يصنف خبراء ومختصّون، الأمن الغذائي الأردني في دائرة الخطر، ويحذرون من تدهوره بشكل متسارع خلال السنوات المقبلة، في ضوء التزايد المطّرد في عدد السكان وتراجع المساحات الزراعية والإجراءات الحكومية التي أثّرت على مختلف القطاعات المنتجة للغذاء. ويدعم الخبراء توقعاتهم بالاستناد إلى التقارير الصادرة عن منظمات دولية، التي أكدت اتساع مساحة انعدام الأمن الغذائي في البلاد.
ووصلت نسبة انتشار انعدام الأمن الغذائي الحادّ بين مجموع السكان في الأردن بين عامي 2015 و2017 إلى 13.9%، ارتفاعاً من 12.7% بين 2014 و2016، وفق تقرير منظمة الأغذية العالمية. وبلغ عدد الأشخاص في الأردن الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد إلى 1.3 مليون نسمة.
وقال رئيس الاتحاد العام لمزارعي الأردن عدنان خدام لـ "العربي الجديد"، إن الأمن الغذائي للأردن في خطر غير مسبوق وذلك لعدة عوامل؛ أهمها تراجع المساحات الزراعية بشكل كبير في السنوات الأخيرة بنسبة وصلت إلى 60%، ما أثر على كميات الإنتاج الزراعي.
وأضاف أن ذلك جاء بسبب قلة المياه وارتفاع كلف الإنتاج، وإغلاق الحدود وخاصة مع سورية والعراق، ما أدى إلى انحسار الصادرات الزراعية بشكل كبير، ولا سيما إلى الدول العربية وروسيا وأوروبا وتركيا وغيرها من البلدان.
وقال إن تراجع القدرة الشرائية للمواطنين قلل استهلاك الغذاء في الأردن، وفي حال ارتفع الطلب ترتفع المخاطر، لكون الكميات المتوفرة محلياً لا تكفي لتلبية حاجة السوق.
وأوضح خدام أن الإنتاج الزراعي يعتبر العمود الفقري للأمن الغذائي في أي دولة، لكنه للأسف تراجع بشكل واضح خلال السنوات الماضية، وقد هجر كثير من المزارعين أراضيهم، بعدما تكبدوا خسائر فادحة على مدى السنوات السبع الماضية.
وأكد خدام أن الاهتمام بالقطاع الزراعي الأردني من الحكومة ليس بالشكل المطلوب، وأن القرارات التي اتخذت في الثلاث سنوات الماضية وخلال العام الحالي، من رفع للضرائب والرسوم ساهمت في تعميق مشكلة المزارعين الذين تتقلص أعدادهم يومياً.
ولفت إلى أن انخفاض المساحات الزراعية أثّر على الاقتصاد الأردني بشكل عام، حيث ارتفعت قيمة واردات الأردن من السلع الغذائية من الخارج، ما خفض احتياطي العملات الأجنبية. وقال إن الطلب على الغذاء في الأردن بارتفاع مستمر، وتقدر نسبة الزيادة بنحو 25% إلى 30% بسبب النموّ الطبيعي في السكان واللاجئين.
من جانبه، أكد رئيس نقابة تجار الموادّ الغذائية، خليل الحاج توفيق، لـ "العربي الجديد" أهمية تشكيل مجلس أعلى للأمن الغذائي في الأردن، يتولى مسؤولية متابعة أوضاع الغذاء من حيث الكميات المنتجة والمستوردة، والمحافظة عليها عند أعلى المستويات، والأخذ بالاعتبار الظروف الطارئة إن كان إقليمياً أو دولياً.
وقال إن واردات الأردن من الغذاء ارتفعت نحو ملياري دولار العام الماضي، فيما تراجع الإنتاج الزراعي، ما يستدعي إسناد مهمة الأمن الغذائي إلى جهة عليا صاحبة قرار، لتفادي الدخول في أزمة غذاء في السنوات المقبلة.
وأضاف توفيق أن الأردن يستورد نحو 90% من حاجاته الغذائية من الخارج، وهذا مؤشر اقتصادي خطير جداً يهدد الأمن الغذائي للبلاد.
الخبير الاقتصادي حسام عايش، شرح لـ "العربي الجديد" أن الأردن يقترب سنوياً من الاعتماد كلياً على الخارج، لتأمين الغذاء في ظل تواضع الإنتاج المحلي. وباستثناء بعض أصناف الخضار والفواكه والزيتون ومنتجات أخرى، فإن المملكة تشتري غذاءها كله من الخارج.
وأكد أن الأمن الغذائي للأردن يمر بأزمة حقيقية، من خلال انخفاض الكميات المنتجة محلياً وتزايد الاعتماد على الاستيراد، وهجرة الزراعة في العديد من المناطق وبالذات في الأغوار، التي تعتبر سلّة غذاء الأردن.
وقال عايش: "من المحزن أنّ أراضي زراعية خصبة كانت مصدر الأردن بإنتاج القمح وتصديره للخارج، تحولت إلى مبان سكنية ويتم استيراد نحو مليون طن قمح سنوياً من الخارج، بقيمة تبلغ نحو 400 مليون دولار.
من ناحيته، أكد المستشار السابق لوزارة الزراعة الأردني نمر حدادين، تراجع الإنتاج الزراعي في الأردن ما يؤثر على الأمن الغذائي في البلاد وزيادة الاعتماد على الخارج. وقال لـ "العربي الجديد"، إن القطاع الزراعي يواجه بعض المشكلات التي يجب العمل على حلّها، وعلى المزارعين والمستثمرين في القطاع تنويع الزراعات وعدم الاعتماد على صنف معيّن حتى لا تتضارب المنتجات في السوق.
من جهتها، أشارت جمعية معهد تضامن النساء الأردني (تضامن)، إلى أن تقرير منظمة الأغذية تضمن عدداً من المؤشرات المقلقة عن حالة التغذية في الأردن، ولفتت في بيان إلى أن الأردن، إلى جانب عدد آخر من الدول النامية، يستضيف حالياً أكثر من 80% من مجموع اللاجئين في العالم ما يشكل ضغطاً على الأمن الغذائي.