استمع إلى الملخص
- **الوضع الميداني والدبلوماسي:** استأنف حزب الله عملياته ضد الجيش الإسرائيلي، بينما لم تنجح المساعي الخارجية في التوصل إلى تسوية لوقف إطلاق النار في غزة.
- **تحليل وتوقعات:** المحللون يرون أن خطاب نصر الله يشير إلى مرحلة جديدة من المواجهة مع إسرائيل، مع توقعات بتصعيد كبير قد يمتد إلى حرب شاملة تشمل إيران ولبنان وسوريا والعراق واليمن.
ترك نصر الله الباب مفتوحاً حول رده المحتمل على اغتيال فؤاد شكر
خبير: الوضع آيل إلى حرب مفتوحة لا محالة
إسرائيل كسرت قواعد الاشتباك
أبقى خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الغموض قائماً حول رد الحزب "الحتمي والمدروس" على اغتيال قائده فؤاد شكر في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت مساء الثلاثاء الماضي، ما يجعل الترقب سيد المشهد في الفترة المقبلة، خصوصاً أن تهديد الحزب يتزامن مع انتظار رد توعدت به إيران على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، على أراضيها.
وستبقى الأنظار شاخصة إلى الميدان خلال الأيام المقبلة في منطقة تتأرجح بين احتمالات البقاء في حالة تصعيد تحت سقف الحرب أو الانزلاق إلى حرب شاملة، وهو احتمال قائم بقوة، خصوصاً أن المساعي الخارجية لم تنجح بعد في التوصل إلى تسوية بوقف إطلاق نار في غزة، كما أن الحراك الدبلوماسي الدولي لبنانياً يصطدم بموقفٍ حاسم ونهائي من حزب الله باعتبار لبنان جبهة إسناد لغزة.
واستأنف حزب الله مساء الخميس عملياته العسكرية ضد مواقع وتجمعات جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد "تعليقها" منذ ليل الثلاثاء، عقب اغتيال فؤاد شكر، لتعود المواجهات بطابعها التصعيدي إلى الميدان، علماً أن الأمين العام للحزب حسن نصر الله فصلها عن الرد على عملية الاغتيال.
وأعلن نصر الله في كلمة له، الخميس، أن حزب الله يبحث عن "رد حقيقي ومدروس جداً"، مؤكداً كذلك الدخول في مرحلة جديدة ومختلفة من المواجهة الحدودية مع إسرائيل. وجدد تأكيد أن كل الضغوط لن تنفع، وأن الحل الوحيد يبقى بوقف العدوان على غزة، في رسالةٍ إلى العالم والمجتمع الدولي، الذي يكثف حراكه للتهدئة ونزع فتيل الحرب الواسعة.
وأبقى نصر الله من خلال تلويحه بأن الرد لن يكون متسرعاً، احتمال عدم توسع رقعة الحرب قائماً، إذ راح البعض إلى تفسير كلامه بأن "الرد المدروس يؤكد أن حزب الله لا يزال غير راغب بالحرب أو إعطاء أي ذريعة لإسرائيل لشن عدوان شامل على لبنان".
وقال مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد" إن "الأنظار ستبقى على الميدان، والرد على العدوان واغتيال شكر آتٍ، لكن لا يمكن الكشف عن توقيته وطبيعته، فلينتظر العدو، وليُفاجأ لاحقاً". وأشار المصدر إلى أنّ "الحراك الدولي الحاصل في لبنان لا ينفع، لأن المشكلة ليست هنا، وعلى الوفود أن تتحدث إلى الإسرائيليين، فليوقفوا عدوانهم على غزة، وعندها تتوقف جبهة الإسناد اللبنانية"، لافتاً إلى أنه "رغم كل التطورات، نحن لا نريد الحرب، ولا نزال نرى أنها لن تحصل، أقله حالياً، نظراً للأزمات التي يعاني منها العدو وخسائره الكبيرة، ولكن هذا لا يعني أننا نتفرج على الاستهدافات الإسرائيلية، بل كما قلنا سابقاً، سنرد على كل استهداف بمثيل له، وكل توسعة بتوسعة".
دبلوماسياً، قالت أوساط رسمية حكومية لـ"العربي الجديد"، إنّ "جولة الوزيرين البريطانيين، الخارجية ديفيد لامي والدفاع جون هيلي، لم تقدّم اقتراحات حل أو مبادرات معينة، لكنها تركزت على التحذير من خطورة التصعيد وانعكاسات توسعة المواجهات على المنطقة ككلّ وليس فقط لبنان".
وأشارت الأوساط إلى أن "الوفد البريطاني تحدث عن ضرورة دفع المسؤولين اللبنانيين نحو التهدئة والتدخل لأجل ذلك، فكان الرد اللبناني بأنه لا يريد الحرب، مطالباً في المقابل الدول بالضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة ولبنان". كذلك، قالت الأوساط إن "الوزيرين البريطانيين أكدا استمرار الجهود المكثفة لمحاولة منع انزلاق الأوضاع نحو حرب شاملة، لكنهما لم يعطيا ضمانات بذلك، وقد شددا على أن الحل الأول والأساس لوقف إطلاق النار هو دبلوماسي".
قراءة في خطاب نصر الله: مرحلة جديدة وحساسة
وفي قراءة لخطاب نصر الله، قال المحلل السياسي حسن الدر لـ"العربي الجديد"، إن "كلام الأمين العام لحزب الله يمكن اختصاره بأن الميدان هو الحكم، وحجم الردّ سيكون موازياً لحجم الاعتداء"، مشيراً إلى أن "نصر الله أكد مرتين في خطابه أن الاعتداء الإسرائيلي مركب، أولاً من ناحية المكان المستهدف، أي الضاحية الجنوبية، وثانياً باستهداف مدنيين وسقوط شهداء بينهم، وثالثاً باغتيال شكر، وهذه الثلاثية تعني أن الرد سيكون بهذا الحجم والمستوى، وموجعاً للإسرائيليين".
وأشار الدر: "نحن أمام مرحلة حساسة وصعبة وجديدة وخطيرة، تختلف عن الأشهر العشرة الماضية، لأن ما كان يسمى بقواعد الاشتباك انتهى، وإسرائيل كسرت كل الخطوط والمحرمات، والتعامل سيكون على هذا الأساس، والحزب لن يفاوض دولياً قبل الردّ، علماً أن أبرز ما قاله أن لا حل إلا بإنهاء الحرب على غزة، من هنا فإن ذلك هو بصيص الأمل الوحيد كي لا تذهب المنطقة إلى حرب مفتوحة"، لافتاً إلى أن "إسرائيل استهدفت بالنار طهران وبيروت والرد طبعاً سيكون داخل الكيان الإسرائيلي".
من جهته، أشار العميد المتقاعد عادل مشموشي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "ما قاله نصر الله كان متوقعاً على إثر ضربات نوعية وموجعة ارتكبها العدو الإسرائيلي خلال 24 ساعة، في الضاحية وطهران، من حيث نوعيتها، ورمزية المستهدفين فيها، وخصوصية أمكنة حصولها، والملابسات التي رافقتها"، لافتاً إلى أنّ "ذلك ينذر منذ وقوع تلك الاعتداءات بأنّ الأمور ذاهبة إلى مزيدٍ من التصعيد على الجبهات، وأنه لا بدّ من ردٍّ موحّدٍ ومتكاملٍ من كل جبهات المساندة، وأن الأمور قد تخرج عن السيطرة وتتحوّل إلى جبهات مفتوحة".
ويرى مشموشي أنّ "كل المؤشرات توحي بأن الوضع آيل إلى حرب مفتوحة لا محالة، وما يؤخرها توفر البيئة والأجواء والمناسبة، أقلّه لما بعد انتهاء الانتخابات الأميركية، والتحضير جيداً لحرب ضروس واسعة النطاق قد تمتد من إيران إلى فلسطين المحتلة مروراً بكل من لبنان وسورية والعراق واليمن،"، مضيفاً: "الكل يعلم أن حرباً كهذه ستتسبب بخسائر جسيمة لجميع الأطراف والمشاركين فيها، وسترمي إلى تغيير مرتكزات الاستقرار القائمة حالياً في الشرق الأوسط لتحل محلها مرتكزات أخرى تقوم على توازنات مختلفة عن تلك المتوفرة حالياً، إلا أن هذه الحرب قد لا تكون غداً ولا بعد أسبوع أو أشهر، إنما بالتأكيد خلال مهلة لا تتجاوز السنة من بعد إنجاز الانتخابات الأميركية".
كذلك، يرى مشموشي أن "إيران تعي مغبة الانزلاق في حرب مفتوحة ومباشرة مع إسرائيل، ستجرها بالتأكيد إلى مواجهة حتمية مع القوات الأميركية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط، وربما لمواجهة حلف غربي، وعليه فهي تفضل المجابهة عبر الأذرع، مع تفهمها للخسائر الكبيرة والنوعية التي تمنى بها أذرعها في كل من اليمن والعراق وسورية، وبخاصة في لبنان أي حزب الله وما يخسره من قيادات ميدانية".
واعتبر أن "لبنان لن يكون بمنأى عن انعكاسات الحرب المفتوحة، وربما يكون الحلقة الأضعف، فيما لو أخذنا بعين الاعتبار كونه بلداً محاذياً لفلسطين والمواجهة ستكون مباشرة وتمكن إسرائيل من تنفيذ غارات جوية بقذائف ثقيلة لها قدرات تدمير هائلة، هذا بالإضافة إلى حالة الوهن وتفكك السلطة في لبنان نتيجة الخلافات العمودية بين المكونات السياسية التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية واستكمال العمل في المؤسسات الدستورية، فكيف الحال في ظل أزمات اقتصادية ومالية ومعيشية خانقة"، آملاً أنّ "يجنّب الله لبنان ما يخبئه مقبل الأيام من مخاطر مصيرية".