أنقرة تتمسك بالحسم في عفرين وتمهد لمنطقة آمنة حول منبج

16 مارس 2018
عناصر من "الجيش الحر"بعد سيطرتهم على قرى بمحور جندريس(الأناضول)
+ الخط -
يضيق الخناق على عناصر الوحدات الكردية في منطقة عفرين شمال غربي سورية، في ظلّ تقدّم مستمر للجيشين التركي و"السوري الحر" على أكثر من محور لإحكام الطوق على المدينة ودفع العناصر الكردية للخروج منها. وأكّد مسؤولون أتراك أنّ جيش بلادهم سيطر على نحو 70 في المائة من مساحة منطقة عفرين، متوقعين تحقيق حسم عسكري خلال وقت قصير، وتأمين الحدود التركية السورية، وذلك على وقع حديث عن اتفاق تركي – أميركي على إقامة "منطقة آمنة" حول مدينة منبج شمال شرقي حلب، التي لا تزال تحت سيطرة الوحدات الكردية.

وأكّد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، إن تركيا ستقيم مع الولايات المتحدة "منطقة آمنة" حول منبج "إذا أوفت واشنطن بوعودها"، موضحاً أن "الاتفاق بين أنقرة وواشنطن بشأن هذه المدينة ملزم، وتغيير وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون (الذي أقيل قبل أيام من منصبه) لن يؤثّر على الاتفاق حتى وإن تأخّر أسبوعاً أو أسبوعين".

وكانت أنقرة قد أعلنت أخيراً أنها توصلت لاتفاق مع واشنطن حول مدينة منبج التي تقع غربي نهر الفرات، من شأنه إنهاء وجود الوحدات الكردية في المدينة ذات الغالبية العربية من السكان. ومن المرجح أن تتولى أنقرة وواشنطن إدارة المدينة وبعض مناطق ريفها بشكل مشترك، لتفادي صدام جديد بين الجيش التركي، والوحدات الكردية التي تتجه نحو فقدان أي وجود أو نفوذ لها في منطقة غربي الفرات بشكل كامل.

وبات من الواضح أن الجيش التركي ماضٍ في عملياته حتى تحقيق أهدافه في طرد الوحدات الكردية إلى منطقة شرقي نهر الفرات، حيث من المتوقع أن تنتقل المعارك إلى مدينة تل رفعت وقرى سكانها عرب في محيطها كانت سيطرت عليها الوحدات أوائل عام 2016.

في موازاة ذلك، أكد كالن أن بلاده لا تنوي تسليم مدينة عفرين للنظام السوري بعد الانتهاء من حملتها العسكرية في المنطقة والسيطرة عليها. وأشار كالن إلى أنّ "الإرهابيين أرادوا تحويل منطقة عفرين السورية، إلى جبل قنديل ثانٍ (معقل حزب العمال الكردستاني في شمال العراق)، لكن عملية غصن الزيتون حالت دون ذلك". ونقلت وكالة "الأناضول" التركية للأنباء عن كالن قوله "إنّ قوات غصن الزيتون، استطاعت حتى اليوم بسط الأمن على 70 في المائة من مساحة منطقة عفرين"، مضيفاً: "ضاق الخناق على الإرهابيين في عفرين، ونتوقّع تطهير مركز المدنية بشكل كامل خلال فترة قصيرة جداً".

وأكّد كالن "أنّ قوات غصن الزيتون تواصل تقدمها نحو مركز مدينة عفرين، آخذةً بعين الاعتبار عدم إلحاق الضرر بالمدنيين الذين يقطنون تلك المنطقة"، نافياً مزاعم دول غربية بتسبب العملية التركية بمقتل مدنيين، قائلاً: "نقول لتلك الدول بوضوح تام، أين قُتل المدنيون في عفرين، قولوا لنا؟ أين ومتى استهدفت قوات غصن الزيتون المدنيين؟". ولفت كالن إلى أن "هناك العديد من الوثائق والأدلة التي تشير إلى وجود أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب وخصوصاً من أوروبا، في تلك المنطقة، وقد عثرنا على هذه الوثائق".

وواصل الجيشان التركي و"السوري الحر"، أمس الخميس، التقدّم في محيط مدينة عفرين في إطار عملية "غصن الزيتون". وقالت مصادر لـ "العربي الجديد" إن "الجيش السوري الحر" سيطر بعد اشتباكات مع الوحدات الكردية على قرية المحبية في محور بلبل شمال عفرين، وعلى قريتي الزرقا وغالور وجبل بركش وتلة 1102 في محور أدمانلي شمال غرب المدينة. كما سيطر "الجيش السوري الحر" على قرية مسكة فوقاني والتلال المحيطة بها في محور جنديرس جنوب غرب عفرين، وقرى بركة وجومازانلي وحمو راجو وعلي جارو في محور شيخ الحديد غرب المدينة.


وأشارت المصادر إلى أنّ معارك وصفتها بـ"العنيفة" تدور في محاور باسوطة وعين دارة جنوب غرب عفرين، وفي محاور قرزيحل ودير مشمش جنوب عفرين، في سعي من "الجيش السوري الحر" لإحكام الطوق على عناصر الوحدات في عفرين.


من جهتها، أعلنت رئاسة الأركان التركية، أمس، عن "تحييد 3524 إرهابياً منذ انطلاق عملية غصن الزيتون في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي"

من جهة أخرى، وفي حادث لافت، اغتيل صباح أمس الخميس، قيادي كردي سوري معروف في مدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي التي تسيطر عليها الوحدات الكردية منذ عام 2015، إثر طرد تنظيم "داعش" منها.


وقالت مصادر مطلعة إن عمر علوش الرئيس المشترك للجنة العلاقات العامة في "مجلس الرقة المدني"، وعضو مكتب العلاقات في "مجلس سورية الديمقراطية" وُجد مقتولاً في منزله. وكان علوش يعد من الشخصيات المعروفة بعلاقاتها الواسعة مع الجانب الأميركي، وكان له دور في مجال إعادة الإعمار في محافظة الرقة، التي بات أغلبها تحت سيطرة قوات "سورية الديمقراطية".

وأكدت مصادر محلية أن مجهولين استخدموا مسدساً مزوداً بكاتم صوت، لاغتيال المسؤول الكردي، إلاّ أنّ مصادر سورية معارضة أكّدت أن جهات لها علاقة بحزب "الاتحاد الديمقراطي الكردي" الذي يتخذ من الوحدات الكردية ذراعاً عسكرية له، اغتالت علوش لأنه كان بصدد إنشاء حزب جديد تحت اسم "سورية المستقبل"، بعيداً عن سيطرة قادة "حزب العمال الكردستاني"، الذين اتخذوا من حزب "الاتحاد الديمقراطي" ذراعاً لهم داخل الأراضي السورية.