الإرادة الدولية والثورة السورية

03 مارس 2018
إرادة دولية بعدم إنشاء مؤسسة عسكرية للثورة(بهاء الحلبي/الأناضول)
+ الخط -
قد يعكس أداء الأمم المتحدة تجاه قضية ما محصلة الإرادات الدولية حيال تلك القضية، إلا أن معرفة الإرادة الدولية تجاه الحالة السورية تشذ في كثير من الأحيان عن هذه القاعدة المنطقية، بسبب تضارب مصالح الدول المتدخلة في الشأن السوري، وتغير تلك المصالح وفق المتغيرات المتسارعة على الساحة السورية. إلا أن هناك إرادة دولية بقيت ثابتة حول مجموعة من القضايا التي تخص القضية السورية، ولم تتغير منذ بداية الثورة السورية وحتى الآن.

فعلى المستوى العسكري كان هناك إرادة دولية، اتفقت عليها معظم الدول المتدخلة في الشأن السوري منذ بداية الثورة، تقوم على عدم السماح بإنشاء مؤسسة عسكرية في جانب الثورة ممأسسة بشكل صحيح، وتدار من قبل أصحاب الخبرة، ويمكنها أن تستقطب المزيد من الضباط المنشقين، وتحويل العمل العسكري في طرف المعارضة إلى عدد من الفصائل يقودها أمراء حرب بتبعيات مختلفة وإيديولوجيات مختلفة، يتم التحكم بها من قبل الدول التي تدعمها بشكل مباشر، كما يسهل خلق صراعات فيما بينها وقت الحاجة. وعلى مستوى العمل المدني، كان هناك إرادة دولية واضحة بعدم السماح بمأسسة أي عمل مدني يدار من قبل الذين ثاروا على النظام، وانطلاقاً من الأهداف التي خرجت من أجلها الثورة، مقابل إرادة واضحة بتسليم قيادة العمل المدني لمن استغلوا الثورة من أجل تحقيق أجندات خاصة بهم.

وعلى مستوى التمثيل السياسي كان هناك إرادة دولية واضحة بفصل ممثلي قوى الثورة والمعارضة السياسيين عن الحامل الشعبي للثورة، وعن الحامل العسكري لها، وتحويل ممثلي الثورة السياسيين إلى هيئات غير قادرة على تطبيق مخرجات أي من الاتفاقات التي تعقد معها أو المفاوضات التي قد يتم التفاوض بشأنها. وعلى مستوى السلطة التنفيذية، التي تدير شؤون المواطنين، كان هناك إرادة دولية واضحة بعدم السماح لكل التكنوقراط، الذين انشقوا عن النظام، بإقامة أي جسم حكومي يؤهله لاستلام الخدمات الحكومية التي يقدمها النظام. فرغم إنشاء حكومة مؤقتة، إلا أن التعامل معها كان يتم على أساس اعتبارها أقل من مستوى جمعية خيرية. إذاً الثابت في الإرادة الدولية تجاه الثورة السورية هو عدم السماح بنجاحها، رغم التأييد الظاهري لمعظم دول العالم لها.