على الرغم من مرور 10 أشهر على تشكيل لجنة تعديل الدستور العراقي البرلمانية، التي انبثقت على وقع الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وحددت رئاسة البرلمان عمرها بـ 4 أشهر، إلا أنها لم تتمكن لغاية الآن من رفع أي توصيات للبرلمان بشأن التعديلات المقترحة بسبب وجود خلافات عميقة بين أعضائها بشأن عدد من المواد الدستورية التي يدور حديث بشأن ضرورة تعديلها.
وأكدت عضو لجنة تعديل الدستور، النائبة فيان صبري، وجود خلافات داخل اللجنة بشأن السلطات الاتحادية، موضحة، في تصريح صحافي، مساء أمس، أن "الدستور العراقي يعد الأكثر تقدما بين دساتير دول الشرق الأوسط، إلا أن أغلب المواد الدستورية التي تحدد العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بحاجة إلى إصدار قوانين في البرلمان".
وأشارت إلى أن "المشكلة الرئيسية ليست في الدستور، بل في غياب الإرادة السياسية لتنفيذ مواده وبنوده، مثل المادة 140 المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، أو إصدار قانون خاص بالنفط والغاز"، مؤكدة قيام لجنة تعديل الدستور بقراءة كل المواد الدستورية، إلا أن أعمال اللجنة تعطلت بسبب التظاهرات وتفشي وباء كورونا.
ولفتت إلى استمرار الخلاف بخصوص المادة 47 من الدستور المتعلقة بالسلطات الاتحادية، مبينة أن اللجنة تعتمد في اتخاذ قراراتها على الاتفاق، وليس على أصوات الأغلبية البرلمانية، و"مع ذلك تجاوزت لجنتنا فترتها القانونية المقررة، حيث كان عليها أن تنهي مهمتها خلال أربعة أشهر بموجب المادة 142 من الدستور".
وتحدد المادة 47 من الدستور السلطات الاتحادية التي يتمتع بها المركز (بغداد)، إذ تنصّ على أن السلطات الاتحادية تتكون من "السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات".
عضو آخر بلجنة تعديل الدستور أكد لـ"العربي الجديد" أن الخلافات لا تقتصر على توزيع الصلاحيات بين المركز (بغداد) والإقليم، مشيرا إلى وجود خلافات أكثر حدة تتعلق بتقاطع وجهات النظر بشأن شكل النظام السياسي العراقي، وإمكانية الانتقال إلى النظام الرئاسي، ووضع تعريف جديد وواضح للكتلة البرلمانية الأكبر المعنية بتشكيل الحكومة، ووضع آلية لانتخاب المحافظين بعد إلغاء مجالس المحافظات، فضلا عن وجود خلاف حاد بشأن مستقبل المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل.
وأوضح أن جميع المقترحات لا تزال قيد النقاش، ولم يتم رفع أي منها إلى البرلمان، بسبب غياب الاتفاق عليها، مبينا أن اللجنة تتطلب عملا طويلا قد يمتد لأشهر أخرى للانتهاء من نقاشاتها.
وسبق لعضو لجنة التعديلات الدستورية محمد الكربولي أن أشار إلى أن الأجواء غير مهيّأة لإجراء تعديلات، موضحاً أن عرض التعديلات الدستورية من خلال استفتاء عام أمر يتطلب فترة قد تزيد على عامين.
وفي 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، قرر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي تشكيل لجنة لتعديل الدستور على خلفية تصاعد الاحتجاجات الشعبية، على أن تنهي عملها وتقدم توصياتها إلى المجلس خلال أربعة أشهر، انقضت في 28 فبراير/ شباط الماضي.