البطالة تحاصر العراقيين... وسياسيون يتعمّدون تهريب الاستثمارات لتعظيم ثرواتهم

20 يوليو 2016
أسواق مقفرة نتيجة الانفجارات (صباح أرار/ فرانس برس)
+ الخط -
أنشأ العديد من أصحاب رؤوس الأموال العراقية مشاريع في مختلف البلدان العربية والأجنبية بفعل افتقار أرض الرافدين إلى الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي خلال السنوات الأخيرة، حيث يقدّر رئيس مجلس الأعمال العراقي -الأردني ماجد السعدي حجم الاستثمارات العراقية في الخارج بـ 250 مليار دولار، منها 11 مليار دولار في الأردن بمفرده. 

يمرّ العراق بأزمة اقتصادية ومالية خانقة دفعت الحكومة إلى إطلاق دعوات للمستثمرين المحليين والأجانب من أجل توظيف أموالهم في المشاريع السكانية والخدمية والصناعية لتحريك عجلة الاقتصاد وخفض نسبتي البطالة والفقر اللتين تبلغان 28% و30% على التوالي.
يرفض رجل الأعمال العراقي يوسف الكناني الدعوات التي أطلقتها الحكومة للعمل في العراق، معتبراً أنها غير جدية وغير مشجعة. ويشرح الكناني، الذي يدير مشاريع في دول عدة، لـ "العربي الجديد" سبب تركه الاستثمار في بلاده، قائلاً إن "البيئة العراقية غير مهيأة للاستثمار، بفعل تردي الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية مما يدفع المستثمرين إلى البحث عن بيئة مستقرة تحقق له أرباحاً، الأمر المتوافر في بعض الدول العربية والأجنبية". ويوضح أن "العديد من رجال الأعمال العراقيين أنشأوا معاملهم في دول عدة ويقومون بتصدير منتجاتها إلى العراق".

ويرى الكناني أن "أسباب هروب هذه الأموال إلى الخارج تعود أيضاً إلى انتشار الفساد المالي والإداري في مفاصل الدولة وضعف التشريعات القانونية التي تمنح تسهيلات لعمل القطاع الخاص".

ويشير إلى أن "أموال المستثمرين لا يمكن أن تعود إلى العراق خلال العقد المقبل، لأن البلاد مقبلة على فوضى كبيرة بسبب ضعف السياسيين وقلة الكفاءات وهذا ما سيؤثر على اقتصاد البلد"، مؤكداً أن "المسؤولية الوطنية تحتم علينا المساهمة في بناء الاقتصاد والوقوف مع الشعب العراقي لكن المشكلة أن القرار العراقي ليس بيده، وهناك فوضى كبيرة جداً في الاقتصاد بالإضافة إلى انتشار المليشيات والمجموعات المسلحة في أرجاء البلد".

ويحمل العديد من الاقتصاديين على الحكومة العراقية، متهمين إياها بالوقوف وراء طرد الاستثمارات من البلد بسبب صعوبة حصول المستثمر على موافقة جميع الوزارات المعنية، لتنفيذ مشروعه لغياب التنسيق فيما بينها ولافتقار البلاد إلى نظام مصرفي ناجح، بالإضافة إلى عدم وجود قطاع مواصلات جيد.

غير أن الباحث الاقتصادي علي حمادي، يرى أن هجرة الأموال العراقية إلى الخارج يقف وراءها السياسيون الذين من مصلحتهم بقاء الأوضاع على حالها دون تغيير. ويقول لـ "العربي الجديد" إن "ميزان المدفوعات العراقي يشهد عجزاً كبيراً منذ سنوات؛ وهذا سببه رجال الأعمال الذين معظمهم قيادات سياسية حيث قاموا بإنشاء مشاريع صناعية في الدول المجاورة وإرسال منتجاتهم إلى العراق"، مشيراً إلى أن "هؤلاء السياسيين تمكنوا خلال السنوات الماضية من إيقاف العمل بالقوانين التي تحمي المنتج المحلي مثل التعرفة الجمركية وحماية المستهلك والمنتج لأنه يضر بمصالحهم واليوم يدفعون الرشا إلى الموظفين الفاسدين لتجنب تطبيق القوانين عليهم".
ويبيّن أن "العديد من المشاريع الصناعية التي كانت تعمل في البلد جرى إيقافها عمداً من أجل السماح للمنتجات المصنعة في الخارج بالدخول إلى البلد"،
مضيفاً أن "تطبيق القوانين الاقتصادية ضعيف جداً، وبإمكان أي كان التلاعب في القوانين".
ويلفت الانتباه إلى أنه "ليس من حق المستثمر المحلي مغادرة البلد والبحث عن بيئة أخرى لأن البلاد تحتاج إليه في الوقت الحالي لبناء اقتصاد حر وتحريك القطاعات الإنتاجية الأساسية، وهذا أمر وطني لا يتعلق بجني الأموال والأرباح"، مؤكداً أن "عودة هذه الأموال تعتبر خطوة مهمة لإعادة بناء البلد والتخفيف من معاناة ملايين المواطنين".

لا يتفق رئيس مجلس الأعمال الوطني العراقي، داود عبد زاير، مع السعدي حول حجم الأموال العراقية الموظفة خارجه، قائلاً لـ "العربي الجديد"، إن "هذا الرقم المشار إليه ضخم ولا اعتقد أنه صحيح".
ويوضح أن "العراق بيئة طاردة للاستثمار بسبب المشاكل السياسية والفساد والبيئة القانونية والبيروقراطية"، مبيناً أن "تطوير البيئة القانونية ممكن حالياً لكن تبقى مشكلة الأمن مشكلة رئيسية للمستثمر المحلي والأجنبي".

إلى ذلك، لا تعارض لجنة الاستثمار في البرلمان العراقي هجرة الاستثمارات العراقية واصفة أياها بالخطوة الجيدة، وذلك على لسان نائب رئيس اللجنة حارث الحارثي.
ويقول الحارثي إن "استثمار العراقيين أموالهم في مشاريع خارج البلد خطوة جيدة"، مشيراً إلى أن "المستثمرين العاملين خارج العراق لديهم مشاريع داخل البلد وهذا لا يؤثر على الاقتصاد".
وبوضح أن "العراق يتجه اليوم لبناء اقتصاده بشكل متين، في سبيل تجنب الأزمات الاقتصادية عبر الاهتمام بالمستثمرين وتسهيل عودة أصحاب رؤوس الأموال العراقيين والأجانب إلى العمل في البلد دون تأثّر أعمالهم". ويختم بالقول إن "العراق بيئة مربحة وهناك ضمانات للمستثمر عند عمله مع تمتعه بحرية السوق".
المساهمون