إيران: خيبة بعد التمديد.. ورهان على وساطة روسيّة

26 نوفمبر 2014
توقّعات عراقيل قد تعتري مهلة التفاوض الجديدة (فرانس برس)
+ الخط -
لم يبدِ الإيرانيون، في اليوم التالي لتمديد المفاوضات النووية بين إيران والسداسيّة الدوليّة، لمدّة سبعة أشهر إضافية، التفاؤل ذاته الذي رافقهم طيلة العام الفائت، منذ تولي الرئيس الإيراني، حسن روحاني، سدّة الرئاسة، ورفعه شعار الاعتدال والتفاوض مع الآخرين، للتخلّص من العقوبات التي أثقلت كاهل الجميع في البلاد.
في الشارع، ينشغل الإيرانيون بأمورهم اليوميّة. فالتمديد للمرة الثانية، جعلهم يفقدون الحماسة. بعضهم يحمّل الغرب المسؤوليّة، وبعضهم الآخر طالب بتسريع الأمور أكثر، فيما انقسمت الصحف الإيرانيّة، التي تمثّل وجهة نظر التيّارات السياسيّة، بين منتقد متحفّظ وآخر مشجّع للوفد المفاوض.

واختارت صحيفة "وطن امروز"، أن تترك صفحتها الأولى فارغة، مع كتابة عنوان (لا شيء)، بالخط العريض، في إشارة إلى محصّلة الأشهر الطويلة من المحادثات المكثّفة التي لم تحقّق شيئاً. وعنونت صحيفة كيهان، التي تمثّل الخط المتشدّد في التيار المحافظ، وهو التيّار الرافض لسياسة فريق الوفد المفاوض: "الزعيم لم يكن محلّ ثقة"، في إشارة إلى مصطلح استخدمه روحاني، في وقت سابق، حين قال إنّه "يجب التفاوض مع الزعيم لتحقيق الغاية"، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركيّة.

ولم تتردّد "كيهان" في التذكير بتباين تصريحات كلّ من روحاني ووزير الخارجيّة الأميركي، جون كيري، عقب توقيع اتفاق جنيف، العام الماضي. وفي موازاة اعتبار روحاني، أنّ "الطريق بدأ نحو اعتراف شامل بالحقوق النوويّة الإيرانيّة"، أشار كيري، إلى أنّ "الطريق بدأ نحو تعطيل تطوّر إيران النووي".
وتستنتج الصحيفة أنّه "بعد أشهر من التفاوض، تمّ تجميد النشاط النووي الإيراني، بعد أن أعطت البلاد فرصة للغرب"، معتبرة أنّ "التمديد سيسمح، في المقابل، باستمرار الحظر لأشهر أخرى، كون اتفاق جنيف يمنع فرض عقوبات جديدة، ولكنّه لا يعلّق الحظر الاقتصادي المفروض سابقاً".

ولم تحد صحيفة "اعتماد" الإصلاحيّة عن آراء الإصلاحيين، لناحية أنّ النجاح يكون بالحوار. ويرى محمد جواد حق شناس، في مقال، أنّ "روحاني أوفى بوعوده الانتخابيّة، فالتمديد يعني نجاح دبلوماسيته، وأنّه أصر على حقوق البلاد النوويّة وعلى الاحتفاظ بحقّ التخصيب وامتلاك أجهزة الطرد المركزي"، في وقت يصف رئيس تحرير الصحيفة، إلياس حضرتي، أنّ بلاده تتبع سياسة "ليونة الشجعان"، معتبراً أنّ "التمديد فرصة جديدة للدبلوماسيّة، ولا تعني نسف الحوار".
ويحاول روحاني عمليّاً، إرضاء الداخل الذي تفاوتت وجهات نظره، في تصريحات أعقبت الإعلان عن التمديد. يعتبر أنّه "على الرغم من عدم إلغاء الحظر، لكنّ اتفاق جنيف الممدّد لا يسمح بفرض عقوبات اقتصاديّة جديدة"، مطالباً الإيرانيين، بـ"مقارنة ظروفهم المعيشيّة بما كانت عليه العام الماضي، إذ شهدت تحسّناً نسبياً، نتيجة التحكّم في التضخّم الاقتصادي وأسعار السلع"، على حدّ قوله.
وتبقى العقوبات هي العقدة الأبرز ومطلب الجميع، حتى أولئك الذين ينتقدون الحكومة. ويُعدّ إصرار إيران على إلغاء الحظر بالكامل ودفعة واحدة، أحد الأسباب التي عرقلت التوصل إلى اتفاق نهائي، وهو ما لم يوافق عليه الغرب، فضلاً عن القضيّة الثانية المتعلقة بتخصيب اليورانيوم ومدّة التوافق المتوقع، التي تريدها إيران قصيرة، فيما يريدها الغرب طويلة.
وفيما ستستمرّ المحادثات خلال التمديد بموجب جنيف، من المتوقع أن تُطرح بعض التسويات على الطاولة، وفق تصريحات مسؤولين. لم يتأخّر روحاني في الاتصال بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي يصرّ على أنّ بلاده لن تسمح بالمماطلة وبالتمديد أكثر، وستطرح اقتراحات لإلغاء الحظر تدريجيّاً عن إيران. ويصبّ ذلك في حال تحقيقه في مصلحة روسيا، التي تُعدّ شريكاً استراتيجيّاً رئيسيّاً مع إيران، فضلاً عن تعهّدها ببناء مفاعلاتها النووية.
وقد تتعلّق الاقتراحات الروسيّة، وفق البعض، بحلول وسطيّة ترتبط أساساً بنقل اليورانيوم المخصّب إلى روسيا، أو حتى توفير موسكو لوقود نووي للمفاعلات الإيرانيّة. وخلال زيارة رئيس هيئة الطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، الأخيرة إلى موسكو، حيث وقّع عقوداً جديدة لبناء مفاعلين نوويين في بوشهر، نقل التزام روسيا بتزويد البلاد بالوقود اللازم لهما، وربّما يجري تطبيق هذا الأمر على كلّ المفاعلات مستقبلاً.
ولم يغفل الاتصال الهاتفي بين روحاني وبوتين، وفق وكالة الأنباء الإيرانية الرسميّة (إرنا)، التطرّق إلى أوضاع المنطقة وضرورة الحرب على الإرهاب، مما يرجّح احتمال طرح صيغة تعاون إيرانيّة غربيّة أو إيرانيّة أميركيّة، تحديداً لمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مقابل إلغاء الحظر جزئيّاً.
وعلى الرغم من وجود الطرف الروسي، لكنّ العراقيل خلال فترة التمديد ستكون كثيرة، سواء من الداخل الإيراني، حيث يسيطر المحافظون على البرلمان، أو الداخل الأميركي حيث يسيطر الجمهوريون على الكونغرس. وخلال هذا الوقت، ستسير إيران حتى آخر الخط، على الرغم من اعتراض البعض، فيما يُشكّل التفاوض فرصة لعدم التصعيد، في وقت تتأزّم فيه أوضاع المنطقة.