أول مسرحيّة سوريّة لا تخضع لسلطة رقابية

20 سبتمبر 2014
النظام السوري حارب الفنّ المسرحي (جواد قربي/ العربي الجديد)
+ الخط -
"طريق الخبز" فرقة أسّسها المخرج الفلسطيني السوري سلمان محمد، قدّمت أول عروضها في القسم الخاضع لسيطرة المعارضة في مدينة حلب، داخل صالة أفراح مهجورة على إحدى جبهات القتال.  
عرضت فرقة طريق الخبز مسرحية "دكاكين" على مدار ثلاثة أيام، 8-10 سبتمبر/ أيلول الجاري، وجاءت تسمية الفرقة، طريق الخبز (Bread way)، ليتقاطع مناقضاً وساخراً ربما من اسم شارع المسارح في مدينة نيويورك (Broad way) المدينة الأكثر أماناً في العالم، في حين أنّ حلب تُعد المدينة الأكثر خطورة.

لأول مرة من دون رقابة

"دكاكين" التي كتبها وأخرجها سلمان، هي العرض الأول من نوعه في سورية منذ خمسين عاماً، يصل إلى خشبة المسرح من دون أن يمرّ نصّه على مكتب الرقابة الأمنية، ولا أن  يحضره مسؤولون استخباراتيّون ليكتبوا تقريراً عن العرض ويقدّموه إلى الفروع الأمنية، كما جرت العادة في أيام حكم نظام البعث.
يقول المخرج سلمان محمد لـ"العربي الجديد": "النظام السوري حارب الفنّ المسرحي حتى وصل المسرح في عهد بشار الأسد إلى تهريج مبتذل، دون أيّة أهداف نقديّة، أو كان مسرحاً نخبوياً للمثقفين الذين نالوا رضى النظام".
دار العرض حول متسلّقي الثورة، الذين بدّلوا اتجاهاتهم تبعاً لمصالحهم الشخصية على حساب الثورة، كما سلط الضوء من خلال خمس شخصيات على نماذج أثّرت في عمل المعارضة السورية، وهي: تاجر ومدرّس وعسكري وإعلامي وسياسي، وكيف يبدل كلّ منهم مواقفه بحسب ما يتطلّبه التمويل، أما ضمير الشعب فجسّده ممثلون أدوا دور المتظاهرين.

لن أصير لاجئاً مرة أخرى

جسد العرض شباب من ناشطي الثورة السورية، من خلفيّات مهنية مختلفة، أطباء وعسكريّون، إعلاميّون وصحافيّون، إضافة إلى عاملين في الإغاثة. تعود أصولهم إلى مناطق متعددة من سورية، وأغلبهم بلا أيّة خبرة، حيث كانت "دكاكين" تجربتهم الأولى.

وكان المخرج سلمان محمّد قد نشط في الثورة السورية منذ 2011 ثم اضطر للنزوح لمدة عام إلى تركيا، وعاد اليوم إلى سورية. يقول عن هذا القرار: "لن أكون لاجئاً مرّتين، فبعد أن خسرتُ فلسطين ليس عندي أي استعداد لأن أخسر سورية".

وائل عادل، أحد الذين حضروا العرض، قال: "العمل كان رائعاً على الرغم من وجود الصالة بين الأبنية المدمَّرة، لكن العمل أعاد إلينا الشعور بقدرتنا على البناء، ليس بناء الجدران والأسطحة هو ما يهمّنا كسوريين بالدرجة الأولى، بل بناء الإنسان الذي كان مغلوباً على أمره طوال سنين مضت".

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الأوضاع الأمنية السيئة في حلب تشكّل عائقاً أمام مشاريع كهذه، أجاب وائل: "حضر مئة شخص العرض الأول، كما أنني لا أعتقد أنه يشكّل عائقاً لأن سكان حلب يتعايشون مع الخطر كل يوم".

يُذكر أن العرض حضره عدد كبير من مقاتلي المعارضة السورية، وكان من اللافت دخولهم من دون أسلحتهم، كما يُشار إلى أنّ القائمين على العمل أجّلوا العرض التلفزيوني لأسباب أمنيّة تتعلق بالسلامة الشخصية لأعضاء الفرقة، جراء قصف النظام واستهدافه أي نشاط مدني.

تمويل ذاتي و"طريق الخبز" ستستمر

تمويل "دكاكين" كان ذاتياً من قبل أعضاء الفرقة أنفسهم، إضافة إلى تبرعات شخصية من بعض الأصدقاء، فأغلب مواد العرض جيء بها ممّا هو متوفر أساساً، كما تبرّعت مجموعة من التجّار المحلّيين ببعض الاحتياجات. ورغم أن الفرقة تلقّت الكثير من العروض التي كانت جاهزة لتبنّي الفرقة مادياً، إلا أن لسلمان رأياً آخر: "نحن مؤمنون أن أي عمل وطني ثوري إن لم يكن بمال وطني وبجهد أبناء الوطن، فهو بلا قيمة مفيدة للمجتمع، لأن أي مال سيقدّم سيكون مشروطاً بالتبعيّة. السبب الثاني هو أن الشباب المتطوّعين شعروا بنبض الثورة، عندما علموا أن هذا العرض بتمويل ذاتي، وهكذا كانت الحال في الأيام الأولى للثوة السورية".

المساهمون