حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك من احتمال تسرب نفط الناقلة صافر إلى البحر، مشدداً على أن تبعات ذلك ستكون كارثية على حياة ملايين اليمنيين الذين يعتمد الكثير منهم على المساعدات الإنسانية.
وأوضح لوكوك، خلال جلسة خاصة عقدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك، عن بعد، حول اليمن لمناقشة قضية الناقلة النفطية صافر والمخاطر البيئية والاقتصادية التي قد تنجم عن تفككها أو تسرب النفط منها، أن تسرب نفط صافر سيؤثر على سكان المناطق الساحلية، وخاصة في تعز والحديدة وحجة والتي تقع أغلبها في مناطق تسيطر عليها جماعة أنصار الله (الحوثيين).
وحول التسرب الذي سُجل في نهاية مايو/أيار، قال لوكوك "إن مياه البحر بدأت تتسرب إلى غرفة محرك الناقلة في السابع والعشرين من شهر مايو/أيار، الأمر الذي جعلها عرضها لاحتمال الغرق بشكل كامل، ولو حدث ذلك فإنه من المرجح أن يؤدي إلى تسرب نفطي كبير."
وأضاف أن الناقلة تحمل قرابة 1.1 برميل من النفط، وهذه الكمية تعد أربعة أضعاف كمية النفط التي تسربت قبل ثلاثين عاماً في كارثة إكسون فالديز في آلاسكا، والتي ما زال العالم يتحدث عنها بعد ثلاثين عاماً من وقوعها.
لوكوك: الناقلة صافر تحمل قرابة 1.1 برميل من النفط، وهذه الكمية تعد أربعة أضعاف كمية النفط التي تسربت قبل ثلاثين عاماً في كارثة إكسون فالديز في آلاسكا
وقال لوكوك إن تسرب المياه إلى غرفة محرك الناقلة صافر كان قليلاً نسبياً بحيث تمكن الغواصون العاملون في شركة صافر من احتوائه، مشيراً إلى أن ذلك استغرق خمسة أيام قضى فيها الغواصون قرابة 28 ساعة عمل تراكمية تحت الماء. وأكد في الوقت ذاته أن الإصلاح مؤقت ولا يمكن حتى معرفة المدة التي يمكنه أن يصمد، وحث المجلس على التحرك وبسرعة.
وأوضح لوكوك أنه في حال وقع التسرب خلال الشهرين القادمين، فإن الخبراء يتوقعون أن يؤثر ذلك وبشكل مباشر على حياة 1.6 مليون يمني، لافتاً إلى أن ذلك سيؤدي إلى انهيار مصدر رزق المجتمعات اليمنية على طول الساحل الغربي والتي تعتاش من الصيد.
وذكر أن 90 بالمائة من الناس في منطقة الساحل الغربي يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن تقديرات الخبراء تشير في هذا السياق إلى أن النفط، إن تسرب خلال الأشهر القادمة، فإنه سيبقى قبالة السواحل اليمنية بسبب العوامل الموسمية، مما سيحول دون وصول السفن لميناء الحديدة لأسابيع أو أشهر.
وذكر أن اليمن يستورد تقريباً كل حاجياته، وأن أغلبها يأتي عن طريق ميناء الحديدة وميناء الصليف القريب، لافتاً إلى أن وقف الملاحة لفترة ما في أي من المينائين سوف يؤدي إلى وقف وصول نسبة مهمة من المواد الغذائية التجارية والمساعدات الإنسانية إلى اليمن.
وقال إن تبعات ذلك على اليمن، وخاصة المناطق التي يعاني فيها اليمنيون من الجوع، ستكون وخيمة وسيزيد من معاناة الشرائح الضعيفة أصلا، محذراً من أن ذلك سيوجه ضربة قوية للاقتصاد في اليمن الذي يعاني من مشاكل وخيمة. وأشار إلى أن الملاحة في الدول المجاورة ستتأثر كذلك.
وتطرق لوكوك إلى عدد من العوائق التي حالت دون تمكن الأمم المتحدوة من الوصول إلى الناقلة، مشيراً إلى أن الحكومة اليمنية والحوثيين طلبوا مساعدة الأمم المتحدة فيما يخص الناقلة عام 2018، وأن الأمم المتحدة لم تتمكن منذ ذلك الوقت من إجراء زيارات تقييمية أو القيام بأي أعمال صيانة.
وبين أن الوضع الأمني خلال عام 2018، والذي تمثل بالهجمات التي قادها التحالف بقيادة السعودية على المنطقة، حال دون وصول أي فريق من الأمم المتحدة للناقلة ولأسباب أمنية، مشيراً إلى أنه، وبعد توقيع اتفاق الحديدة في ستوكهولم وبدء تنفيذه بداية عام 2019، أصبح ذلك ممكناً.
وقال إن الأمم المتحدة كانت في تواصل دائم مع الأطراف للحصول على التصاريح اللازمة من الطرفين، الحكومة وأنصار الله، للوصول إلى الناقلة، مشيراً إلى أن الحكومة اليمنية سعت وبشكل فعال لتسهيل الوصول إلى صافر، في حين أن موافقة الحوثيين كانت فقط لفظية ولم تشمل التنفيذ. وأوضح لوكوك أن الحوثيين ربطوا الوصول إلى الناقلة بشروط أخرى لا علاقة لها بالموضوع، محاولين تحقيق مكاسب سياسية.
لوكوك: الحوثيون ربطوا الوصول إلى الناقلة بشروط أخرى لا علاقة لها بالموضوع، محاولين تحقيق مكاسب سياسية.
وبين لوكوك أن واحداً من المطالب الرئيسة والمتكررة للحوثيين في هذا السياق كانت نشر آلية الأمم المتحدة للتحقيق والتفتيش في الحديدة، قبل السماح لفريق الأمم المتحدة بالوصول إلى الناقلة، مشدداً على أن فرق العمليات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة لا يمكنها التدخل بأي عملية سياسية أو ممارسة عملها لا يمكن ربطها بالحراك السياسي ومطالب الحوثين في هذا الصدد تتعلق باتفاق بين الأطراف لا علاقة له بالناقلة.
وحول آخر التطورات على الأرض والاتفاق مع الحوثيين، قال لوكوك إنه حصل على تأكيد على السماح للفريق التابع للأمم المتحدة من دخول البلاد والوصول إلى المنطقة، موضحاً أن الأمم المتحدة كانت حصلت على تأكيدات مشابهة في أغسطس من العام الماضي، وعلى هذا الأساس، نشرت فريقاً أممياً والمعدات اللازمة في جيبوتي، وكانت تكلفة ذلك كبيرة، وأن الحوثيين ألغوا حينها تلك المهمة في الليلة التي سبقت مغادرة الفريق.
وأكد لوكوك إنه قدم خطة مفصلة حول طاقم البعثة والمعدات وغيرها وبعثها إلى كل من الحكومة اليمنية والحوثيين وفي انتظار الموافقة عليها كي يبدأ الفريق بالتحرك في غضون ثلاثة أسابيع.
ولفت لوكوك إلى أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تبحث حالياً في كيفية تغطية تكاليف تلك البعثة، وركز في إحاطته، على تسرب النفط الذي حدث في شهر مايو/أيار وإصلاحه بشكل مؤقت، ثم تبعات التسرب المحتمل على السكان المحليين، وما تقوم به الأمم المتحدة حالياً، والخطوات المتوقعة مستقبلاً.
وقدمت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، أنغار أدرسون، كذلك قراءتها للوضع خلال جلسة مجلس الأمن الخاصة.
ومن ضمن مهام البعثة، التي يتوقع أن يتوجه فريقها إلى اليمن خلال الأسابيع القادمة، تقييم الضرر الفني وإجراء إصلاحات أولية، كما سيقدم الفريق تقريراً بشأن أي إجراءات متبقية ستكون ضرورية لتجنب التسرب النفطي، والذي ستكون تبعاته على الاقتصاد والبيئة وحركة الملاحة كارثية، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وأصدر مجلس الأمن الدولي بياناً صحفياً بعد الجلسة يدعم جهود الأمم المتحدة ويؤكد على ضرورة التحرك والسماح لفريق الخبراء بالوصول إلى الناقلة.
يُذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يخصص فيها مجلس الأمن جلسة كاملة لنقاش قضية الناقلة، وحضر الجلسة كل من سفراء السعودية ومصر ووزير الخارجية اليمني، وقدموا مواقف بلادهم التي أكدت على ضرورة وصول الأمم المتحدة وفريقها إلى الناقلة.