على الصعيد الرسمي، طالب زعماء الأحزاب السياسية من كاميرون، التراجع عن موقفه المتشدّد، والموافقة على أن تأخذ بريطانيا حصّتها العادلة من اللاجئين. وبرزت حملة شعبية تنظّم مظاهرات وعرائض، تطالب الحكومة البريطانية بمعالجة مسألة أكبر هجرة جماعية للبشر، منذ الحرب العالمية الثانية.
أمّا إيفيت كوبر، وزيرة داخلية الظل، والمرشّحة لزعامة حزب العمّال فاتّهمت كاميرون بإدارة ظهره لأسوأ أزمة هجرة. وقالت إنّ الأمّهات يسعين بمحاولات يائسة إلى إنقاذ أطفالهنّ من الغرق حين تنقلب القوارب بهنّ، ولا يمكن تجاهل ذلك وترك الناس ليختنقوا داخل الشاحنات على أيدي عصابات شريرة، ومشاهدة جثث الأطفال على الشواطئ.
وأضافت: "ينبغي أن تتحرّك بريطانيا، لأنّ ما يحدث يفطر القلوب، وينبغي القيام بالمزيد". وفي محاولة منها لإيجاد حلّ للأزمة، دعت إلى استقبال كلّ منطقة في بريطانيا عشر عائلات على الأقل، ما يعني قبول نحو 10 آلاف لاجئ.
في المقابل، ردّ كاميرون، أمس الأربعاء، بأنّ استقبال المزيد من اللاجئين لا يمثّل الجواب أو الحلّ. وأكمل أنّه من المهم إحلال السلام والاستقرار في مناطق النزاع عوضاً عن أخذ المزيد من اللاجئين.
إلى ذلك، أيّد عدد من نوّاب حزب المحافظين استقبال بريطانيا آلاف اللاجئين، وليس المئات فقط. ومنهم جوني ميرسر، نائب في حزب المحافظين، الذي قال إنّ الأمهات اللواتي يحاولن إنقاذ أطفالهن من الغرق لا ينبغي أن يعتقدن أنّ بريطانيا مكان لا يرحّب بهن.
من جهتها، دعت الكنيسة الكاثوليكية وشخصيتين من المتنافسين على زعامة حزب العمّال، كاميرون إلى بذل المزيد من الجهود في قضيّة المهاجرين.
وعبّر الكاردينال فنسنت نيكولاس، رئيس الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا وويلز، عن استيائه، واصفاً مشاهد اللاجئين بوصمة عار، حين تترك الناس لتموت وتشاهد الجثث على الشواطئ، في وقت تتمتّع فيه أوروبا بالثراء والقدرة على إيجاد حل للأزمة. وأضاف أنّ هؤلاء اللاجئين هم أشخاص يسعون جاهدين من أجل إنقاذ أسرهم من كبار السن والشباب والأطفال. وأكمل أنّها مأساة إنسانية صارخة ينبغي أن نكون فيها أكثر سخاء.
اقرأ أيضا: أكثر من مئة ألف طالب لجوء دخلوا ألمانيا بأغسطس
وفي السياق نفسه، توقّع بعض كبار حزب المحافظين، أن يبدّل كاميرون موقفه بعد مشاهدته صور الطفل المؤلمة الذي جرفته الأمواج إلى شواطئ تركيا. ولا يخفى على كاميرون وتيريزا ماي وزيرة الداخلية مواجهتهما المزيد من الضغوط المتعلّقة بمسألة الهجرة حين ينعقد البرلمان في الأسبوع المقبل.
على الرغم من ازدياد الضغوط على حكومة كاميرون وارتفاع حدّة التوتر السياسي بشأن مسألة اللاجئين، ونعته بعديم الشفقة وغيرها من الصفات اللاإنسانية، لا زال يرفض الانضمام إلى أي برنامج إعادة توطين للاجئين على نطاق أوروبا، لاعتقاده أنّ انخراط بريطانيا في مخطّط واسع النطاق سيشكّل نقطة جذب لمهاجرين آخرين، وسيصبح من المستحيل التمييز بين المهاجرين لأسباب اقتصادية واللاجئين هرباً من الحروب.
وقالت مصادر حكومية لـ"بي بي سي" إنّ الدعوات لاستقبال المزيد من اللاجئين في بريطانيا لن تلقى آذاناً صاغية، كما كشفت أنّ بريطانيا قبلت، في العام الماضي، 216 شخصا في إطار خطة لنقل اللاجئين الأكثر ضعفاً، ومنحت حق اللجوء إلى نحو خمسة آلاف سوري خلال السنوات الأربع الماضية، وأنفقت 900 مليون جنيه إسترليني على مساعدات في سورية ودول الجوار.
من جانبه، قال بيتر ساذرلاند، الممثل الخاص للأمم المتحدة حول الهجرة الدولية، إنّ بعض الدول الأوروبية باستطاعتها تحمّل عبء اللاجئين على نطاق أوسع. ولفت إلى أنّ بريطانيا هي إحدى تلك الدول التي بإمكانها بذل المزيد من الجهود التي تتناسب وحجمها، في وقت استقبلت فيه ألمانيا والسويد وفرنسا وإيطاليا أعداداً أكبر من اللاجئين. وأشار إلى أنّ الحلّ الوحيد لتلك المسألة الإنسانية يكمن في تعاون أوروبي موحّد تتشارك فيه المسؤوليات.
في المقابل، ردّ أندرو ميتشيل، سياسي من حزب المحافظين ووزير سابق، أنّ بريطانيا قدّمت مساعدات إنسانية طائلة إلى سورية وغيرها، والمبالغ المادية التي قدّمتها بريطانيا تفوق جميع مساعدات دول أوروبا المالية.
اقرأ أيضا: تحذيرات أوروبية من انهيار الحدود وتحميل اللاجئين المسؤولية