في نقلة سياسية نوعية، أعلنت الجمهوريتان الانفصاليتان، دونيتسك ولوغانسك، المُعلنتان من جانب واحد، عن التحضير لعقد قمة لـ"الدول غير المعترف بها"، أو "الدول الأحدث في العالم"، على أن تُعقد في "جمهورية دونيتسك الشعبية"، التي تخوض معارك لاستكمال توحيد أراضيها مع شريكتها لوغانسك، وتأمين امتدادهما الجغرافي مع شبه جزيرة القرم.
ففي 27 يناير/ كانون الثاني الماضي، نقلت محطة "أوبلوت تي في"، عن وزير خارجية "جمهورية دونيتسك"، ألكسندر كوفمان، قوله إنه "سيتم عقد القمة بين فبراير/ شباط الحالي ومارس/ آذار المقبل، وستجمع الدول المعترف بها جزئياً، وغير المعترف بها نهائياً، وكذلك الأراضي التي لا تملك وضعية دولة، وهي على سبيل المثال، الباسك (إسبانيا)، وفلاندرز (بلجيكا)، والبندقية (إيطاليا)، وتكساس (الولايات المتحدة)".
ووفقاً لكوفمان، فقد "جرت مباحثات معهم ووافقوا على المشاركة". كما أعلن عن أنه "سيتم الاعلان خلال هذه القمة عن رابطة تجمع هذه الدول تحت مسمى: جامعة الدول الجديدة". وفي لقاء أجرته معه صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس"، أشار كوفمان إلى أن "أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا ستحضران القمة، والتواصل مستمر معهما". وعن الهدف من إنشاء "جامعة الدول الجديدة"، قال: "سنحصل، بالدرجة الأولى، على منظمة كاملة الأهلية، قادرة على حل مشاكل جميع الدول غير المعترف بها".
وفي السياق ذاته، نقلت وكالة "ريا نوفوستي" عن رئيس "جمهورية دونيتسك الشعبية"، ألكسندر زاخارتشينكو، تأكيده إحكام حلقة الحصار على وحدات الجيش الأوكراني في منطقة ديبالتسيفو، ودعوته المقاتلين المحاصرين إلى إلقاء سلاحهم مقابل التعهّد بالحفاظ على حياتهم، علماً بأن ديبالتسيفو تقع تحت سيطرة الجيش الأوكراني منذ يونيو/ حزيران الماضي، ويعيش فيها حوالي 45 ألف نسمة.
دبلوماسياً، وفي محاولة لإنقاذ "اتفاقات مينسك" لتسوية الوضع في أوكرانيا، عقدت لجنة الاتصال اجتماعاً في مينسك، ليل 31 يناير، لبحث تسوية الوضع في شرق أوكرانيا، إلا أنها عجزت عن التوصل إلى أي اتفاق، وفقاً لوكالة "إنترفاكس".
وقد حضر الرئيس الأوكراني الأسبق، ليونيد كوتشما، ممثلاً كييف في اللجنة، وسفير روسيا لدى كييف، ميخائيل زورابوف، ممثلاً موسكو، والممثل الخاص لمنظمة "الأمن والتعاون" الأوروبية، هايدي تاليافيني، وممثل دونيتسك، دينيس بوشيلين، وممثل لوغانسك، فلاديسلاف دينيغو.
وطرح بوشيلين ودينيغو شرطين أثناء المباحثات، هما: إعداد وثيقة اتفاق توافق عليها الأطراف المجتمعة، وتوقف الجيش الأوكراني عن إطلاق النار على المناطق السكنية. وقد جاء في البند الثالث من الوثيقة المشتركة التي طرحتها الجمهوريتان الانفصاليتان على مفاوضات مينسك، إن "جمهوريتا لوغانسك ودونيتسك الشعبيتان، مستعدتان لوقف متبادل لإطلاق النار مع الجانب الأوكراني، وتوقف الوحدات المقاتلة عند خط القتال الحالي".
كما جاء في البند السادس من الوثيقة: "أمّا في حال تعطل المفاوضات واستئناف القتال، فإن جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، تحتفظان بحق الاستمرار بالهجوم حتى التحرير الكامل لأراضي منطقتي لوغانسك ودونيتسك"، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء لوغانسك "لوغانسك أولنيوز".
ويبدو واضحاً محاولة تثبيت نتائج المعارك التي تميل لمصلحة الجمهوريتين الانفصاليتين على الأرض، بوثائق ترسم الحدود الأولية مع كييف، الأمر الذي لا يُمكن للأخيرة الموافقة عليه، على الرغم من هزائم تلوح في الأفق، حسب ما أفاد بعض قادتها العسكريين.
فالهزائم التي يتعرض لها الجيش الأوكراني، تدفع البعض للحديث عن "إعلان استسلام وشيك". إذ نقلت وكالة "ريا نوفوستي" تأكيد قائد فرقة الحرس الوطني الأوكراني، "آزوف"، أندريه بيليتسكي، لصحيفة "فاتكي" الأوكرانية، قوله إن "أوكرانيا على بعد خطوة من الاستسلام، وكل شيء يسير نحو هزيمة عسكرية لبلادنا، ومن ثم توقيع شروط استسلام".
في موازاة ذلك، اقترح زعيم "القطاع اليميني"، ديمتري ياروش، على هواء "غرومادسكي تي في"، في أول لقاء يجريه بعد تعرضه للإصابة، "تشكيل هيئة أركان عامة موازية، لرفع كفاءة القوات. على أن تتواصل هيئة الأركان الجديدة مع تلك الموجودة، ولكنها تتخذ قراراتها بصورة مستقلة".
ورأى أن "عدداً كبيراً من الوحدات العسكرية يُمكن أن تتبع الأركان الجديدة، سواء من القوات النظامية أم من وحدات المتطوعين". وأفاد بأن "العمل جارٍ على تشكيلها"، في تأكيد على بدء الانقسامات في الجيش الأوكراني، التي من شأنها، ربما، تسريع الهزيمة التي تحدّث عنها قائد لواء "آزوف".
وفي سياق الاستعداد للمعركة الأخيرة، تحدث الناطق الرسمي باسم "القطاع اليميني"، أرتيوم سكوروبادسكي، عن "كتيبة احتياط يتم تشكيلها لحماية كييف". فقد نقلت عنه صحيفة "فيستي" قوله إن "كتيبة المتطوعين 13 الجديدة التابعة لوحدات القطاع اليميني، ستبدأ بتنفيذ مهامها في أقرب وقت لحماية كييف". وأضاف أن "الكتيبة الجديدة يتم تشكيلها لحماية العاصمة في الحالات الطارئة، فنحن نخوض حرباً مع روسيا الفيدرالية".
ويبدو أن الصف الغربي الأوكراني إلى انقسام، فـ"القطاع اليميني" القومي المتطرف، الذي يشكّل "كتيبة" بدعوى حماية كييف من روسيا، قد يستخدمها في وقتٍ قريب للإطاحة بحكم الرئيس بيترو بوروشينكو، على خلفية هزائمه العسكرية في مواجهة الانفصاليين، ما يفتح أفقاً لحرب أهلية حقيقية في البلاد، وبالتالي استجرار مزيد من الضعف والهزائم.