الأسد يكرس سورية المفيدة

30 مايو 2016
الأسد بدأ العمل المركّز والإعداد العلني للتقسيم (Getty)
+ الخط -

 

لم تصل المعارضة السورية، رغم خمس سنوات من الحرب بمستوياتها المختلفة مع نظام الأسد، إلى "التقية" في التعامل، إذ تؤثر الوضوح بين المخطط والمنفذ والسعي إلى سورية واحدة، في حين يستمر الأسد وبعد دروس طهران خاصة، بالمناورة في العلن على الشعارات العريضة والقضايا القومية، لكنه يعمل واقعياً على أضيق، حتى من سورية المفيدة، التي يعتبرها الملاذ الأخير لنظامه ومناصريه، بعد أن فشلت جميع المحاولات وخابت أمانيه بوعود الروس وربما الأمريكان، بالاحتفاظ بكامل سورية.

وبين حين وآخر، تفضح أعمال الأسد شعاراته، فتظهر مخططات التقسيم التي تسعى لتنفيذها إيران لتبقيه على حكم بعض المدن لتنقذ مشروعها الفارسي من الانهيار، حتى إن احتفظت بملامح جغرافيا، توصل ما تسيطر عليه في العراق مع ما تبسط عليه نفوذها في لبنان، عبر ما يسمى، سورية المفيدة.

قصارى القول: في سابقة هي الأولى بعد خمس سنوات تفجير وقصف في سورية، يقدر المدير القانوني بمحافظة طرطوس، حجم الأضرار الناجمة عن التفجير الذي طاول طرطوس وجبلة الساحليتين، قبل عشرة أيام وأتى على نحو مائة سوري من مؤيدي الأسد، فضلاً عن تخريب بعض البنى والمنشآت.


اللافت في الأمر، وما أن خرجت التقديرات حتى وجّه بشار الأسد بمنح تعويض فوري للمتضررين من جراء "التفجيرات الإرهابية" في المدينتين الخاضعتين لسيطرته، وتقديم منح مالية فورية لذوي القتلى والجرحى.

ولم تقتصر إنسانية النظام السوري على مساعدة القتلى والجرحى، بل أمر بصرف مبلغ 500 مليون ليرة لدعم الإقلاع بمشفى مدينة جبلة، ومبلغ 350 مليون ليرة لبناء تجمع طبي آخر في المدينة ذاتها.

ربما من غير المفيد مقارنة حرص النظام السوري على إعادة بناء مشفى جبلة ومساعدة المتأذين من جراء التفجير فوراً، في حين يستمر بقصف المشافي والمراكز الطبية في مناطق سيطرة المعارضة، وكان آخرها مشفى القدس في حلب، وقتل كل من فيه، من مرضى وكادر طبي، ولا حتى ربما من جدوى بالبحث في لماذا ينصب الاهتمام هنا وتتجلى الدولة بأقوى معالمها، في حين لم تسلم منشأة بمناطق المعارضة من القصف فضلاً عن قتل وتهجير السكان، طالما يتم الإعداد للدويلة المنشودة، منذ تمت سرقة ونقل خطوط إنتاج منشآت حلب، إلى مدن الساحل السوري، قبل ثلاثة أعوام.

وليكتمل المشهد، وجه بشار الأسد شخصياً، لتقديم منحة مالية فورية لمحافظة السويداء جنوبي سورية بقيمة 1.5 مليار ليرة، لإشادة مشروعات خدمية وتنموية بقيمة 4 مليارات ليرة سورية، في حين يستمر قصف مدينة درعا المجاورة الخارجة عن سيطرته، لتهديم المشروعات الخدمية والتنموية.

نهاية القول: بعيداً عن البحث بمصطلح "سورية المفيدة" التي فضحتها الخرائط المسربة عن "الكبار" ويسعى لها الأسد، وهل ما سيفيض من سورية عن تلك "المفيدة" سيكون مضراً أو خارج الاهتمام الدولي.

لم تك أفعال النظام السوري بهذي العلانية من ذي قبل، فكان الشق الاستثماري بالموازنة العامة، الذي لا ينفذ منذ مطلع الحرب أكثر من 10% منه، يشمل مشروعات بكامل سورية، كما كانت الخطابات والقرارات الاقتصادية تطاول، وإن نظرياً، كل السوريين، بيد أن المراقب للأداء الحكومي الأسدي أخيراً، يلحظ ودونما عناء التحليل والتأويل، أن الأمل بكامل سورية قد تلاشى، ما دفع بالأسد لخلع قناع الوطنية وبدء العمل المركز والإعداد العلني للتقسيم.






المساهمون