اضطرابات جوبا تخنق اقتصاد السودان

18 يوليو 2016
الصراع المسلح في الجنوب يرهق معيشة السودانيين (فرانس برس)
+ الخط -


تعد العمليات العسكرية الأخيرة في جوبا عاصمة جنوب السودان تهديداً إضافياً للاقتصاد السوداني المنهك، في ظل تزايد عدد اللاجئين الجنوبيين الفارين إلى الخرطوم، خاصة بعد القرار الرئاسي القاضي بمعاملتهم كمواطنين، ما يعظم فاتورة الخدمات وتضييق الخناق أكثر على المواطن.
كما يتخوف محللون من تمدد الحرب خارج جوبا إلى مناطق إنتاج النفط التي توفر للموازنة السودانية ما يقرب من 7 مليارات دولار سنوياً.

وفي هذا الإطار، يؤكد الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين محمد الناير لـ"العربى الجديد"، على أهمية دراسة التعامل مع اللاجئين بشكل لا يؤثر على الاقتصاد عبر إجراءات حكومية متوازنة، بحيث يتم تلافي الآثار الناجمة عن تكلفة فاتورة الخدمات، محذرا من معاملة اللاجئين كأجانب لما لذلك من تكلفة سياسية باهظة بالإضافة إلى التكلفة الاقتصادية.
وأشار الناير، إلى جود آثار سلبية على اقتصاد جنوب السودان بصورة كبيرة باعتباره يعاني من انهيار اقتصادي شبه كامل، فضلا عن تراجع قيمة العملة الجنوبية وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.

واتسعت الاضطرابات في جنوب السودان وعاصمتها جوبا، في ظل خلافات بين رئيس جنوب السودان سلفاكير، ونائب الرئيس رياك مشار، ورغم التوصل إلى هدنة بعد تدخل دول أفريقية، إلا أن حالة القلق ما زالت تسيطر على الأهالي.
ويؤكد الاقتصادي أحمد ابراهيم، لـ"العربي الجديد"، أنه في حال توسعت الأحداث في الجنوب، فإن ذلك سيكلف موازنة السودان أعباء كبيرة على الخزينة لتأمين الحدود السودانية، فضلا عن الأعباء الاقتصادية الأخرى.

واستبعد محللون، أن تؤدي حرب الجنوب على المدى القصير، إلى إيقاف عمل حقول النفط في ظل تراجع إنتاج النفط إلى 150 ألف برميل يومياً بسبب الحروب التي نشبت في الجنوب مقارنة بإنتاج نفط الجنوب عقب الانفصال في عام 2011 مباشرة والبالغ 370 ألف برميل يومياً.
ويرى المحللون، أن احتمال توقف الإنتاج في ولاية الوحدة المحاذية للحدود بين الدولتين والتي تنتج غالبية إنتاج النفط بدولة جنوب السودان بواقع 130 ألف برميل يومياً، مرهون بتوسع دائرة النزاع ووصول الحرب إلى مناطق إنتاج البترول وحينها ستتصاعد المخاوف من إيقاف ضخ نفط الجنوب، لأن الصراع الحالي خارج نطاق الحقول المنتجة للنفط.
ولكنهم أكدوا أنه في حال استمرار الحرب فترة أطول ستؤدي بدورها إلى اغلاق جميع آبار البترول المنتجة للنفط في جنوب السودان.

ويشار إلى أن حكومة الجنوب غير ملتزمة بسداد مستحقات السودان من مبيعات النفط، حيث بلغت نسبة الإيرادات غير الضريبية في الربع الأول من العام الحالي أقل من 40%.
وتشير الإحصائيات إلى أن جملة المبالغ المرصودة بالموازنة من رسوم عبور البترول تبلغ حوالي 7.1 مليارات دولار في العام الماضي منها 3.1 مليارات دولار رسوم عبور نفط الجنوب و4 مليارات دولار رسوم عبور.
وقال وزير الدولة بوزارة المالية الأسبق عز الدين إبراهيم، لـ"العربى الجديد"، إن السودان سيتأثر في حال امتدت الحرب إلى مناطق آبار البترول وفي حال توقف ضخ النفط خاصة وأن البلاد تعتمد على البترول في توليد الطاقة الكهربائية في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض الحدودية مع جنوب السودان.

وحذر إبراهيم، من خطورة انتقال الحرب إلى الحدود بين دولتي السودان وما يترتب عليه من معسكرات للاجئين، ما يشكل ضغطا على الخدمات والغذاء في البلاد.
ويرى الخبير في شؤون الجنوب استيفين لوال، فى حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الأزمة في جنوب السودان ستؤثر على اقتصاد الدول المجاورة خاصة السودان، مشيرا إلى أن عدد اللاجئين الذين فروا إلى الخرطوم عقب الأزمة بلغ أكثر 500 ألف مواطن جنوبي.
وتوقع أن تحدث هذه الأعداد آثاراً وصفها بالصعبة في الاقتصاد السوداني في ظل الصفة التي منحها الرئيس عمر البشير بمعاملة اللاجئ الجنوبي كمواطن سوداني.

ولكن استيفين لوال، رهن توقف الحرب في الجنوب بتوفر الإرادة السياسية الحقيقية لعمليات التفاوض التي قال إنها يجب أن تستوعب جميع أبناء الجنوب حتى الرافضين للجلوس على مائدة واحدة حول حوار وطني شامل.
وواجه الجنوب أزمة اقتصادية طاحنة بسبب الحرب الدائرة هنالك، والتي أدت إلى توقف الإنتاج في الحقول بالمنطقة الشرقية في وقت تسجل أسعار النفط مستويات منخفضة في السوق الدولية. وتهاوي سعر العملة المحلية بالجنوب إلى أرقام قياسية، حيث وصل الدولار الأميركي لأول مرة في تاريخ الدولة الوليدة إلى 50 جنيها في السوق السوداء، في حين يبلغ سعره الرسمي 35 جنيها. وتعتمد دولة الجنوب على الخرطوم في توفير أكثر من 150 سلعة، رغم ضعف التبادل التجاري بين البلدين بعد الانفصال.


المساهمون