التمويل الذاتي يعدم أحلام الشباب في تونس

25 أكتوبر 2016
شروط المصارف لا تناسب أصحاب المشروعات الصغرى (فرانس برس)
+ الخط -
قد يتوقف إنقاذ شاب في تونس من السقوط في براثن البطالة، على بعض مئات من الدنانير، بعد أن أوصدت الحكومة أبواب التوظيف أمام الفئة العمرية التي تقوم عليها أغلب الاقتصاديات، في وجوههم.
فغالباً ما تقف مبالغ بسيطة عائقاً أمام الشباب الراغبين في خلق مشاريعهم الخاصة ممن يعجزون عن توفير التمويل الذاتي قبل الحصول على القروض التي تمنحها المصارف الحكومية المختصة في تمويل هذا الصنف من المشاريع.
وتفرض مؤسسات التمويل، على الشباب الراغبين في إنشاء مشاريعهم الخاصة، توفير جزء من قيمة القرض كتمويل ذاتي يتراوح بين 5% و10% من قيمة المشروع، فيما يجد أغلب خريجي الجامعات أو مدارس المهن صعوبات كبيرة في توفير هذا الشرط، خاصة أن أكثرهم ينتمون إلى أوساط غير قادرة على مساعدتهم في بداية مشوارهم المهني.
وتقول نرجس، الحاصلة على شهادة "تقني" في الصناعات الغذائية، إنها تملك تصوراً كاملا لمشروع تحويل ثمرة التين الشوكي إلى مربى ومكملات غذائية، فضلا عن تثمين بذور هذه الثمرة ذات السمات الصحية العالية، مشيرة إلى أن آلاف الأطنان من التين الشوكي في منطقة الوسط الغربي تتلف في الوقت الذي يمكن تثمينها لخلق فرص عمل ومشاريع جديدة.
وأضافت نرجس لـ "العربي الجديد"، أن كلفة الوحدة الصناعية لتحويل التين الشوكي تقارب المليون دينار (416 ألف دولار).
وتؤكد أن الوحدة قادرة على خلق ما لا يقل عن مائة فرصة عمل مباشرة، غير أن ضعف الإمكانيات يعوقها لتحقيق حلمها، وهو ما يضطرها للانتظار في صفوف العاطلين عن العمل، لعلها تحصل على عقد عمل براتب لا يتجاوز 250 دولارا في أحسن الحالات، وفق قولها.
وتعد نرجس مثالا لآلاف الشباب التونسي، ممن يصطدمون بصعوبة إجراءات إنشاء المشاريع الخاصة وطول الإجراءات والشروط المجحفة التي تضعها مؤسسات التمويل للمصادقة على مشاريعهم.

وتقول نرجس: "كيف لشاب تخرج في الجامعة منذ أشهر ومن عائلة متوسطة أو ضعيفة الدخل، أن يوفر 10 آلاف دينار على الأقل لخلق مشروعه الخاص؟".
وتضيف أن عند زملائها أفكار مشاريع جيدة، لكن في غالب الأحيان لا يملكون حتى مصاريف التنقل إلى العاصمة أو المدن الكبرى لطرق أبواب مؤسسات التمويل والقيام بالإجراءات اللازمة لإنشاء مشاريعهم، ما يدفعهم في نهاية المطاف إلى الاستسلام للبطالة أو العمل في ظروف هشة.
وسعت الحكومة في مناسبات عديدة إلى التخفيف من طول وتعقيد الإجراءات المصاحبة لإنشاء المشاريع الصغرى للشباب، مع تمكينهم من امتيازات وتسهيلات محفزة، غير أن هذه الإجراءات لم تخفف من صعوبة الواقع الذي يصطدم به خريجو الجامعات ممن يريدون العمل لحسابهم الخاص.
ويمثل نفاذ خريجي الجامعات إلى سوق العمل، أهم المشاكل التي تواجهها الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 2011، ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة حسب آخر البيانات الرسمية إلى أكثر من 15.7%.
ويعتبر خبراء الاقتصاد أن خريجي الجامعات ومدارس المهن قادرون على خلق نسيج من المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تستوعب آلاف العاطلين عن العمل، غير أن بيروقراطية الإدارة وشروط التمويل المجحفة تعيق الاستثمار بجميع أشكاله، وهو ما يدعو إلى الإسراع في إعادة النظر في نظم العمل القديمة وتسهيل حصول الوافدين على سوق العمل إلى مصادر تمويل المشاريع.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن رئيس الحكومة السابق، الحبيب الصيد، عن حذف شرط التمويل الذاتي لإسناد القروض للمستثمرين الشباب، مؤكدا أن شهاداتهم العملية كافية لأن تكون الضمان.
غير أن أغلب الشباب ممن يمتلكون أفكاراً لمشروعات خاصة، يعتبرون أن الشروط التكميلية التي يضعها بنك التضامن الحكومي المختص في تمويل هذا الصنف من المشاريع، لا تزال قاسية ولا تمكنهم من الحصول على التمويلات بالسهولة التي وعدت بها الحكومة.

المساهمون