أميركا خسرت 600 مليار دولار من سرقات الصين للملكية الفكرية

28 مارس 2018
طائرات بوينغ المعدة للصين تحت التصنيع بساوث كارولينا (Getty)
+ الخط -


أظهرت دراسة أميركية حديثة أن الصين حرمت الولايات المتحدة الأميركية من إيرادات تقدر بحوالي 600 مليار دولار، كما أضاعت على المواطنين الأميركيين آلاف الوظائف، من جراء سرقة مواطنيها وشركاتها لحقوق الملكية الفكرية، والتكنولوجيا الحديثة، والأسرار التجارية للولايات المتحدة، على الرغم من جهود الوساطة الهادئة الجارية حالياً، لتجنب نشوب حرب تجارية بين البلدين.

وقالت الدراسة، الصادرة عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن قبل ايام، تزامناً مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض تعرفات جمركية جديدة على الواردات الأميركية من الصين، إن التجسس الإلكتروني الصيني وحده كان يكلف الولايات المتحدة حتى فترة قريبة ماضية ما يتراوح بين 20 – 30 مليار دولار سنوياً.

أعد الدراسة جيمس أندرو لويس، نائب رئيس المركز، وهو صاحب خبرات واسعة، عسكرية ودبلوماسية وتكنولوجية وأمنية.

وأكدت الدراسة أن هذا الرقم لا تدخل فيه الخسائر الناتجة عن التجسس التقليدي، باستخدام العملاء على سبيل المثال. كما قدرت الدراسة أن الكلفة التراكمية لهذا التجسس الإلكتروني قد تصل إلى 600 مليار دولار، كونه مستمراً منذ أكثر من عقدين.

وكان ترامب قد أعلن، يوم الخميس الماضي، فرض تعرفات جمركية جديدة على ما قيمته 60 مليار دولار من واردات بلاده من الصين، في ما يبدو أنها خطوة أولى باتجاه فرض قيود على واردات بلاده منها، لوضع حد لما تعتبره الإدارة الأميركية ممارسات تجارية واستثمارية غير عادلة.


كما قرر ترامب أيضاً فرض قيود على عمليات الاستحواذ التي تقوم بها الشركات الصينية داخل الولايات المتحدة الأميركية، وعلى عمليات النقل التي تقوم بها الصين للتكنولوجيا الأميركية. وأكد البيت الأبيض أن التعرفات المقترحة ستحمل الصين مبالغ مقاربة للمكاسب التي حققتها من جراء ممارساتها التجارية غير العادلة مع الولايات المتحدة الأميركية. 

وقال لويس، الذي أمضى فترة من حياته العملية منخرطاً في متابعة عمليات التجارة في أجهزة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع الصين، وفي إعداد السياسات الخاصة بالأمن المعلوماتي وسياسات الإنترنت، إنه "إذا كانت بعض حقوق الملكية الفكرية المسروقة لا يمكن تحويلها إلى منتجات، وهو ما يجعل الخسارة في هذه الحالات غير موجودة، فيجب الأخذ في الاعتبار أنه في حالاتٍ أخرى تعاني الشركة الضحية من خسائر في الإيرادات لسنواتٍ طويلة".

وأوضح أن هذا يمثل دعماً غير قانوني تحصل عليه الشركات الصينية، حيث لا يتعين عليها إنفاق مبالغ طائلة على البحث والتطوير، لأنها ببساطة يمكنها الوصول إلى الأبحاث في الولايات المتحدة.

وحسب لويس فإن الصين تتجسس إلكترونياً على الولايات المتحدة الأميركية، وأن هذا التجسس في قطاع الاقتصاد يشمل أنواعاً كثيرة من السلع والمنتجات، بدايةً من السلع المنزلية البسيطة، مثل الأثاث الخشبي وطلاء المنازل إلى أكثر منتجات التكنولوجيا المتقدمة تطوراً، "وهذا جزءٌ هامٌ من تفسير النمو الاقتصادي السريع للصين".

وأضاف أيضاً أن التجسس الإلكتروني يمثل معظم عمليات سرقة الملكية الفكرية، وليس جميعها.

وتكلّف تعاملات الولايات المتحدة التجارية مع الصين عجزاً في الميزان التجاري الأميركي وصل العام الماضي 2017 إلى 375 مليار دولار، من إجمالي العجز التجاري الأميركي الذي يقدر بحوالي 566 مليار دولار.

وتشكل واردات أجهزة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والحواسيب الآلية ومستلزماتها النسبة الأكبر فيها. ويرى ترامب وفريقه أن أغلب هذا العجز ناتج عن "الممارسات التجارية الصينية التمييزية وسرقة الملكية الفكرية الأميركية وعمليات نقل التكنولوجيا غير العادلة".

ولتلخيص كيفية وصولهم لأرقام الخسائر المذكورة، أشارت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة خسرت من جرائم الإنترنت ما يقرب من مائة مليار دولار سنوياً، وذلك خلال العقد الذي سبق اتفاق باراك أوباما مع الرئيس الصيني شي جين بينغ على الابتعاد عن التجسس الإلكتروني التجاري عام 2015.

وقدرت الدراسة أن ثلث هذا المبلغ تقريباً (30 مليار دولار) يمكن إرجاعه إلى سرقة الملكية الفكرية (ويعكس الثلثان الآخران خسائر الجريمة المالية وتكاليف الاسترداد). وقدرت الدراسة أن الصين مسؤولة عن معظم التجسس الإلكتروني الاقتصادي ضد الولايات المتحدة، بما لا يقل عن ثلاثة أرباع الخسائر التي تتحملها الأخيرة.

وقبل أيام، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية تقريراً مفصلاً، في 215 صفحة، قالت فيه إن تحقيقاً موسعاً قامت به، أكد وجود حالات متعددة استمرت فيها الصين في القيام بالتجسس الإلكتروني الاقتصادي على الولايات المتحدة، بعد اتفاق عام 2015. لكن التقرير لم يذكر هذه الحوادث.

ويقول لويس "بالنسبة لبعض الشركات، قد تكون كلفة سرقة الشركات الصينية للملكية الفكرية قاتلة، وخاصة إذا أضفنا إليها مشكلات العمل الأخرى"، وأشار إلى أن هناك أيضاً تأثيراً على التوظيف. كما ذكرت الدراسة أن الأبحاث التي أجرتها وزارة التجارة الدولية والاتحاد الأوروبي أكدت أن كل صادرات بقيمة مليار دولار أوجدت حوالي 6000 فرصة عمل.
دلالات
المساهمون