أيها الزمن.. أينَ أنت؟

02 يونيو 2016
إيتيل عدنان
+ الخط -

أيها الزمن.. أينَ أنت؟
كنتُ مخطئةً..
لا نتركُ الحبَّ يتدفقُ
كالنهر.

أيها الزمن.. أين أنت؟
عُـدْ، واتركني
أكفّر عن حُكمي..


ماذا يمكن أن يعني؟
ماذا يمكن أن تعني تلك الصحراء؟

تسيلُ بلا توقف، بالدموع فقط..
لتصير في كل مرة أكثرَ جفافاً..
ماذا يمكن أن يعنيه هذا العمق؟
يجبركَ أن تأخذ،
حين تموت كلّ الآمال..

ماذا يمكن أن يعنيه هذا الحزن؟
تمضي إلى الليل تحمل معك
ما تظن أنه لن ينتهي..

ماذا يمكن أن يعنيه هذا الهدوء؟
تختبرهُ بعفويةٍ
بدون اسم، بدون شكل، بدونك..


لكي نولد
كم مرةً في حياتنا
نموت
ولا ندري ذلك،
إلا إذا ولدنا من جديد.

لكن هل نعرفُ كم من اللحظات
تمتلكها الحياة، وبكم نقيس الممات؟


لم أرَ
كنتُ أظنُّ
هذا هو الخطأ.
ولم أرَ
البساطةَ
البعيدة هناك..


سامحني
ورقة فارغة
تعكّر هدوءَكَ
بهمساتٍ
كتاباتٍ
أسطرٍ
وخطوطٍ
وبصماتٍ
من أفكاري
تتجوّل
باحثةً
وباحثةً
دون أن تعلمَ
بوجودها،
دون أن تعلمَ
باختفائها
سلامٌ لي
ولكَ أيضا..


لا أحد يجيبك
أحياناً
تسألني
ما هي الحياة؟
دون أن تملك الرغبة
في معرفةِ
الجواب حقا..

ألم تعثر عليها!

لا أحد
يجيبك
لأنه لا أحد
يمكنه الحصول على الإجابة..


أبحث في قلبك
أين أكون أنا، أنا من تسألُ،
يمكنك أن تجيبني
دون كل علومِ هذا العالم؟

ابحث في قلبك !
أنتَ، كالعادة، هناكَ
منتظراً نفسكَ
كعادتكَ في الصباح، كعادتكَ البارحة..


رأيتُها
رأيتُها قادمة
أتتوقّع ذلكَ، أم لا؟
ببطء، وفجأةٍ.
تغادرُ منتصرةً،
أو هكذا تعتقد.
لأنها فقط تستطيعُ أن تأخذَ
ما يمكنُ أن تحمله.
ما يمكنُ أن تخسرَه.
في كل مرّة تنتبه
أن شخصا آخرَ كان هو الأول
وتفهمُ مرة أخرى
من يمنحها القوة
لتستجيب فقط
ولتحمل في صمتٍ
وزن تلكَ المعرفة
للحياة الأبدية..


كلمات
كلماتٌ تصبحُ خالدة
كلماتٌ تتحدُ في الأبيات
كلمات تظهرُ وتموت
كلمات يمكنها التحليق
كلمات تدخل القلوب
كلمات تخبّأ الأسرار
كلمات بهديل النبع
الكلمات همهمةٌ ومشاعر
كلمات تكتنزُ العمق
كلمات تستبيح القلوب
كلمات ترتمي في السماء
كلمات تطفو وتغيب
كلمات تتماسك في الأبيات
كلمات تصبح خالدة..


لحظة من لقاء
حريّة المحيطِ تسود الشاطئ.
كلّ الظلمة ما تزال تحتوي الضياء.
على ضفاف السكون أضحى القلقُ موجةً.
وما تبقى، فقط، العالم الذي يأتي.

وكل شيءٍ يبدو لاشيءَ، حين تبحث عن الخلود،
وفي يأسٍ هادئٍ، يكون الصمتُ هو الكلام.
التعاسةُ في حدّ ذاتها تحتوي السعادة
حين، الخضوع، يترك هذا العالم.

همٌ باهت يخفي الحقيقة
ليوضّحها فقط حينَ يغادر.
ليصبحَ الآن عابرا
ويعودُ أبدياً في لحظةَ من اللقاء.


PIETÀ
نظرةٌ تخترق الرخامَ الخالص
لتغني حباً لا مثيل له
وتحملُ في استقالتها الأبدية،
كل الألم الذي يسكنُ العالم.

ينكمش الفضاءُ ويختفي الزمن،
يبقى الرّخامُ فقط يبكي في صمت...
غبيةٌ هذه الطبيعة. فقط هو اليأسُ
عندما يستدعي الموت تقديره للحياة.

البشرية تدخل هذا الضياع
لإسهاماتها، ولذنبها الساحق.
فقط مريم العذراء تصلي
لأجل غفراننا.

من السماء تأتي الرحمة، وتجيء النعمة،
يبقى الرخامُ فقط حياً.
أيقونةً أبدية، منحوتةً لكَ،
رسول الرحمة الإلهية.


نور هادئ

في الغرفةِ العميقةِ أشعلْ نوراً
فلطالما انتظرت تغلغلَ أشعتهِ،
شاهدْ روحكَ بأناقةٍ جدُّ بسيطة
لتلتقي فعلاً بنورها الهادئ.

واتركْ أشعتهُ تنغمسُ بشدّةٍ
لتضيء كلّ زاوية.
سهرٌ بلا راحةٍ لا يخفي شيئا
حينَ يقابلُ روحها المجهولة.


أبعدْ التفكير

أبعدْ الحجاب الذي يخفيك
أبعدْ الخوف الذي يضرّ استطاعتكَ
أبعدْ الظلَّ الذي يغطي الكلمة،
وفوق كل ذلك، أبعد التفكير.


Elena Liliana Popescu شاعرة رومانية من مواليد 1948، وأستاذة للرياضيات في جامعة بوخارست.

**ترجمة عن الإسبانية: ميلود حميدة

 
المساهمون