اختار الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، المملكة العربية السعودية لتكون أول محطة يفتتح بها سلسلة زياراته إلى الخارج، استجابة لدعوة وجهها إليه الملك سلمان بن عبد العزيز، ونقلها إليه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في السادس من فبراير/ شباط الجاري، وهي زيارة يتوخى فيها الرئيس الجزائري تحقيق تقدم على صعيد ثلاثة ملفات خارجية تهم الجزائر؛ هي القمة العربية المقبلة المزمع أن تستضيفها الجزائر في مارس/ آذار المقبل، والملف الليبي، وتطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الرياض.
بخلاف الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي بدأ ولايته الرئاسية الأولى بمؤتمر القمة الأفريقية في يوليو/ تموز 1999، يبدأ الرئيس تبون ولايته الرئاسية الأولى بالسعي لإنجاز قمة عربية مرجعية تكون نقطة ارتكاز إقليمي لإعلان عودة قوية للجزائر إلى المشهد العربي، ويستدعي نجاحها إزالة الفتور مع كبرى الدول المؤثرة في المنطقة العربية، إذ تسعى الجزائر إلى جعل قمة مارس المقبل فرصة لإحداث ما أمكن من المصالحات العربية-العربية وتصحيح المواقف اتجاه عدد من الأزمات العربية.
ويدخل في هذا السياق مقترح تقوده الجزائر يقضي بإعادة مقعد سورية إلى الجامعة العربية، بعد ثماني سنوات من تجميد عضويتها في الجامعة العربية. ويراهن الرئيس تبون في هذا السياق على تحوّلات لافتة في الموقف السعودي إزاء الأزمة في سورية، لجر مزيد من الدول العربية التي تتبع في الغالب المواقف السعودية إلى دعم هذا المقترح، إضافة إلى إعادة بناء الموقف العربي من صفقة القرن على أساس مقررات مجلس وزراء الجامعة العربية الأخيرة ومبادرة السلام العربية.
اقــرأ أيضاً
ويعتقد مراقبون أن اختيار الرئيس تبون الوجهة السعودية كأول محطة دبلوماسية له ما يبرره
على أكثر من مستوى. ويرى رئيس قسم الشؤون الدولية في صحيفة "الخبر"، كبرى الصحف الجزائرية، رضا شنوف، أن موعد الزيارة، بعد يوم من زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الجزائر، يشي بإمكانية أن تكون الجزائر بصدد محاولة لعب دور وساطة سياسية بين الدوحة والرياض، ضمن مسعى لتنقية الأجواء العربية العربية قبيل انعقاد قمة الجزائر. ويقول شنوف: "الجزائر تراهن على أن تكون قمة العربية أيضاً قمة مصالحة بين الفرقاء في الخليج، وربما يكون تبون يحمل مقترحات إلى السعودية لتطبيع العلاقة مع قطر، كان قد تم طرحها خلال الزيارة التي أداها الثلاثاء أمير قطر الشيخ تميم إلى الجزائر".
بخلاف الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي بدأ ولايته الرئاسية الأولى بمؤتمر القمة الأفريقية في يوليو/ تموز 1999، يبدأ الرئيس تبون ولايته الرئاسية الأولى بالسعي لإنجاز قمة عربية مرجعية تكون نقطة ارتكاز إقليمي لإعلان عودة قوية للجزائر إلى المشهد العربي، ويستدعي نجاحها إزالة الفتور مع كبرى الدول المؤثرة في المنطقة العربية، إذ تسعى الجزائر إلى جعل قمة مارس المقبل فرصة لإحداث ما أمكن من المصالحات العربية-العربية وتصحيح المواقف اتجاه عدد من الأزمات العربية.
ويدخل في هذا السياق مقترح تقوده الجزائر يقضي بإعادة مقعد سورية إلى الجامعة العربية، بعد ثماني سنوات من تجميد عضويتها في الجامعة العربية. ويراهن الرئيس تبون في هذا السياق على تحوّلات لافتة في الموقف السعودي إزاء الأزمة في سورية، لجر مزيد من الدول العربية التي تتبع في الغالب المواقف السعودية إلى دعم هذا المقترح، إضافة إلى إعادة بناء الموقف العربي من صفقة القرن على أساس مقررات مجلس وزراء الجامعة العربية الأخيرة ومبادرة السلام العربية.
ويشير رضا شنوف إلى أنه "من المعروف أن الجزائر والسعودية لم تجمعهما علاقات وطيدة، عدا التقارب الجزائري السعودي خلال السبعينيات إبان حرب النفط، بالنظر خاصة إلى مواقف السعودية القريبة والداعمة للمغرب (في قضية نزاع الصحراء)"، ويرى أن هناك "جملة من المعطيات يمكن أن نضع في سياقها اختيار الرئيس تبون لأن تكون زيارته الرسمية الأولى إلى الرياض؛ أبرزها أن الجزائر مهتمة بالمحور الخليجي وتعزيز علاقاتها به؛ إلى جانب تنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لا سيما مع اهتمام الجزائر باستقطاب رأس المال السعودي في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد؛ وكذلك الملف الليبي، الذي يهم الجزائر أن تكسب دعم الرياض فيه، لا سيما أنها أصبحت تلعب دوراً متنامياً في الفترة الأخيرة من خلال دعم (الجنرال المتقاعد خليفة) حفتر".
ويرتبط هذا الملف بالمبادرة السياسية التي أطلقتها الجزائر لاحتضان مؤتمر حوار ليبي ليبي، يجمع بين طرفي الأزمة الليبية: قوات حفتر وحكومة الوفاق الوطني، وتشارك فيه الزعامات القبلية، والتي كان وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم قد نقل مضمونها نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي إلى الملك سلمان في الرياض.
اقــرأ أيضاً
وإضافة إلى ملف القمة العربية المقبلة والأزمة الليبية، تتجه زيارة الرئيس تبون نحو تطبيع العلاقات مع الرياض بشكل كامل، وإنهاء مخلفات مرحلة الرئيس بوتفليقة، بعد فترة أربع سنوات من الفتور السياسي نتيجة التباعد في المواقف إزاء عدد من القضايا الإقليمية، خاصة منذ رفض الجزائر الانخراط والمشاركة في الحلف الإسلامي الذي أقامته الرياض، واعتراضها على الحرب والتدخل العسكري في اليمن، ورفضها المصادقة على قرار مجلس وزراء العرب بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية، ودفاعها عن موقع سورية في الجامعة العربية؛ كل تلك المواقف كانت قد دفعت الملك سلمان إلى عدم الاستجابة إلى دعوة شخصية لزيارة الجزائر وجهها إليه الرئيس السابق بوتفليقة عبر مستشاره الخاص حينها الطيب بلعيز، في إبريل/ نيسان 2016، ثم عبر رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال في نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس السنة. كذلك لم يحظ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته إلى الجزائر بلقاء الرئيس بوتفليقة في ديسمبر 2018، بعد قرار مفاجئ من الرئاسة الجزائرية بإلغاء اللقاء الذي كان مقرراً أن يكون خاتمة زيارة بن سلمان، وخفضت الرياض مستوى استقبال رئيس الحكومة الجزائرية نور الدين بدوي خلال زيارته السعودية إلى نائب أمير منطقة مكة المكرمة بدر بن سلطان بن عبد العزيز. علاوة على ذلك، دفعت تلك المواقف الرياض إلى إبداء توجهات مناوئة للجزائر بشأن النزاع في قضية الصحراء، وإعلان دعم المغرب في هذا الملف.
ويرتبط هذا الملف بالمبادرة السياسية التي أطلقتها الجزائر لاحتضان مؤتمر حوار ليبي ليبي، يجمع بين طرفي الأزمة الليبية: قوات حفتر وحكومة الوفاق الوطني، وتشارك فيه الزعامات القبلية، والتي كان وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم قد نقل مضمونها نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي إلى الملك سلمان في الرياض.