03 نوفمبر 2024
إيران وحركة الشارع
عبر نظريةٍ دينيةٍ مشبعةٍ بالسياسة، سُمِّيت ولاية الفقيه، استبدلت الثورة الإيرانية التي حدثت عام 1979 استبدادَ الشاه باستبدادٍ آخر، فرضه رجال الدين الذين أداروا موارد إيران الضخمة وفق أهوائهم. وتحكمتْ بخيارات إيران السياسية إرادةٌ مذهبيةٌ قادتها إلى محاولة تصدير الثورة، أو الهيمنة على الأنظمة السياسية المجاورة، فنجحت أحياناً وفشلت في أحيان كثيرة، ولكن فاتورة هذا الخيار كانت عالية جداً، دفعته إيران للخارج، على شكل مساعدات ضخمة بمليارات الدولارات، أنفقت على حساب التنمية الداخلية. واستهلكت برامجُ التسلح النووي والصاروخي قسماً مهماً آخر من إيراداتها النفطية، ما جعلها تبدو مكتوفة اليدين أمام متطلبات شارعها الاقتصادية.
دأب الإيرانيون، وبشكل موسمي، على الخروج إلى الشوارع عاماً بعد آخر، منذ ثماني سنوات، أي مع بداية ما عُرفت بالثورة الخضراء. وكانت المظاهرات تخرج على شكل احتجاجاتٍ ذات شكل اقتصادي واضح، ثم تتحول مطالب سياسية، لا تلبث السلطات الأمنية الإيرانية أن تتمكّن من السيطرة عليها، وغالباً بشكل عنيف، فقد خرجت في العام 2009 موجة ضخمة من الاحتجاجات، امتدت إلى مدن عدة، وبعدها خرجت موجة أقل في العام 2011 وتبعتها موجة جديدة في العام 2012. لم تفلح كل هذه التحركات في زحزحة السياسة الإيرانية الأساسية، أو إجبارها على التخلي عن أهدافها، على الرغم من إجراء الاتفاق النووي الشهير مع الولايات المتحدة الأميركية وعدة دول أوروبية، لكن الحكومة الإيرانية اعتبرت هذا الاتفاق إنجازاً مضافاً لها. وخلال كل تلك الأحداث التي تدور في كواليس السياسة، كان العنوان العريض للحكومات الإيرانية هو المواجهة بين متشدّدين وإصلاحيين، وقد يكون هذا العنوان من أسباب خروج احتجاجات عام 2009، بعد إذاعة خبر فوز أحمدي نجاد بالرئاسة، وهو المحسوب على المتشدّدين، ما أعطى انطباعاً بأن المحتجين من أنصار الإصلاحيين.
تقول الأرقام الحالية إن البطالة في إيران تجاوزت 12,5%، مع ركود اقتصادي وارتفاع تضخمي للأسعار، ترافق ذلك مع تفشّي حالة من الفساد في مفاصل حكومية كثيرة. ومن شأن حالة كهذه أن تُحدث مواجهةً بين الإصلاحيين والمتشدّدين، وتفتح فرصةً لتبادل الاتهامات، فمؤسسة الحكم الإيرانية مقسومة إلى قسمين، قسمٍ علوي ذي طبيعية دينية، وهو يشكل حالة غير منتخبة موجودة بشكل دائم، وجهاز سياسي منتخب، لكن الكلمة الأخيرة للطرف الديني.
أوجد التقسيم ما بين ديني وسياسي تيارات التشدّد والإصلاح، وقد يحلو لكل طرف اللجوء إلى الشارع، لإطلاق بالونات اختبار، وإظهار مستوى قوته للطرف الآخر، على الرغم من أن انتخابات الرئاسة تظهر تناوباً، يبدو مدروساً، لظهور رئيسٍ متشدّد، يتلوه رئيس إصلاحي، ولفترتين رئاسيتين لكل منهما، ما يعني أن المطلوب أن يبقى التياران على قيد الحياة، وعلى قيد الصراع، فوجودهما يخلق رغبةً بوجود قيادةٍ أعلى، تحسم الصراعات، أو تجعل الكفة تميل لأحد الجانبين، وهذه القوة هي قوة المرشد الأعلى بالطبع.
استطاعت قوات الأمن الإيرانية إخماد كل الاحتجاجات الكبيرة والصغيرة التي اندلعت ضدها، واستطاعت القيادات الإيرانية أن تفرض سياساتها الخارجية والداخلية، مهما كان رأي المتشدّدين والإصلاحيين فيها، لكن إيران تبدو اليوم في وضع حرج للغاية، فهناك موجة إقليمية تحاصرها بشدة، تقودها إسرائيل والسعودية مدعومة من الولايات المتحدة وإدارة دونالد ترامب شخصياً. وقد يكون ترامب حتى الآن الرئيس الوحيد الذي أدلى برأيه بشأن الاحتجاجات الحالية. وعبر "تويتر"، حذرَ الحكومة الإيرانية من استخدام القوة، وشدَّد على احترام حق التظاهر، ثم وبطريقة التورية قال إن الاستبداد لن يدوم. وعلى الرغم من حراجة هذا الموقف، تستطيع إيران، بتركيبتها المختلطة، مواجهة هذه الاحتجاجات، لخبرتها الكبيرة في ذلك، وهي قد بدأت مباشرة برفع حاجز صدٍّ مجرّب، قد يفيد، وهو إخراج آلاف الإيرانيين الذين يؤيدونها إلى الشارع.
دأب الإيرانيون، وبشكل موسمي، على الخروج إلى الشوارع عاماً بعد آخر، منذ ثماني سنوات، أي مع بداية ما عُرفت بالثورة الخضراء. وكانت المظاهرات تخرج على شكل احتجاجاتٍ ذات شكل اقتصادي واضح، ثم تتحول مطالب سياسية، لا تلبث السلطات الأمنية الإيرانية أن تتمكّن من السيطرة عليها، وغالباً بشكل عنيف، فقد خرجت في العام 2009 موجة ضخمة من الاحتجاجات، امتدت إلى مدن عدة، وبعدها خرجت موجة أقل في العام 2011 وتبعتها موجة جديدة في العام 2012. لم تفلح كل هذه التحركات في زحزحة السياسة الإيرانية الأساسية، أو إجبارها على التخلي عن أهدافها، على الرغم من إجراء الاتفاق النووي الشهير مع الولايات المتحدة الأميركية وعدة دول أوروبية، لكن الحكومة الإيرانية اعتبرت هذا الاتفاق إنجازاً مضافاً لها. وخلال كل تلك الأحداث التي تدور في كواليس السياسة، كان العنوان العريض للحكومات الإيرانية هو المواجهة بين متشدّدين وإصلاحيين، وقد يكون هذا العنوان من أسباب خروج احتجاجات عام 2009، بعد إذاعة خبر فوز أحمدي نجاد بالرئاسة، وهو المحسوب على المتشدّدين، ما أعطى انطباعاً بأن المحتجين من أنصار الإصلاحيين.
تقول الأرقام الحالية إن البطالة في إيران تجاوزت 12,5%، مع ركود اقتصادي وارتفاع تضخمي للأسعار، ترافق ذلك مع تفشّي حالة من الفساد في مفاصل حكومية كثيرة. ومن شأن حالة كهذه أن تُحدث مواجهةً بين الإصلاحيين والمتشدّدين، وتفتح فرصةً لتبادل الاتهامات، فمؤسسة الحكم الإيرانية مقسومة إلى قسمين، قسمٍ علوي ذي طبيعية دينية، وهو يشكل حالة غير منتخبة موجودة بشكل دائم، وجهاز سياسي منتخب، لكن الكلمة الأخيرة للطرف الديني.
أوجد التقسيم ما بين ديني وسياسي تيارات التشدّد والإصلاح، وقد يحلو لكل طرف اللجوء إلى الشارع، لإطلاق بالونات اختبار، وإظهار مستوى قوته للطرف الآخر، على الرغم من أن انتخابات الرئاسة تظهر تناوباً، يبدو مدروساً، لظهور رئيسٍ متشدّد، يتلوه رئيس إصلاحي، ولفترتين رئاسيتين لكل منهما، ما يعني أن المطلوب أن يبقى التياران على قيد الحياة، وعلى قيد الصراع، فوجودهما يخلق رغبةً بوجود قيادةٍ أعلى، تحسم الصراعات، أو تجعل الكفة تميل لأحد الجانبين، وهذه القوة هي قوة المرشد الأعلى بالطبع.
استطاعت قوات الأمن الإيرانية إخماد كل الاحتجاجات الكبيرة والصغيرة التي اندلعت ضدها، واستطاعت القيادات الإيرانية أن تفرض سياساتها الخارجية والداخلية، مهما كان رأي المتشدّدين والإصلاحيين فيها، لكن إيران تبدو اليوم في وضع حرج للغاية، فهناك موجة إقليمية تحاصرها بشدة، تقودها إسرائيل والسعودية مدعومة من الولايات المتحدة وإدارة دونالد ترامب شخصياً. وقد يكون ترامب حتى الآن الرئيس الوحيد الذي أدلى برأيه بشأن الاحتجاجات الحالية. وعبر "تويتر"، حذرَ الحكومة الإيرانية من استخدام القوة، وشدَّد على احترام حق التظاهر، ثم وبطريقة التورية قال إن الاستبداد لن يدوم. وعلى الرغم من حراجة هذا الموقف، تستطيع إيران، بتركيبتها المختلطة، مواجهة هذه الاحتجاجات، لخبرتها الكبيرة في ذلك، وهي قد بدأت مباشرة برفع حاجز صدٍّ مجرّب، قد يفيد، وهو إخراج آلاف الإيرانيين الذين يؤيدونها إلى الشارع.