزبه "نداء تونس".

ولا يخفى أن عضوي الحكومة المقالين هما من محافظة قفصة (جنوب غرب البلاد)، مسقط رأس رئيس كتلة نداء تونس، سفيان طوبال، فيما يعدّ كاتب الدولة المقال، هاشم الحميدي، قياديًا مؤسسًا في "النداء" أيضًا، ومن بين كوادره المؤثرة، بينما التحق وزير الطاقة المقال، خالد قدور، سليل العائلة النقابية في فترة الانتخابات البلدية، بالوزراء الوافدين على حزب نداء تونس، ما يرجح ردة فعل قريبة من قيادة "النداء".

من جانبه، اعتبر مؤسس حزب التيار الديمقراطي، والوزير السابق، محمد عبو، أن "الشاهد موفّق في هذه القرارات، إلّا أنها جاءت متأخرة، خصوصًا أنه على علم بشبهات الفساد المنوطة بالأشخاص المقالين"، حسب تعبيره.

وأضاف عبو، في تصريح صحافي، أن "هذه القرارات الشعبويّة لن تخرجه من المأزق الذي هو فيه، وأنها تستوجب هدوءاً أكثر ورصانة، وكان عليه على الأقل إعداد وزير آخر بالنيابة قبل التصريح بإلغاء الوزارة"، مؤكدًا ضرورة أن تطاول هذه الإقالات وزراء آخرين يشتبه في تورطهم بالفساد.

وفي سياق متصل، عقّب القيادي بحزب "حراك تونس الإرادة"، وعضو مجلس الشعب، عماد الدايمي، على قرار الشاهد، معتبرًا في تدوينة له على صفحته في "فيسبوك" أن القرار "خطوة تصعيدية تكتيكية بمثابة إعلان حرب حقيقي ضد الباجي قايد السبسي شخصيًا".

وقال الدايمي إن "ظاهر القرار غزوة خاطفة من رئيس الحكومة في إطار حربه المعلنة ضد الفساد، وباطنه ضربة تحت الحزام للباجي قايد السبسي، لفرض شروط الإذعان، أو في إطار (نتغدى به قبل ما يتعشى بي)".

وتحدث الدايمي، في تدوينة مطولة، عن علاقة للرئيس السبسي بشبهة الفساد زمن توليه الحكومة بعد الثورة 2011، إذ اطلع على ملف التلاعب والفساد، وأنه "على علم به"، مشيرًا إلى أنه "متورط في الملف"، على اعتبار أن شقيق الرئيس هو الممثل القانوني لشركة متورطة في الملف، ومقرها مكتب المحاماة الخاص بالرئيس الحالي، وفق قوله.

واعتبر الدايمي أن قرار الشاهد يأتي على الغالب كخطوة تصعيدية تخويفية للباجي وجماعته قبيل انطلاق الموسم السياسي الجديد.