بماذا نفكّر حين نواجه آلة التصوير؟ يهمّنا أن نظهر في صورة جيدة، أصغر سنّاً، مهندمين، حيويين... نبتسم للعدسة، لمن يلتقط لنا الصورة، ونشكره إذا أعطانا إرشادات لتكون صورتنا أجمل: "ابتسم، لا تُظهر أسنانك، ارفع ذقنك...".
هو يرانا أفضل مما نرى أنفسنا، يرى كيف نظهر في الصورة، كيف تلتقط العدسة تفاصيلنا، وكيف تبثّها.
حين نستعدّ للصورة، في الثواني القليلة التي تسبق الضغط على الزر، نتوتّر. يطول الزمن. تمتدّ الدقائق. نفكّر في أمور كثيرة. تتوالى الصور في ذاكرتنا ومخيّلتنا، يختلط الحقيقي بالخيالي، الماضي بالحاضر، الأحلام بالأوهام، الخيبات بالأفراح... نتذكّر من نحبّهم علّهم يسعفوننا، نتذكّر أجمل الناس علّهم يلهموننا. نتذكّر المشاهير من نجوم الفنون المختلفة.
لهذا، ربما، التقطتْ للنسوة، منذ ستينيات القرن الماضي، ملايين الصور وهن يستحضرن الجميلة مارلين مونرو، بإضافة شامة على الخدّ، وباحتضان فساتينهن بعذوبة تفتقر إلى العفوية، لكنها تجتهد... واليوم، ملايين الفتيات والسيدات يرسمن قبلة لمجهول ما أو معلوم، ويرسلنها عبر الصور، مقلّدات النجمة كيم كاردشيان، حتى باتت الشفاه المقلوبة تلك مبتذلة، يشبّهها البعض بشفتي البطة "النزقة".
أرشد المصوّر مونرو إلى فتحة الهواء السفلية ليراقص فستانها. كان هناك من صمّم وخطّط لصناعة اللقطة والنموذج ككلّ. اليوم لا تحتاج النجمات إلى كثير من الارشاد. تراكمت خبرة الإناث في مخاطبة العدسة، صرن يتحدّثن لغة الجسد بطلاقة، ويوحين للجميع أنهنّ يعرفن جيداً ما يقمن به. لذا شاعت بين الفتيات رغبة اظهار شقوق شفاههن واكتنازها. السيليكون لا يكفي، يجب أن تكون الشفاه بارزة وحمراء قانية، ليكون ذاك الرابض خلف العدسة راضياً، ليخبرهن أنهن نجحن في تقمّص "كيم"، قبل أن يضغط الزر ويلمع الفلاش، وينتهي الأمر.
في مواجهة العدسة، في تلك الثواني مكثفة التوتر، الأرجح أننا نستحضر الكثير من هواجسنا، خوفنا من الشيخوخة، ذعرنا من القبح، كرهنا للصقيع... هكذا أيضاً نختار صورة بورفايل الواتس أب والفيسبوك وتويتر... وحين لا نرضى عن صورنا، نتهم المصور بالفشل والكاميرا بعيب تقني، فنسرق صور الزهور والفراشات والكائنات الرقيقة، أو نستعيرها. حين لا نرى في وجوهنا الا المخاوف، نستعين بصديق رقيق من الطبيعة أو عالم الفوتوشوب.
هو يرانا أفضل مما نرى أنفسنا، يرى كيف نظهر في الصورة، كيف تلتقط العدسة تفاصيلنا، وكيف تبثّها.
حين نستعدّ للصورة، في الثواني القليلة التي تسبق الضغط على الزر، نتوتّر. يطول الزمن. تمتدّ الدقائق. نفكّر في أمور كثيرة. تتوالى الصور في ذاكرتنا ومخيّلتنا، يختلط الحقيقي بالخيالي، الماضي بالحاضر، الأحلام بالأوهام، الخيبات بالأفراح... نتذكّر من نحبّهم علّهم يسعفوننا، نتذكّر أجمل الناس علّهم يلهموننا. نتذكّر المشاهير من نجوم الفنون المختلفة.
لهذا، ربما، التقطتْ للنسوة، منذ ستينيات القرن الماضي، ملايين الصور وهن يستحضرن الجميلة مارلين مونرو، بإضافة شامة على الخدّ، وباحتضان فساتينهن بعذوبة تفتقر إلى العفوية، لكنها تجتهد... واليوم، ملايين الفتيات والسيدات يرسمن قبلة لمجهول ما أو معلوم، ويرسلنها عبر الصور، مقلّدات النجمة كيم كاردشيان، حتى باتت الشفاه المقلوبة تلك مبتذلة، يشبّهها البعض بشفتي البطة "النزقة".
أرشد المصوّر مونرو إلى فتحة الهواء السفلية ليراقص فستانها. كان هناك من صمّم وخطّط لصناعة اللقطة والنموذج ككلّ. اليوم لا تحتاج النجمات إلى كثير من الارشاد. تراكمت خبرة الإناث في مخاطبة العدسة، صرن يتحدّثن لغة الجسد بطلاقة، ويوحين للجميع أنهنّ يعرفن جيداً ما يقمن به. لذا شاعت بين الفتيات رغبة اظهار شقوق شفاههن واكتنازها. السيليكون لا يكفي، يجب أن تكون الشفاه بارزة وحمراء قانية، ليكون ذاك الرابض خلف العدسة راضياً، ليخبرهن أنهن نجحن في تقمّص "كيم"، قبل أن يضغط الزر ويلمع الفلاش، وينتهي الأمر.
في مواجهة العدسة، في تلك الثواني مكثفة التوتر، الأرجح أننا نستحضر الكثير من هواجسنا، خوفنا من الشيخوخة، ذعرنا من القبح، كرهنا للصقيع... هكذا أيضاً نختار صورة بورفايل الواتس أب والفيسبوك وتويتر... وحين لا نرضى عن صورنا، نتهم المصور بالفشل والكاميرا بعيب تقني، فنسرق صور الزهور والفراشات والكائنات الرقيقة، أو نستعيرها. حين لا نرى في وجوهنا الا المخاوف، نستعين بصديق رقيق من الطبيعة أو عالم الفوتوشوب.
الكاتبات أيضاً يهجسن بصورتهن. تلقائياً يضعن كفوفهن تحت خدودهن ويدّعين التفكير العميق. معظم صور الكاتبات لها وضعية "المفكّر" هذه. هذا ما يردن أن يصبحن عليه. ألا يحاسبن كصورة عابرة، أن تكون لصورهن أبعاد ثلاثة. أن يعرف الآخر أنهن عميقات وجادات ومنشغلات في شؤون الكون، وليس فقط في معيشة أولادهن وتدبير أمور منازلهن وإرضاء أزواجهن ومدرائهن، وأنهن يملكن وقتاً للتفكير العميق. هذا الوقت يحتشد في الثواني القليلة التي تسبق التقاط صورة. مهلة الأمل التي إن فشلت في التتويج تتحوّل إلى لحظة مرعبة.
حين لا نرى في الصورة ما نريد إظهاره، ولا نجد أنفسنا كما نتوق إليها ونحلم بها، لا يكون العيب في المصوّر أو الآلة أو التظهير أو الفلاش أو أي شيء في العالم، سوانا. يكون العيب في عمق روحنا. يكون الخواء أكبر من أن تحتويه أي عدسة.