الحكومة البريطانية تكثف جهودها لإنقاذ محادثات بريكست

16 أكتوبر 2017
بريطانيا تخوض مفاوضات صعبة (دان كيتوود/ Getty)
+ الخط -
تكثف رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، جهودها لتجاوز الطريق المسدود الذي وصلته مفاوضات خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي، بريكست، الأسبوع الماضي.


وستقوم ماي بزيارة لبروكسل مصحوبة بوزير بريكست، ديفيد ديفيس، لحضور عشاء خاص مع رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، ورئيس الوفد المفاوض الأوروبي، ميشيل بارنييه، في محاولة لفك عقدة المفاوضات قبل القمة الأوروبية المرتقبة يوم الجمعة المقبل.


ويرغب الجانب البريطاني في الضغط على الطرف الأوروبي للحصول على بعض التنازلات قبل القمة المرتقبة، والتي ينتظر أن يعلن فيها قادة الاتحاد عدم التوصل إلى "التقدم المطلوب" في المفاوضات الأولية، والذي يعد شرطاً تتفق عليه دول الاتحاد للانتقال إلى المحادثات التجارية مع بريطانيا.


ويعد هذا العشاء المرتقب مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي، اليوم الإثنين، أول لقاء بين ماي ويونكر منذ لقائهما الكارثي الأخير، في إبريل/نيسان الماضي. وكان يونكر اتهم ماي بأنها "متوهمة" حول تقدم محادثات بريكست، بينما ردت ماي باتهام الاتحاد الأوروبي بمحاولة التأثير على الانتخابات العامة البريطانية.


وسيناقش الطرفان في هذا اللقاء "القضايا الأوروبية والجيوسياسية ذات الاهتمام المشترك"، كما سيتم التحضير لقمة الاتحاد الأوروبي التي ستبدأ في نهاية هذا الأسبوع.


وتضاف زيارة ماي هذه إلى جهودها الحالية في "دبلوماسية الهواتف"، حيث كثفت رئيسة الوزراء من اتصالاتها بقادة الاتحاد، بهدف تليين مواقفهم من المفاوضات التجارية مع بريطانيا، خاصة بعد فشل الوفد المفاوض البريطاني من شق وحدة موقف الاتحاد حول هذا الموضوع.


فقد هاتفت ماي المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، يوم أمس، لتؤكد على ضرورة تحقيق تقدم في المفاوضات. كما أنها ستجري اليوم مكالمة هاتفية مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لتطلب منه شمل المفاوضات التجارية في المرحلة الحالية من المباحثات.


كما تسعى ماي إلى إقناع القادة الأوروبيين بضرورة الموافقة على التحدث في تفاصيل المرحلة الانتقالية في القمة المنتظرة.


ولم تقتصر هذه الجهود على رئيسة الوزراء، حيث اجتمع وزير الخارجية، بوريس جونسون، بثمانية من وزراء خارجية دول أوروبا الشرقية في تشيفننغ، يوم الأحد، في محاولة لكسر الجمود في المفاوضات والتأثير على مواقف هذه الدول يوم الجمعة.


ومن طرفه، يبدو أن الاتحاد الأوروبي قلق من وصول المفاوضات إلى هذه الطريق المسدودة، وهو ما دفع رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، إلى طرح اقتراح على قادة الاتحاد يشمل تقديم موقف موحد من الفترة الانتقالية واتفاق التجارة في ديسمبر/كانون الأول، في حال قدمت بريطانيا المزيد من التنازلات.


ولكن الاتحاد الأوروبي لا يزال بعيداً عن الثقة في المفاوض البريطاني، خصوصاً بعد أن أصبح مستقبل حكومة ماي في خطر، إضافة إلى رغبة المفاوضين الأوروبيين في الحصول على المزيد من التنازلات من الجانب البريطاني.


ودفع هذا الجمود وزير بريكست، ديفيس، إلى التأكيد على استعداد بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، مؤكداً، في مقابلة مع "بي بي سي" يوم أمس، أن الضرر الذي يمكن للاتحاد الأوروبي التعرض إليه سيكون محدوداً، كون الطرفين يعتمدان معايير منظمة التجارة العالمية في تعاملاتهما.


إلا أن سيناريو عدم الاتفاق قد بدأ يحشد معارضة معتبرة في مجلس العموم البريطاني، إذ تشكلت مجموعة من البرلمانيين من كل الأحزاب لرسم مشروع قانون يجعل الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة أمراً مستحيلاً أمام ماي.


أهم أهداف هذه المجموعة البرلمانية، والتي تضم المدير السابق لحزب المحافظين، كينيث كلارك، وعدداً من الوزراء المحافظين السابقين، إضافة إلى نواب بارزين عن الأحزاب البريطانية الأخرى مثل العمال والأحرار الديمقراطيين، منح البرلمان البريطاني سلطة رفض أي نتيجة تفضي إلى اتفاق سيئ مع الاتحاد الأوروبي أو عدم الاتفاق.


كما أن الحزب الاتحاد الديمقراطي، والذي يدعم بنوابه العشرة الكتلة البرلمانية المحافظة للحصول على أغلبية الأصوات، رفض فكرة حالة عدم الاتفاق، كون هذا السيناريو سيؤدي إلى عزل إيرلندا الشمالية عن بقية الجزيرة الإيرلندية.


ويأتي ذلك بعد أن برز أن الحكومة البريطانية قد خصصت 250 مليون جنيه إسترليني للتحضير لسيناريو عدم الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، نظراً لجمود المحادثات مع بروكسل.
كما تم اقتراح عدد من التعديلات على قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، تطالب بأن أي صفقة نهائية يجب أن تمرر وفق قانون خاص بها في البرلمان.


ويعني ذلك أن البرلمان سيتمتع بسلطة فرض بريكست مخفف، واحتفاظه بالفيتو ضد بريكست مشدد يحاول فرضه يمينيو حزب المحافظين.


بينما تم طرح تعديل آخر يطالب بذكر الفترة الانتقالية التي تعهدت بها ماي في خطابها في فلورنسا في نص قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وتعهدت ماي بأن تمتد الفترة الانتقالية لعامين مع تطبيق القوانين الأوروبية خلال هذه الفترة، وينص التعديل المقترح على أنه في حال الفشل في تحقيق هذا الأمر، فلن يتم الخروج من الاتحاد الأوروبي.


وكانت الحكومة البريطانية قد طلبت تأجيل مناقشة قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي الذي كان مقرراً هذا الأسبوع، نظراً للكم الهائل من التعديلات المقترحة على نصه، إضافة إلى عدم ثقة الحكومة في تصويت الأغلبية التي تعتمد عليها في البرلمان لصالحه.

المساهمون