عن "دار الآداب" في بيروت، أصدر الشاعر والروائي الأردني، المقيم في لندن، أمجد ناصر روايته الثالثة "هنا الوردة"، بعد "حيث لا تسقط الأمطار" (2011)، و"خذ هذا الخاتم" (2014).
يدور العمل حول شخصيته الرئيسة "يونس الخطاط"، والذي يبتلعه الحوت المجازي، فهو شخصية مثيرة للإعجاب إذ إنه مزيج من العاشق والمتمرّد والمغامر والحالم الذي يمشي إلى هدفه الكبير، جارّاً معه سائر شخصيات الرواية التي ترى حقيقته، بينما هو الوحيد الذي لا يرى ذاته، لأنه ببساطة، "دون كيشوت عربي".
نقرأ على الغلاف الأخير للرواية: "كان لدى دون كيشوت تابعه الأمين الذي ينبهه إلى حقيقة ما يجري في الواقع، لكن من ينبّه يونس؟"، مشيراً إلى أن ثمة من يقدم نفسه في مستهل الرواية كأنه الكاتب، إلا أن القارئ سيكتشف دون إبطاء أنه ليس كذلك".
أمجد ناصر، والذي كتب الرواية بعد إصدارات شعرية عدّة وكتبٍ في أدب الرحلة، يؤكد في مقابلات صحافية سابقة أن "الكتابة، عموماً، هي بيت الكاتب. هي أرضه ومكانه، وليس صدفة، على ما يبدو، أن يسمّى الشطر في الشعر العربي بيتاً"، لافتاً إلى أن هذا إدراك عربي سابق على قول الشاعر الألماني هولدرلين للعلاقة الأنطولوجية بين الشاعر، أو الكاتب، والكتابة نفسها.
ويرى صاحب مجموعة "مديح لمقهى آخر" (1979)، أنه لم يشعر باغتراب كتابي عندما كتب الرواية، لأنه لم يكن بعيداً عن عوالم السرد والقص، مضيفاً "هناك مقدمّات مبكرة وممارسة طويلة للكتابة السردية في أعمالي حتى الشعرية منها".
وعودة إلى "هنا الوردة"، وفي مقطع منها يتحدث عن بطلها يونس: "كان يحمل نسخة مختصرة من كتاب حكائيٍّ مترجمٍ يرجع إلى القرن السادس عشر، ورغم اختصارها فهي تقع في نحو 400 صفحة. إنه يحبُّ هذا الكتاب الذي يسخر فيه كاتبه من قصص الفروسية والفرسان الشائعة في زمانه من خلال رحلة مضحكة مبكية، فرحة وحزينة، لبطل كتابه، الفارس الذي لا يشبه الفرسان في شيء سوى برمحه الهزيل مثله، وبخادمه، الذي يبدو أكثر معرفة بأمور الحياة من سيِّدٍ يظنُّ طواحين الهواء جيشاً من المَرَدة".
ويتابع المقطع الذي يبدو كأنه على لسان الكاتب/ الرواي "تغيَّرت قراءات يونس أكثر من مرة، بحسب انشغالاته، فيمكنها أن تكون فلسفية ونقدية، سوسيولوجية بل واقتصادية، أدبية وشعرية بالطبع، قراءات نطاطة، لكنَّ كل ذلك لم يمنعه من مواصلة شغفه بقراءة قصص المغامرات ولو من وراء ظهر رفاقه المنكبّين على أدبيات التثقيف الحزبي الجافّة، تلك الملخَّصات الكليَّة التي يراد لها أن تشفي العالم من آلامه الأرضية ونواحه على كسرة خبز وشربة ماء".
ليخلص إلى "إن كان ذلك تعبيراً عن التناقض بين الفكرة والشغف، بين ما سمَّاه كاتبٌ "قراءات النهار" و"قراءات الليل"، ففي عروق كلِّ امرىء يسري، لا ريب، شيء من هذا الإكسير الانفصامي، يكون المرء حداثيّاً في الشعر ويحبُّ الروايات التقليدية، أو تقدميّاً ويبقي كوَّة صغيرة تطلُّ على العالم الرجعي الأليف، ملحداً ويشهق يا الله عندما تصيبه مصيبة، فناناً تشكيليّاً تجريبيّاً ولا تطرب أذنه إلا إلى مواويل فلكلورية، وهكذا".
يذكر أن أمجد ناصر ولد عام 1955. وله إصدارات شعرية عدة، منها: "منذ جلعاد كان يصعد الجبل" (1981)، و""رعاة العزلة" (1986)، و"وصول الغرباء" (1990)، و""سرّ من رآك" (1994)، و"مرتقى الأنفاس" (1997)، و"حياة كسرد متقطع" (2005).