إضراب قطاع الوقود في لبنان... شح الدولار يكبّل المستوردين

18 سبتمبر 2019
محطات الوقود تحذّر من الإضراب المفتوح (حسين بيضون)
+ الخط -
بدأت آثار أزمة الدولار تتسع في الأسواق اللبنانية، مع تنفيذ قطاع المحروقات، الأربعاء، إضراباً تحذيرياً ليوم واحد، في محاولة للضغط على المصرف المركزي لتأمين العملة الصعبة اللازمة لاستيراد المحروقات، وسط تحذير بإعلان الإضراب المفتوح. 

إلا أن الأمر لا يتوقف عند الوقود، إذ تفيد معلومات "العربي الجديد" بأن الأزمة تطاول غالبية السلع المستوردة، منها المواد التي تدخل في رزمة الحاجات الأساسية للمواطنين.

وحذرت مصادر تجارية من استفحال المشكلة خلال الفترة المقبلة، مع تقنين المصرف المركزي ضخ الدولارات في السوق، ورفع الفوائد إلى نسب قياسية على الاقتراض، إضافة إلى تحديد العديد من المصارف سقف السحوبات بالدولار، وذلك وسط شكوك واسعة بوصول مساعدات مؤتمر "سيدر" لدعم لبنان، قبل نهاية العام الحالي.

وفي حين استكملت الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري، الأربعاء، جلسات مناقشة موازنة 2020، تؤكد مصادر مصرفية لـ "العربي الجديد" تضاؤل فرص الحكومة في السيطرة على عجز الموازنة، وذلك بالتزامن مع تأثير خفض التصنيف الائتماني للبنان من قبل وكالة "فيتش" وتحذيرات وكالة "ستاندرد آند بورز" من تأزم الأوضاع، على قرارات الدول والمؤسسات العالمية في إقراض لبنان، لما يمثله ذلك من مخاطرة، بالرغم من ارتفاع العوائد على السندات.

وتشرح المصادر أن تراجع الاحتياطي الأجنبي لدى المصرف المركزي، يقابله ارتفاع العجز في ميزان المدفوعات، وتأثير ارتفاع أسعار النفط المرشحة للمزيد من التصاعد على تعميق عجز الموازنة، خاصة فيما يتعلق بتمويل الوقود اللازم للكهرباء، ستكون له آثار بديهية على السيولة الدولارية المتوافرة في الأسواق، ويفتح الخيارات المالية والنقدية أمام احتمالات واسعة، وسط مخاوف من عدم قدرة البنك المركزي على السيطرة أكثر على تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية.

وفي السياق، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، الأربعاء، إن المملكة تجري محادثات مع حكومة لبنان بشأن تقديم دعم مالي. وأضاف الجدعان، في مقابلة مع رويترز: "نضع أموالنا والتزامنا في لبنان، وسنواصل دعم لبنان ونعمل مع حكومته".

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أكد أخيراً أن مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية الأميركية "غولدمان ساكس غروب" أمّنت وديعة للبنان بقيمة 1.4 مليار دولار في شهر أغسطس/آب، فيما أعلن سلامة أن الاحتياطي الأجنبي ارتفع خلال الشهر ذاته بقيمة الوديعة الجديدة. وتراجع الاحتياطي الأجنبي لمصرف لبنان من 43.8 مليار دولار في كانون الثاني/يناير 2018 إلى 38.7 مليار دولار في نهاية أغسطس/آب.

وكشفت وكالة "بلومبيرغ" أن العوائد على سندات اليوروبوندز اللبنانية قد ترتفع إلى مستوى تاريخي يصل إلى 14.3 في المائة، وهو ما يؤدي، في حال قيام لبنان بإصدارات جديدة، إلى زيادة خدمة الدين العام المرتفعة أصلاً، وصعود حجم الدين الذي تعدى 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وكان وزير المالية على حسن خليل أكد، في حديث مع "رويترز" الأسبوع الماضي، أن لبنان ما زال يدرس إمكانية بيع سندات جديدة بالدولار، وأنه لم يعلن عن أي إصدار بعد.

ونفذ تجمع شركات المحروقات، ونقابات أصحاب المحطات والصهاريج، وموزعو المحروقات والغاز في لبنان، إضراباً عن العمل، الأربعاء، بسبب المشاكل في عملية تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار. وأيّد رئيس اتحاد نقابات النقل البري بسام طليس، في تصريح، "الإضراب الذي ينفذه قطاع المحروقات"، ودعا رئيس الحكومة "إلى معالجة هذا الموضوع، كي لا تتفاقم الأمور وتنعكس سلبا على الاقتصاد الوطني ومصالح المواطنين".

وكان المحتجون قد أصدروا بياناً، الثلاثاء، أكدوا فيه أنّه "نتيجة الاتصالات التي جرت منذ أسبوع حتى اليوم مع كل المسؤولين المعنيين بموضوع توفير الدولار للقطاع لتغطية الاستهلاك الفعلي من المحروقات، وتأمين عمليات تحويل مقبوضات المواد النفطية من الليرة إلى الدولار، لم يعط حتى الآن أي جواب من المعنيين". ودعوا إلى إيجاد الحلول المناسبة بالسرعة القصوى، حفاظاً على استمرار تأمين المواد النفطية للأسواق المحلية، وتفاديا لأي نقص في هذه المواد الأساسية.

وقال وزير الاقتصاد السابق والنائب الحالي نقولا نحاس، في تصريح إذاعي "إن ما يحصل في قطاع المحروقات اليوم يؤشر إلى أن النظام المالي يختنق ولا يمكن الإكمال بالنهج نفسه"، محذرا من "أن الوقت حان لمراجعة عميقة لما نحن فيه".

واعتبر نحاس أن: "الدولة لم تعد موجودة، بل أصبحت كناية عن تأمين مصالح أهل الحكم". في حين اعتبر النائب ادغار معلوف "أن الوضع الاقتصادي الذي وصلنا إليه، لا يمكن الخروج منه من دون قرارات موجعة".
المساهمون