الانتخابات البريطانية: "قلق" إسرائيلي على كاميرون

02 مايو 2015
ألغى كاميرون قانوناً كان يزعج الإسرائيليين (توبي ملفيل/Getty)
+ الخط -
تُبدي أوساط اسرائيلية عدة، قلقها من احتمالات تغيير المشهد السياسي البريطاني، في الانتخابات العامة المقررة في السابع من مايو/أيار المقبل. وذكر تقرير لصحيفة "هآرتس" في هذا السياق، أن "الاحتمال المعقول لإمكانية خسارة رئيس الحكومة، المحافظ، ديفيد كاميرون في الانتخابات، يُزعج دبلوماسيين ونشطاء إسرائيليين يعملون في لندن، وهم لا يخفون ذلك، على الرغم من الموقف الرسمي المُعلن بعدم التدخل في الشؤون البريطانية الداخلية". وتلفت الصحيفة في التقرير، إلى أن "كاميرون يحظى بإجماع في صفوف الدبلوماسيين والناشطين الإسرائيليين في بريطانيا، على اعتبار أنه لم يتوفّر في السابق، رئيس حكومة مناصر لإسرائيل مثل كاميرون".

وتعكس هذه المخاوف بحسب التقرير، عمق المساندة التي وفّرها كاميرون للسياسات الإسرائيلية المختلفة، بما في ذلك وقوفه العلني إلى جانب الاحتلال خلال العدوان الأخير على غزة، وتأكيده "حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها".

ومع أن التقرير لا يتناسى مساهمة رؤساء بريطانيين سابقين للاحتلال الإسرائيلي، بمن فيهم غوردون براون وتوني بلير من حزب "العمال"، فإنه يوضح بشكل غير مسبوق، أن ما يميز كاميرون عن براون وبلير، هو عدم الاكتفاء بالمساندة الإعلامية والسياسية لإسرائيل، وإنما سعيه إلى تنفيذ وعوده.

وسعى كاميرون إلى تغيير القانون البريطاني، الذي كان يُجيز إصدار مذكرات اعتقال ضد المسؤولين الإسرائيليين، المتهمين بارتكاب "جرائم حرب"، فقد كان الإسرائيليون يخشون زيارة لندن، قبل تعديل القانون، واضطر عدد من مسؤوليهم، منهم وزيرة العدل السابقة تسيبي ليفني، ورئيس أركان الجيش السابق غابي أشكنازي، وشاوول موفاز، إلى البقاء داخل الطائرة أثناء رحلاتهم إلى بريطانيا، وعدم النزول منها إلى أرض مطار هيثرو، خوفاً من تنفيذ مذكرات الاعتقال بحقهم.

اقرأ أيضاً: فلسطين في صلب برامج الانتخابات البريطانية

كذلك يكشف تقرير "هآرتس"، مدى الدور الكبير لكاميرون، أكثر من أي زعيمٍ دولي آخر، من أجل إقرار العقوبات الاقتصادية على إيران، عبر استغلال حقيقة تطور مكانة لندن كعاصمة مالية واقتصادية عالمية. وبحسب دبلوماسيين إسرائيليين، فإن كاميرون عمل على قطع إيران عن الجهاز المصرفي والاقتصادي العالمي، كما وضع أمامها مصاعب جمّة، لضمان تأمين ناقلاتها النفطية بصمتٍ، بعيداً عن أنظار وسائل الإعلام. كما أوعزت حكومته إلى رؤساء المصارف البريطانية وشركات التأمين، خلافاً حتى لتوصيات الخارجية البريطانية، بوقف التعامل مع الشركات الإيرانية.

ويشير التقرير أيضاً إلى أنه "خلافاً للانطباع السائد، فإنه وأثناء العدوان الإسرائيلي على غزة، وعلى الرغم من بيان وزارة الأعمال البريطانية بشأن دراسة إمكانية تزويد إسرائيل بالسلاح، بعد انهيار وقف إطلاق النار، فقد كان البيان مجرّد تصريح من دون أي قيمة حقيقية ولا أي نية لتنفيذ ما جاء فيه".

وبيّن أن "المحافظين في حكومة كاميرون أكدوا لنظرائهم في إسرائيل، أن لا قيمة لبيان وزارة الأعمال، وبالفعل لم يحصل أي شيء مما جاء في البيان، بعد استئناف إسرائيل القتال بعد انهيار وقف إطلاق النار". وبطبيعة الحال، فإن تقرير "هآرتس" يقلّل من صدقية التقارير والاتهامات الداخلية البريطانية، بأن سياسة كاميرون المناصرة لإسرائيل، جاءت بفعل تأثير المال اليهودي، والدعم الذي يلقاه حزبه من الجاليات اليهودية في بريطانيا. ويؤكد التقرير أنه "حتى لو قام كاميرون بأقلّ مما فعله لصالح الاحتلال الإسرائيلي، فسيظلّ الأكثر قبولاً لدى مؤيدي إسرائيل في بريطانيا وفي الداخل الإسرائيلي، من منافسه زعيم حزب "العمال" إيد ميليباند.

لكن الدور الإسرائيلي في الانتخابات البريطانية لا يقف عند "إبداء المخاوف من هزيمة كاميرون"، وهو ما يُمكن ترجمته عملياً إلى دعوة يهود بريطانيا، للتصويت إلى جانب كاميرون وحزبه، والابتعاد عن "العمال". وخصّصت "هآرتس" مساحة في التقرير أيضاً للمرشح اليهودي العراقي الأصل، ريموند شايمش، الذي ينافس على مقعد في البرلمان البريطاني، عن حزب "الاستقلال" اليميني المتطرف، في دائرة هيندون في لندن، التي تقطنها أغلبية من المهاجرين من البلدان الإسلامية.

وتوضح الصحيفة أن "شايمش، الذي عاش في إسرائيل حوالي 40 عاماً، كان ناشطاً في الليكود، ولا يخفي برنامجه المعادي للمهاجرين إلى بريطانيا من أصول إسلامية، بل عبّر عن رغبته بالحفاظ على بقاء الجاليات اليهودية في بريطانيا، وحماية ما يدّعيه من قيم ليبرالية وديمقراطية مشتركة لليهود وللبريطانيين، لا يشاطرهم إياها البريطانيون من أصول إسلامية".

ويدعو شايمش أيضاً في حملته الانتخابية، إلى "وجوب تحديد قوانين الهجرة وحماية حدودنا، حتى لا نصل إلى وضع تتحول فيه الكَنَس اليهودية في بريطانيا إلى متاحف، لقلّة مرتاديها وهجرة اليهود من بريطانيا". ومع أن التقرير يوضح أن "شايمش يتحدّر من من أصول عراقية، وأن والديه هاجرا إلى بريطانيا مطلع القرن الماضي"، إلا أنه ينقل عن شايمش قوله إن "الظروف تغيّرت الآن، خصوصاً أن غالبية المهاجرين الجدد إلى بريطانيا، هم من باكستان والسودان والصومال وأفغانستان، وجميعهم من المسلمين". وخلصت الصحيفة مع ذلك، إلى التأكيد أن "فرص شايمش بدخول البرلمان البريطاني ضئيلة حالياً".

إلى ذلك، وفي سياق التغطية الخاصة للانتخابات، ألقت "هآرتس" الضوء على المنافسة الشديدة بين عضو البرلمان البريطاني، جورج غالاوي الذي سبق له أن تحدّى إسرائيل عبر إدخال الأدوية والمواد الغذائية لقطاع غزة، وانتقد سياستها وممارستها الاحتلالية، في مقابل مرشحة باكستانية الأصول، تدعى ناز شاه، اشتهرت بفضل نشاطها في مجال حقوق الإنسان، ونضالها للتحرر من زوجها، الذي أُجبرت على الزواج منه وهي في العاشرة من عمرها في إيران. ويخوض الثنائي معركة انتخابية في دائرة برادفورد التي تبعد عن لندن 320 كيلومتراً.

اقرأ أيضاً روتشديل: صورة عن بريطانيا

المساهمون