ونشرت رئاسة الحكومة الجزائرية بيانا على موقعها على الإنترنت أكدت فيه أن "الإعلان عن مشروع استغلال الغاز الصخري، قد أيقظ المحرضين السياسيين للتلاعب بالسكان، ولاسيما سكان الجنوب".
وتعهدت الحكومة الجزائرية بتقديم كل التوضيحات اللازمة للسكان، بشأن المخاوف من التداعيات البيئية في المنطقة، مؤكدة أنه "لن يتم القيام بأي شيء في هذا الاتجاه على حساب صحة الجزائريين".
وأشارت إلى أنه "من المفيد التذكير بأن استئناف الاختبارات سيكون مصحوبا بتقديم توضيحات إلى الرأي العام، وبالحوار مع سكان المناطق المعنية. ولن يتم القيام بأي شيء يعرض صحة الجزائريين إلى الخطر"، مضيفةً "ليس هناك ما يمنع الجزائر من استغلال ثرواتها".
وكانت فعاليات في مدن جنوبي الجزائر، قد أعلنت عن تحركها للاعتراض على تفعيل الحكومة مجدداً لقرار التنقيب عن الغاز الصخري في الصحراء، وبدأت بتنظيم تحركات ميدانية لرفض القرار الحكومي.
وفي السياق، عقدت منظمات ولجان شعبية في مدن عين صالح وأدرار وبشار، اجتماعات لتنسيق المواقف وتوحيد التحركات.
وقال الناشط في "حركة 22 نوفمبر"، التي قادت حراك نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 ضد التنقيب عن الغاز الصخري، محاد قاسمي، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، إن "كل الشباب والفاعلين في المجتمع المدني المعنيين بقضية الدفاع عن البيئة وثروات البلاد في الصحراء الجزائرية، مجندون للوقوف مجددا ضد أي محاولة حكومية". وأضاف "مثلما أبطلنا المحاولة السابقة وأوقفنا التنقيب، سنكرر الموقف نفسه إذا عادت الحكومة للتنقيب مرة أخرى".
في المقابل، شدد رئيس الحكومة الجزائرية، أحمد أويحيى، الأحد الماضي، على "ضرورة الاستثمار في الغاز الصخري، نظراً لقدرات البلاد في هذا المجال"، وقال "الأمر لا يتعلق بمغامرة، بل بالعكس فإن ذلك خيار يهدف إلى ضمان المستقبل الطاقوي للبلاد".
وفي وقت لاحق، قال وزير الطاقة الجزائري، مصطفى قيطوني، إن "ملف الغاز الصخري لا يزال في مرحلة الدراسة، وسيعالج بطريقة لائقة، على غرار ما يتم انتهاجه في الدول الأخرى". كما اعتبر أن "الغاز غير التقليدي يعد خيارا تم اتخاذه، وسنذهب إليه، بل يجب أن نذهب إليه، بالنظر للاستهلاك القوي في مجال الغاز الطبيعي، وهناك تكنولوجيات جديدة تسمح باستخراج الغاز الصخري بأقل المخاطر التي قد تضر بالبيئة".
وكشف وزير الطاقة الجزائري أن ثلث الإنتاج الوطني من الغاز الطبيعي يستهلك محليا، مقابل ثلث يوجه للتصدير، وثلث آخر يعاد ضخه في آبار الإنتاج للحفاظ على ضغط الغاز، مشيرا إلى أن "الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي يرتفع باستمرار، ويمكن أن يصل إلى مستوى عال جدا، وهذا وضع يستدعي التحرك".
وتشير تقديرات الشركة الحكومية للمحروقات "سوناطراك"، أجرتها بالتعاون مع شركات نفطية عالمية في خمسة أحواض بالصحراء، إلى أن احتياطيات الجزائر من الغاز الصخري تقدر بحوالي 4.940 ترليونات قدم مكعب، من بينها 740 ترليون قدم مكعب يمكن استرجاعها على أساس نسبة استرجاع 15 بالمائة، تتوزع في مناطق أحنات وتيميمون وإليزي ومويدير وبركين في أقصى جنوبي الجزائر.
ووفقا لتقرير للوكالة الدولية للطاقة حول الغاز الصخري تم إصداره في 2013، تحتل الجزائر المرتبة الرابعة عالميا من حيث احتياطات الغاز الصخري، بعد كل من الولايات المتحدة التي تتراوح نسبة الاسترجاع فيها بين 20 و50 بالمائة حسب الحقل، ثم الصين والأرجنتين.
يذكر أنه في شهر يونيو/ حزيران 2014 اندلعت احتجاجات في منطقة ورقلة، تلاها في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 حراك شعبي عارم في منطقة عين صالح، عندما حاولت شركة "سوناطراك" إجراء تنقيب تجريبي عن الغاز الصخري في المنطقة.
ونظم السكان اعتصاما دام حتى شهر مارس/ آذار 2015، للمطالبة بوقف عمليات التنقيب، بسبب مخاوف من تأثير ذلك على البيئة والزراعة، وعلى المياه الجوفية، بسبب المواد الكيميائية التي تستعمل عادة في استخراج الغاز الصخري، وهي المواد التي يعتقد المحتجون أنها ستمس المياه الجوفية والأراضي الزراعية والواحات في المنطقة.
ورفع المحتجون حينها شعارات تطالب بوقف عمليات التنقيب، واقتحموا منطقة التنقيب، قبل أن توقف الحكومة عملية التنقيب وتسحب آليات الحفر.
ومن شأن إصرار الحكومة الجزائرية على استغلال الغاز الصخري، أن يعيد الحراك الشعبي إلى مدن الجنوب، في ظرف سياسي واقتصادي صعب، بسبب الأزمة المالية الخانقة، والمخاوف من عودة التوترات الاجتماعية.