التجمع الوطني... كالقابض على الجمر

18 فبراير 2016
اليمين الإسرائيلي يستهدف زحالقة وزعبي وغطاس (فرانس برس)
+ الخط -
تحت قبة المؤسسة المفترض أنها "ديمقراطية" في الكياني الإسرائيلي تشرّع أغلب الممارسات العنصرية ضد الفلسطينيين، في فلسطين المحتلة عام 1948. هذه المرة قرر اليمين الإسرائيلي تصعيد هجمته العنصرية ضد نواب القائمة العربية المشتركة بغرض محاصرتهم وإسكات أي صوت يذكر الاحتلال بجرائمه ضد الفلسطينيين.


جمال الزحالقة، حنين الزعبي، باسل غطاس.. ثلاثة أعضاء عن التجمع الوطني الديمقراطي تحولوا إلى هدف لأكثر من تسعين عنصرياً استفزهم وقوف النواب الثلاثة إلى جانب من أعطاهم الثقة في الانتخابات الأخيرة من خلال تلبيتهم دعوة أهالي شهداء تحتجز اسرائيل جثامينهم ومساعدتهم على استعادتها وإنهاء مأساتهم المتواصلة.

هذه الخطوة "الخطيرة" وجد فيها اليمين الإسرائيلي بقيادة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مبرراً كافياً لبدء حملة شعواء ضد التجمع الذي يعتبر رأس حربة المواجهة السياسية مع الإسرائيليين داخل الخط الأخضر، مستنداً إلى تأجيج مشاعر الحقد القومي اليهودي تحت شعارات التعاطف مع عائلات الإرهابيين ومعاداة السامية والكثير غيرها من الاتهامات العنصرية، ليسارع إلى إبعادهم عن الكنيست تحت قانون "السلوك غير المناسب".

ولعل الأهداف الإسرائيلية (بشقيها اليميني واليساري) من التصعيد واضحة ومفهومة وتتمثل بوضع الفلسطينيين في الداخل بين خيارين، إما الانسلاخ عن هويتهم القومية والفلسطينية واندماجهم في المجتمع الإسرائيلي بشكل كامل، وإما مواصلة التحدي وتحمل التداعيات في كافة جوانب حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية..

إلا أن الأمر غير المفهوم وغير المقبول في آن هو صمت وعدم مبالاة السلطة الفلسطينية والفصائل على حد سواء إزاء ما يتعرض له شعبها في الداخل من هجمة ممنهجة، لا سيما أن كلا من فصائل "المقاومة" والسلطة الفلسطينية نصّبوا أنفسهم ناطقين باسم الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.. وهل من المنطقي أن تجهل هذه "القيادات" أو تتجاهل بصورة متعمدة ما يواجهه أبناء شعبها ممن أختاروا الصمود على أرضهم؟ هل من الطبيعي أن تتركهم وحيدين في معركتهم دون غطاء سياسي ومعنوي؟ ألا تعلم القيادة في رام الله أن عدم تحركها في المحافل الدولية سيفهمه الإسرائيلي على أنه قربان مجاني وبركة من بركات التنسيق الأمني.. كيف غاب عن فصائل "المقاومة" أن إسقاط فلسطينيي الداخل من حساباتها سيسقط معه شعارها "من النهر حتى البحر".. والأهم كيف تناسى الطرفان أن هناك ماكينة إعلامية تعمل ليل نهار من أجل تصوير الفلسطينيين داخل الخط الأخضر على أنهم خونة ومتآمرون ارتضوا العيش في الكنف الإسرائيلي، وأن تهميشهم في قائمة أولويات القيادة الفلسطينية سيعزز من هذه البروباغندا التي تحولت إلى قناعة راسخة في أذهاب بعض "الجهلة" في فلسطين والعالم..

وعلى الرغم من التآمر الإسرائيلي والإهمال الفلسطيني على حد سواء، لم ينأ التجمع الوطني الديمقراطي وفلسطينيو الخط الأخضر بأنفسهم يوماً عن هموم وقضايا شعبهم أينما حل، وأثبتوا حضورهم البارز في الكثير من الاستحقاقات الوطنية، ما يدفعنا إلى طرح السؤال الأهم هل هكذا يكافأ صمود من هو قابض على جمر الوطن.

(فلسطين)
المساهمون