ويكشف مصدر حكومي عراقي مطلع لـ"العربي الجديد" عن وصول وفد إيراني رفيع المستوى إلى العراق للتوسط بين رئيس الوزراء حيدر العبادي، وسلفه نوري المالكي، الذي يتولى حالياً منصب نائب رئيس الجمهورية. ووفق المصدر فإن الوفد الإيراني يهدف إلى احتواء التظاهرات التي تشهدها بغداد والمحافظات الجنوبية، بعد توجيه الاتهام لـ"ائتلاف دولة القانون" الذي يترأسه المالكي بإثارتها في بعض المناطق.
ويؤكّد المصدر أنّ المسؤولين الإيرانيين التقوا الطرفين، وأكّدوا لهما خطورة التظاهرات "التي اتخذت الطابع العلماني". وبحسب المصدر أبدى الوفد الإيراني استعداده لمساعدة الحكومة العراقية في احتواء الغضب المتزايد ضدها في الشارع العراقي والمساهمة في تلبية بعض مطالب المتظاهرين المتعلقة بالواقع الخدماتي، محذّراً من خطورة تمدّد الاحتجاجات التي رفعت شعارات معادية للأحزاب الإسلامية، والتي حظيت بتأييد شريحة واسعة من العراقيين.
في سياق متصل، يعتبر عضو "التحالف الوطني"، محمد الركابي، أن "حكم الإسلاميين للعراق في خطر ما لم يتم إنهاء حركة الاحتجاجات المتصاعدة، التي استغلت الغضب الشعبي ضد حكم الأحزاب الإسلامية التي تسلمت إدارة البلاد بعد العام 2003". ويشير الركابي في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنّ الخلافات الداخلية على السلطة وفّرت الأجواء المناسبة للتظاهر، و"دفعت الليبراليين والعلمانيين إلى الترويج للتظاهرات، في محاولة لإثبات فشل تجربة الحكم في العراق خلال السنوات الماضية"، وتمهيداً للإطاحة بـ"المكتسبات الديمقراطية" والعودة بالبلاد إلى ما قبل العام 2003، على حد قوله. ويرحّب الركابي بالتدخل الإيراني لاحتواء أزمات "التحالف الوطني"، مشيراً إلى ضرورة الجلوس على طاولة الحوار وحلّ جميع الخلافات قبل فوات الأوان.
اقرأ أيضاً: اختراق حكومي ومليشيوي لتظاهرات العراق يُحبط منظميها
وعقد "التحالف الوطني" يوم الجمعة الماضي، اجتماعاً موسّعاً في حضور رئيس الوزراء حيدر العبادي لحلّ الخلافات ومناقشة جميع الأمور العالقة. وقال مكتب رئيس "التحالف"، إبراهيم الجعفري، في بيان له، إنّ "الهيئة القيادية للتحالف اجتمعت في منزل الجعفري في حضور العبادي، وناقشت دور الشعب العراقي في تعزيز العملية السياسية، وترسيخ التداول السلمي للسلطة من خلال صناديق الانتخابات، محذّرة من محاولات أعداء البلاد لزرع الفتنة وإثارة الصراع بين المكونات.
وفي حين دعا البيان الحكومة العراقية إلى وضع آليات سريعة لمكافحة الفساد وتحسين الخدمات، أكد أيضاً على حق العراقيين بالتظاهر السلمي المعبّر عن الحقوق والمطالب المشروعة المنسجمة مع الدستور والقانون، "شرط الحفاظ على سلمية التظاهر واليقظة والحذر من محاولات الانتهازيين والمندّسين ركوب موجة التظاهرات وحرفها عن مسارها لأهداف لا تخدم الوطن والمواطن، وتجنّب الأضرار بالممتلكات العامة، والاصطدام مع الأجهزة الأمنية". ودعا البيان القوات العراقية إلى "بذل الجهود اللازمة لتأمين التظاهرات وحمايتها من المتربصين الذين يهدفون إلى خلط الأوراق وإثارة الصراعات والفتن".
كما كان العبادي قد عقد سلسلة من الاجتماعات الطارئة مع عدد من الخبراء والمستشارين لمناقشة الإصلاح المالي والإداري وتحسين الخدمات، مؤكداً على ضرورة وضع السبل العاجلة الكفيلة بالتصدي للفساد والمفسدين. وقال بيان صادر عن مكتب العبادي، إنّ مجلس الوزراء سيتبنّى إصلاحات دستورية في القريب العاجل، مبيناً أن البرنامج الحكومي سيخفض امتيازات المسؤولين، ويحاول تحسين الوضع المعيشي والخدماتي في البلاد، من خلال التنسيق مع العاملين في الدولة والكتل السياسية.
ويشهد العراق منذ أكثر من أسبوع حركة احتجاجات شعبية واسعة اجتاحت العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية، مندّدة بتفشّي الفساد في مفاصل الدولة وتردي الخدمات وفشل الإسلاميين في حكم البلاد بعد العام 2003، بينما حاول المالكي من خلال عدد من المليشيات المسلحة ركوب موجة التظاهرات بهدف إسقاط حكومة العبادي.
اقرأ أيضاً تظاهرات العراق: خارطة تتسع وسقف مطالب يرتفع