الأزمة السعودية-الكندية تصدم الإعلام الأميركي: ما هكذا تكون الإصلاحات

07 اغسطس 2018
اعتقلت السلطات السعودية الناشطة سمر بدوي أخيراً(جيويل ساماد/فرانس برس)
+ الخط -

الصدمة؛ هكذا يمكن اختصار حالة الإعلام الغربي في تغطية الأزمة الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وكندا. إذ بعدما نجح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في بيع الولايات المتحدة "صورة عن نظام متطور في المملكة، لزيادة الاهتمام بالاستثمار السياسي والاقتصادي في الرياض" (ذا غارديان، مارس/آذار 2018)، أعاد الإعلام الأميركي النظر في خطواته "الإصلاحية".

صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية رأت أنه بطرد السفير الكندي، فإن محمد بن سلمان يقوض الإصلاحات التي قام بها. ووصفت موقف السلطات السعودية بـ "انتقام عدواني لا داعي له"، معتبرة أن هدفه "ترويع المنتقدين وإجبارهم على الصمت". وانتقدت الغرب الذي اعتاد "الاعتراض والتوحد ضد مثل هذا التحرك في الماضي"، وخاصة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي أعطى إشارات عن "إذعانه، إن لم يكن ولعه، بسلوك المملكة الاستبدادي"، فضلاً عن محاولاته الشخصية للتنمّر على رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، في يونيو/حزيران الماضي، ما "يمكن أن يكون قد أعطى محمد بن سلمان مزيداً من الجرأة" في خطوته الأخيرة.


وفي صحيفة "واشنطن بوست"، شدّد الكاتبان، كريم فهيم وأماندا كوليتّا، على أن "إقدام السعودية على قطع العلاقات مع كندا هو تحذير شديد للمنتقدين المستقبليين". ورأى فهمي وكوليتّا أن ولي العهد السعودي "يوجّه رسالة إلى الآخرين الذين قد يفكرون في انتقاد السياسة السعودية، كما فعلت دول أوروبية عدة في موضوع اليمن".


حالة الصدمة التي يعيشها الإعلام الأميركي لديها خلفياتها. إذ أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها المملكة انتقادات لانتهاكها حقوق الإنسان، وتحديداً هذه ليست المرة الأولى التي تنتقد فيها كندا الحكومة السعودية، منذ البدء باعتقال الناشطات، في مايو/أيار الماضي.

ولم يصدر عن السلطات السعودية مثل هذا الموقف رداً على الانتقادات تاريخياً، ما يعكس "مدى التغيير الذي يشعر السعوديون أنهم مخولون للسعي وراءه"، وفقاً للكاتب الباكستاني في موقع "هاف بوست"، أكبر شاهد أحمد. كما أن هذا السلوك "يختلف عما كنا سنراه في المملكة العربية السعودية قبل وفاة الملك عبدالله... كانت المملكة لن تصدر أي تصريح إطلاقاً"، وفقاً للمسؤول في وزارة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، بيري كامّاك.

"هاف بوست" حمّلت أيضاً ترامب المسؤولية، معتبرة أن "بفضله، المملكة العربية السعودية لن تتقبل الانتقادات الخفيفة حتى من أصدقائها الآن". واتهم الكاتب أكبر شاهد أحمد إدارة ترامب بـ "مباركة القمع صراحة".


وبعيداً عن ردّة فعل المملكة "غير المعتادة"، جزء من صدمة الإعلام الغربي مردّها إلى عدم خجل السلطات السعودية من التحدث عن أو التدخل مباشرة في شؤون الدول الأخرى، وبينها اليمن والبحرين وقيادة الحصار الرباعي ضد دولة قطر.


وكالة "بلومبرغ"
وصحيفة "وول ستريت جورنال" ركزتا على الشق الاقتصادي في الأزمة. وأشارت محللة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة "ستراتفور إنتربريزس"، إميلي هوثورن، إلى أن التحرك ضد كندا "يوحي بأن حكومة المملكة العربية السعودية لن تخضع للضغوط الخارجية في ما تعتبره قضايا الأمن القومي، بما في ذلك الحد من حرية الناشطين الذين اختلفوا معها في الماضي". وقال المتخصص في الشأن السعودي في "جامعة جورج تاون" في واشنطن، بول سوليفان: "من الواضح أن محمد بن سلمان يتبع سياسة خارجية أكثر وطنية وعدوانية من السابق".

يذكر أن المملكة العربية السعودية علّقت العلاقات الدبلوماسية وجمدت التعاملات التجارية والاستثمارات الجديدة مع كندا، يوم الأحد، رداً على مناشدة أوتاوا الرياض للإفراج عن الناشطين والناشطات في مجال حقوق المرأة، وآخرهن سمر بدوي. كما سحبت طلابها من الجامعات الكندية.


وطالبت "منظمة العفو الدولية" (أمنستي) المجتمع الدولي بالدفاع عن الناشطين في حقوق الإنسان المعتقلين في المملكة، بعد طرد السفير الكندي. وشددت على أنه "لا يمكن للعالم غض النظر عن الاضطهاد المستمر للمدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية"، داعية الحكومات إلى الانضمام إلى كندا للضغط على السلطات السعودية، للإفراج عن معتقلي الرأي فوراً ومن دون أي شروط.


وتعد كندا ثاني دولة تقيد المملكة علاقاتها معها، ضمن أعضاء مجموعة الدول السبع، في أقل من عام. إذ استدعت سفيرها في ألمانيا وقلصت العلاقات التجارية مع بعض الشركات الألمانية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد أن اعتبر وزير الخارجية الألمانية حينها أن المملكة نسقت الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، وهو اتهام تنفيه.