وتحجّجت الرئاسة الجزائرية بـ"دواعي صحية" لا تسمح لبوتفليقة بمقابلة بن سلمان.
وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية، صدر مساء اليوم، أنه "تعذر على رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة استقبال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بسبب زكام حاد" (الإنفلونزا).
وكانت أجندة زيارة ولي العهد السعودي، التي وزعت على فريق الصحفيين المرافقين لبن سلمان، قد تضمنت لقاء بالرئيس بوتفليقة في ختام زيارته إلى الجزائر التي كان قد وصلها أمس الأحد.
ويعتقد مراقبون أن المبررات الصحية بوتفليقة قد لا تكون السبب الرئيس وراء إلغاء استقباله لولي العهد السعودي، وأن الرئاسة فضلت "رفع الحرج" عن الرئيس الجزائري بإعلان الدواعي الصحية لإلغاء اللقاء المبرمج، مضيفين أنها "لم تكن، في الغالب، لتفوت فرص وجود شخصيات دولية لترتيب لقاء مع بوتفليقة، بهدف إظهاره للرأي العام".
وفي سياق آخر، عقد وزير الإعلام السعودي عواد بن صالح العواد اجتماعا مع رؤساء تحرير عدد من وسائل الإعلام في السعودية والجزائر، بزعم دعوهم إلى "المساهمة في توطيد العلاقات بين الرياض والجزائر".
ووصل ولي العهد السعودي مساء الأحد إلى الجزائر، في زيارة رسمية تستغرق يومين.
وعبرت شخصيات وأحزاب وهيئات مدنية عن رفضها هذه الزيارة، معتبرة أنها تهدف إلى تلميع صورة ولي العهد السعودي، الذي يرزح تحت ضغط دولي عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده باسطنبول.
وقبيل وصول ولي العهد السعودي إلى العاصمة الجزائرية، أقام عدد من الناشطين وقفة احتجاج في ساحة أول مايو وسط العاصمة رفضا للزيارة، رافعين صورا ولافتات غاضبة من استقبال بن سلمان، لكن الشرطة الجزائرية سارعت إلى اعتقالهم واقتيادهم إلى مخفر للأمن.
وأمس الأحد، أصدر عدد من المثقفين والكتاب والصحافيين ومراجع إسلامية بياناً ظلّ مفتوحاً لمزيد من التواقيع، وأعلنوا فيه رفضهم لزيارة بن سلمان، لمسؤوليته في مقتل الصحافي جمال خاشقجي والحرب في اليمن، محملين الحكومة الجزائرية مسؤولية تشجيع ما وصفوها بـ"السياسات الرجعية" للرياض.
وأكد المثقفون الجزائريون في بيانهم، أنه "بصفتنا مواطني ومثقفي بلد كان دوماً في مقدمة النضال ضد الظلم والظلامية، نرفع صوتنا عالياً، وبكل قوة، لنقول لا لهذه الزيارة غير المواتية وغير المبررة، سواء من الجانب السياسي أو حتى من الجانب الأخلاقي".
ووصف البيان مقتل خاشقجي بـ"الجريمة الفظيعة التي لن نجد لها مثيلاً في تاريخ البشرية المتحضرة، وبربرية وقاسية فوق الخيال على يد أتباع ولي العهد، ما يظهر وجهه الحقيقي الكاتم لأي إحساس إنساني، الذي يزيد به إرسال فرق الموت إلى اليمن من أجل قنبلة السكان العُزّل. وهو مثال آخر يؤشر على السيرة القاسية غير الإنسانية. سيرة لا يمكن لغير الرئيس الأميركي ترامب تحيته عليها كأمير مصلح".
وكانت أحزاب يسارية وإسلامية ومحافظة عديدة، أعلنت رفضها لزيارة ولي العهد السعودي للجزائر، بينها حزب العمال اليساري، الذي وصف الزيارة بـ"النكتة السيئة والزيارة المستفزة"، وحركة "مجتمع السلم"، التي وصفتها بأنها تأتي "في توقيت غير مناسب"، وحركة "البناء"، التي اعتبرت إقدام الرياض على خفض أسعار النفط "يرقى إلى مستوى إعلان حرب ضد الجزائر".
وكانت صحف جزائرية، مثل "ليبرتي" و"الوطن"، قد نشرت رسوما كاريكاتورية تعبر عن مواقف رافضة لزيارة بن سلمان، وتلمح إلى مسؤوليته في اغتيال خاشقجي.