ضمن سلسلة "دراسات لسانية ومعجمية"، صدر حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات" كتابٌ بعنوان "رشفاتٌ من العربية: محاضراتٌ في التدقيق والتحرير" للباحث اللغوي الفلسطيني إلياس عطا الله.
يتوزّع الكتاب، الذي يمثّل "جهد اثنَي عشر عاماً" بحسب مؤلفه، بين ثلاثة أقسام؛ يضمُّ أوّلها موادّ ملحونةً مع تبيان مواضع اللحن وذكر الصواب استناداً إلى شواهد وأمثلة، ويضمّ الثاني موادّ أُدرجت ضمن اللحن في كتب التصويب والتقويم، ويراها المؤلّف كذلك دون أن يرى عيباً في استعمالها، في حين يُخصّص القسم الثاني لمواد أُقصيت من المعاجم الكلامية والكتابية رغم أنها غير ملحونة.
في مقدّمته، يُشير عطا الله إلى أنَّ بداية التفكير في الكتاب كانت مقتصرةً على إرشاد العاملين في التدقيق والتحرير اللغويَّين، قبل أن يتّسع المجالُ ليشمل طلبة الجامعات وهيئات تدريس العربية في الداخل الفلسطيني المحتل وطلبة "معهد الدوحة للدراسات العليا" والباحثين الجدد والأساتذة، موضّحاً: "وبهذا صار الكتاب موجَّهاً إلى شريحة واسعة من أهل العربية، شاملاً مباحث لم تتناولها الكتب المصنَّفة في التقويم من قبل، كمفهوم اللحن والخطأ وعصور الاحتجاج والفصاحة وما يُؤخذ على هذين الأخيرين، وموضوعة الفصل والوصل في الإملاء، ومواضيع/ ملاحِن أُخرى بدأت تشيع حديثاً، وبخاصّة في الأساليب وتفصيح العامّي وإيثاره على الفصيح المُغني عنه".
ويتسند عطا الله في إيراده الملاحن على شيوع التراكيب والمفردات الملحونة، خصوصاً في وسائل الإعلام التي تُعدّ الأكثر تأثيراً في المتلقّي وإسهاماً في ترسيخ الخطأ، إضافةً إلى كتب التدريس، وبخاصّة تلك الموجّهة للطلبة الفلسطينيّين في الداخل المحتل، والمقالات البحثية المنشورة وغير المنشورة، وفي المعاجم المعاصرة التي تُعدّ مراجع رئيسية للطلبة والأكاديميّين.
ويضمّ الكتابُ، أيضاً، مدخلَين يُقدّم فيهما الباحث ملاحظات في اللغة؛ الأوّل بعنوان "ملاحظات للكاتب والمدقّق والمحرّر"، والثاني بعنوان "في اللحن والخطأ"، ونقرأ فيه لقاءات مع باحثين وطلبة وأكاديميّين في دورات عن صوابية العربية ولغة الإعلام وأُسس التدقيق والتحرير اللغويَّين. كما يشتمل على ملحقات تتناول الأفعال التي جاءَتْ لاماتُها بالواوِ وبالياءِ، وملاحظات في الإملاء، وملاحظات في الإملاء القياسي.
يؤكد عطا الله في مقدمة الكتاب أنه لم ينهج نهج السابقين أو المعاصرين، فمنطلقه هو تعليم الصواب وطرائق كتابته "لا الانقضاض على اللحن وإبرازه؛ وعليه، سيجد قارئ الكتاب وضوحاً في ما أورِده، ونصائح تعينه على تجنّب اللحن، تاركاً له في الكثير من المواطن حرّيّة الاختيار بين الأفصح والفصيح والجيّد والمقبول، ناصحاً بعدم تفصيح العامّيّة في أيّ موطن يجد فيه ضالّته في الفصيحة".
يُذكر أن إلياس ذيب عطا الله أحد أبرز الباحثين الفلسطينيين في علوم اللغة العربية وناشطٌ في الدفاع عنها في الداخل الفلسطيني المحتل، وهو أحد الأعضاء المؤسّسين لـ "مجمّع اللغة العربية" حيفا. درّس في عدّة هيئاتٍ أكاديمية من بينها "الكلّية العربية" في حيفا بين 2003 و2015، و"معهد الدوحة للدراسات العليا" منذ 2015 إلى اليوم، كما أنه عضوٌ في المجلس العلمي لـ "معجم الدوحة التاريخي".
من إصداراته: "التذكير والتأنيث" (2019)، و"العربية بين حيادية الجنس اللغوي والحركة النسوية" (2019)، و"علم الصرف التصريفي العربي: الأفعال" (2017)، و"إذا الموءودة سُئلت" (2017)، و"تعلّموا العربية: قراءة في كتابَي "البديع" و"النبراس" لتدريس العربية في الداخل الفلسطيني" (2016)، و"موسوعة الدكتور عطا الله في علم العربية" التي صدرت ضمنها سبعة معاجم بين 2005 و2013.