علم "العربي الجديد"، أنه تمّ التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في بلدة عرسال، ابتداءً من الساعة السابعة من مساء اليوم الثلاثاء، وذلك لـ24 ساعة، على أن يتمّ غداً سحب الجرحى وادخال قافلة انسانية الى البلدة. وحظي الاتفاق على موافقة كل من رئيس الحكومة، تمام سلام، ووزير العدل، أشرف ريفي، ووزير الداخلية، نهاد المشنوق، وقائد الجيش، جان قهوجي.
ولم يدم وقف إطلاق النار في بلدة عرسال اللبنانية، سوى ساعات قليلة؛ فبعدما دخلت مبادرة "هيئة العلماء المسلمين"، عصر اليوم الثلاثاء، حيز التنفيذ، وتسلم الجيش اللبناني ثلاثة من عناصر أمنية كانوا محتجزين لدى المسلّحين، بموجب مبادرة "الهيئة"، عاد القصف من الجيش اللبناني بعنف على البلدة، بينما كان المسلحون يستعدون لتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق القاضي بانسحابهم من البلدة إلى الجرود.
وأكد شهود عيان من داخل عرسال لـ "العربي الجديد" أن إطلاق النار توقف لساعات منذ الليل حتى الصباح. ومع الإنتهاء من البند الأول في المبادرة، كان يُفترض أن يُستكمل تنفيذ البنود الأخرى، وهي: دخول الهيئات الإعلامية ومنظمات الإغاثة الإنسانية، نقل الجرحى والسماح بخروج المدنيين وخصوصاً النساء والأطفال، والسماح السماح بإيصال المساعدات الغذائية والطبية للبلدة. ومن غير المعروف ما إذا كانت الاتصالات ستتوصل لإعادة العمل ببنود التهئة وفق مبادرة "هيئة العلماء".
وتوصّل إمام مسجد التقوى، الشيخ سالم الرافعي إلى اتفاق مع المسلّحين في بلدة عرسال اللبنانيّة المحاذية للحدود مع سورية، لـ"حقن الدماء". وتم نقل هذا الطرح إلى الجيش اللبناني كي يتخذ موقفه منه، بالرفض أو الموافقة، وذلك عقب ليلة شابتها مناوشات متقطعة بين الجيش اللبناني والمسلّحين الموالين لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
ونصت مبادرة النقاط الخمس، التي حصل عليها "العربي الجديد"، على التالي:
1 ــ تشكيل لجنة من أهالي عرسال وبعض الحقوقيين السوريين تدير عرسال وتستلم الوضع الأمني، وتضمن تنفيذ المبادرة، بإشراف مؤسسة "لايف" لحقوق الإنسان، ورعاية هيئة علماء المسلمين.
2 ــ تلتزم الأطراف المتقاتلة كافة بالانسحاب من عرسال وتسليمها للجنة.
3 ــ إطلاق سراح ثلاثة جنود لبنانيين كبادرة حسن نية من المقاتلين، مقابل دخول الهيئات الإعلامية ومنظمات الإغاثة الإنسانية.
4 ــ يتم نقل الجرحى والسماح بخروج المدنيين، وخصوصاً النساء والأطفال، وإدخال الأطباء لمعالجة من لا يُمكن نقلهم بإشراف لجنة عرسال.
5 ــ السماح بإيصال المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية كافة لبلدة عرسال.
وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن مبادرة "حقن الدماء"، تنقسم إلى مرحلتين، يتم في الأولى تسليم 3 أسرى من الجيش، واحد من الطائفة المسيحية والثاني من الطائفة الدرزية وثالث من الطائفة السنية، يليها انسحاب المسلّحين من عرسال إلى جرود القلمون ضمن وقف اطلاق النار من الطرفين. وتشكل في المرحلة الثانية لجنة من الثوار وأهالي عرسال والهيئة للتوافق حول تسليم باقي أسرى الجيش والمعتقلين لدى القوة الأمنية.
وكانت مصادر في "هيئة العلماء" قد أكّدت أن الوفد غادر عرسال، فيما بقي الشيخ سالم الرافعي بعد إصابته واثنين آخرين في البلدة للقيام بجولات تفاوض إضافية مع المسلّحين.
وحذر قائد الجيش العماد، جان قهوجي، في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية من خطورة الوضع في عرسال، مؤكداً استمرار المعركة ضد المسلحين. وطالب بالإسراع في تزويد الجيش بالأسلحة الفرنسية، في وقت يخوض الجيش منذ السبت معارك ضد مسلّحين.
وقال قهوجي إن "هذه المعركة تستلزم معدات وآليات وتقنيات يفتقد اليها الجيش، من هنا ضرورة الإسراع في تزويده المساعدات العسكرية اللازمة، عبر تثبيت لوائح الأسلحة المطلوبة ضمن الهبة السعودية عبر فرنسا ومؤتمر روما لدعم الجيش".
ونبّه قهوجي إلى أن الوضع الأمني على أطراف عرسال وفي محيطها "خطر"، معتبراً أن المعركة التي يخوضها الجيش ليست إلا حلقة في أشكال مواجهة الإرهاب بأشكاله كافة، وأينما كان. وأكد أن "معركة الجيش ضد الإرهابيين والتكفيريين مستمرة"، وأنّ "الجيش مصر على استعادة العسكريين المفقودين".
ولم يتوقف التوتر عند أبواب عرسال، بل انتقل إلى الساحل الشمالي في لبنان، حيث وقعت اشتباكات بين مسلحين والجيش اللبناني أسفرت عن مقتل طفلة وإصابة طفل آخر، فيما هاجم المسلحون حافلة تقلّ جنوداً، وجرحوا عدداً منهم.
الى ذلك، أكد "حزب الله"، أنه "لم يتدخل في مجريات ما حصل ويحصل في منطقة عرسال". واعتبر الحزب في بيان "أن معالجة الوضع العسكري وحماية الأهالي والتصدي لجماعات المسلحين الإرهابيين هو حصراً من مسؤولية الجيش اللبناني".