اغتيالات غامضة في السويداء... وأصابع الاتهام توجّه إلى النظام

07 مارس 2015
محاولات لتصوير أن الخطر يأتي من درعا (فرانس برس)
+ الخط -

شهدت محافظة السويداء ثلاث عمليات اغتيال لمواطنين من قرى محاذية لمحافظة درعا، في التوقيت نفسه خلال الأسبوع الماضي، كان آخرها اغتيال عمر مهنا من بلدة القريا التي تبعد نحو أربعة كيلومترات عن حدود محافظة درعا.

فقد هاجم مجهولون منزل مهنا الكائن على أطراف البلدة من الجهة الغربية المواجهة لأراضي محافظة درعا التي تسيطر عليها المعارضة، الأمر الذي خلق بلبلة كبرى في البلدة، ترافقت مع عودة أصوات الشبيحة التي طالبت بتسليح أكبر لحماية المحافظة من هجمات الثوار في درعا، فيما اتهم قسم من الأهالي النظام بالوقوف وراء الاغتيالات من أجل إخافة الناس، وتأكيده على أنه الوحيد القادر على حمايتهم، على خلفية التصعيد الأخير ضد النظام في المحافظة الذي بدأه قائد "جيش الموحّدين" الشيخ وحيد البلعوس، والتململ الذي تبعه من قِبل معظم أهالي المحافظة ضد وجود السلاح بين أيدي الشبيحة الذين هم في معظمهم من "الزعران".

ويدين نائب رئيس حزب "الجمهورية"، مضر الدبس، في حديث لـ"العربي الجديد"، "القتل كائناً من كان فاعله"، مؤكداً أن "خسارة الشباب هي خسارة للوطن ولمستقبل الوطن".

ويرى الدبس "أننا لا نحتاج إلى الكثير من التفكير لنعرف أن هذه السلوكيات تستهدف سلب المواطنة في السويداء، وسلب الشعور بالأمان، حتى في المنزل"، معتبراً "أن اغتيال الشباب الواعد والمتعلم والخلوق بهذا الشكل الممنهج والمتكرر، لا يمكن أن يُفهم إلا محاولة اغتيال لصوت الكرامة، ومصادرة لما تبقى من أمن، وتشويشاً بشعاً على من لا يزال يغلّب صوت العقل الرزين على أصوات التخلف وأزيز رصاص "الزعران" الذين ما زادهم السلاح إلا تجميداً لعقولهم ولإنسانيتهم".

وما يعزز فرضية ضلوع النظام في هذه العمليات، أنه المستفيد الوحيد منها، وأن الطريقة التي نُفذت بها هي الطريقة نفسها التي استخدمها النظام في أماكن أخرى خلال فترة الثورة، كما أن الظروف التي تم تنفيذ العمليات فيها جاءت بالتزامن مع تخلخل وضع النظام في محافظة السويداء، على خلفية التصريحات النارية التي أطلقها الشيخ البلعوس ضد النظام، وما تبعها من حُكم عليه بالبعد الديني من قِبل مشايخ المؤسسة الدينية في السويداء المرتبطة مع النظام، وردات فعل متباينة على هذه الحادثة، يضاف إليها تململ معظم سكان السويداء من تسليم النظام السلاح لأفراد غير مؤهلين لحمله واستعماله بشكل يرهب السكان، الأمر الذي يرجح أن يقوم النظام بعمل يخيف فيه أهالي المحافظة من أخطار وهمية يخترعها لهم، للادعاء أنه الوحيد القادر على حمايتهم.

اقرأ أيضاً: "جيش الموحدين"... خوف الأقليات واستغلال النظام

وكان حزب "الجمهورية" هو الجهة السياسية الوحيدة التي أصدرت بياناً نددت فيه بأحكام المؤسسة الدينية الرسمية وفتاويها التي تُعلن خروج المواطنين عن الملة أو الدين أو الحرمان الكنسي أو البعد الديني، لمجرد رفضهم ممارسات الطغمة الحاكمة، وتعبيرهم عن رأيهم بشكل حر، ودفاعهم عن كراماتهم.

ودعت لجنة الحريات في الحزب، المجتمع السوري، إلى ضرورة التمسك بمطلب إقامة الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة، التي تحمي الجميع، وتصون كرامة الجميع وحرياتهم.

وتقول إحدى الناشطات في مدينة السويداء، والتي فضلت عدم ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أن لأي جهة غير النظام مصلحة في تكرار هذه الحوادث. فليس من الصعب ملاحظة تكرارها بعد كل تحرك شعبي في المحافظة ضد النظام، وذلك بهدف إعادة صنع البلبلة بين الناس، للتأكيد على أن المحافظة والدروز في خطر كبير يأتيهم من جيرانهم من البدو أو المعارضة في درعا، وأن النظام وسلاح شبيحته هو الوحيد القادر على حمايتهم".

وتلفت الناشطة إلى أن "الشخصيات المستهدفة في معظمها غير محسوبة بشكل واضح على نشطاء المعارضة في السويداء، لكنهم جميعاً شباب محبوبون اجتماعياً، وبالتالي فإن قتلهم بهذه الطريقة الصادمة يخلق صدمة كبيرة بين الأهالي، يبدأ النظام في استغلالها فوراً، وذلك بإطلاق إشاعات تسري كالنار في الهشيم، وتوجّه أصابع الاتهام حيث يريد النظام، وكذلك تبدأ أبواقه في إطلاق دعوات لتسليح الأهالي، لحماية أنفسهم من جيرانهم ومن العصابات المسلحة"، مؤكدة أن تكرار الحوادث بنفس الطريقة وفي أوقات مدروسة لا يمكن أن يكون صدفة أبداً.

فيما يقول صحافي من مدينة السويداء لـ"العربي الجديد"، إن الناس في المحافظة يعيشون ضائقة معيشية كبرى، مؤكداً أن هناك نقصاً شديداً في المحروقات، وسوءاً في خدمة الكهرباء، وارتفاعاً في الأسعار منذ نحو شهرين إلى الآن، بنسب تتراوح بين 25 و50 في المائة في المواد الغذائية، و100 في المائة في الألبسة.

ويشير إلى وجود تذمر من الأمن العسكري الذي تتكرر إساءاته للناس، والتي كانت أحد أسباب بروز ظاهرة البلعوس، مبيناً أن هناك عدم رضى بشكل عام، إلا أن هناك مخاوف كبيرة من فتح معركة مع النظام بسبب همجية القصف وعدم ائتمان الطرف الآخر والوثوق فيه.