الحاج حسن صالح... ذاكرة فلسطينية من أيام الانتداب البريطاني

23 مارس 2019
لا يسألون عني (العربي الجديد)
+ الخط -
عند خروج البريطانيين صارت مواجهات عنيفة بيننا وبين الصهاينة، ورحنا نفتش عن السلاح لمواجهة العدو الصهيوني

رغم السنوات التي مرت ما زالت ذاكرة الحاج حسن صالح تحتفظ بكل ما مر بها خلال فترة الانتداب البريطاني، والمعارك بين الصهاينة وأصحاب الأرض، واللجوء الذي مر بمراحل عديدة. أبو رمزي من مواليد العام 1927، ما يعني أنه يبلغ من العمر اثنين وتسعين عاماً، عاش بدايات شبابه في فلسطين، وخدم في الجيش البريطاني.

يقول: "أصلنا من جبال نابلس، وعندما خرجنا من فلسطين كنت في الواحدة والعشرين من عمري. كنت أخدم حينها في الجيش الإنكليزي. عند خروج البريطانيين صارت مواجهات عنيفة بيننا وبين الصهاينة، ورحنا نفتش عن السلاح لمواجهة العدو الصهيوني، لكننا لم نكن نملكه، لم يكن معنا سوى الأسلحة الخفيفة والقليلة مقارنة بالعدو".

يتابع أن "هذه الاشتباكات امتدت في سائر المدن والقرى الفلسطينية، ما أدى إلى وقوع إصابات عديدة بين الشباب والنساء والشيوخ والأطفال. أمام ذلك العدو والقتل والدم والدمار الذي حصل لم نستطع الصمود، فلم يكن لدينا من خيار سوى أن نترك بيوتنا وأرضنا خوفاً على أرواحنا، وأعراضنا".

يتابع :"عندما بدأنا بالهروب من بلدنا توجهنا في البداية إلى النصب الشمالي، والنصب الشمالي هو في بلدة حطين، ومنها إلى دير حنا، ومن هناك إلى لبنان، وتحديداً إلى منطقة بنت جبيل التي لم نمكث فيها سوى للراحة بانتظار سيارة لتنقلنا إلى مكان آخر. وبالفعل انتقلنا إلى منطقة صور، جنوب لبنان، وهناك كان القطار بانتظارنا، وكنا سبع عائلات من حطين، وثلاث عائلات من نابلس. ركبنا القطار وانتقلنا إلى مدينة حماة في سورية. وهناك كانت بانتظارنا سيارات الجيش العسكرية، وتم نقلنا بعدها إلى الجامع الكبير. بعد ذلك قررت الحكومة السورية توزيعنا على البلدات السورية، فنقلونا إلى بلدة اسمها براق، وهي في قضاء مدينة حماة".

يتذكّر صالح: "في براق كانت البيوت مبنية على الطريقة القديمة، تشبه الشوادر التي عشنا فيها بالمخيمات، لكنها كانت من تبن، وبدائية جداً، على خلاف بيوتنا التي كنا نعيش فيها في فلسطين. أهل الضيعة صاروا يجمعون لنا الطعام، والحبوب، لكننا مع ذلك لم نستطع البقاء في تلك الضيعة النائية، فقررنا المجيء إلى بيروت، ومنها انتقلنا إلى بلدة المية ومية (جنوب لبنان) التي صار جزءاً منها، في وقت لاحق، مخيماً للفلسطينيين". يتابع: "لم أكن متزوجًا حين خرجت من فلسطين مع أهلي، لكن بعد لجوئنا بأربع سنوات تزوجت، وعشت حياتي في خدمة الثورة الفلسطينية".




كان صالح مدرباً على السلاح، وخاض معارك عديدة في المخيمات الفلسطينية، في مواجهة العدو الصهيوني، بحسب ما يخبّر، لكنه بعد هذا النضال الطويل صار مُهملًا، يقول: "كل تلك الخدمة في الثورة الفلسطينية راحت هباء، وصرت مهملا، ولا يسألون عني، حتى ثمن الدواء لا يستطيعون تأمينه لي".
المساهمون