أدّى أكثر من 300 ألف فلسطيني صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان في المسجد الأقصى المبارك، وسط إجراءات وتدابير أمنية لقوات الاحتلال، للأسبوع الثالث على التوالي عزلت خلالها المدينة المقدسة، خاصة بلدتها القديمة، عن محيطها؛ حيث أغلقت جميع محاور الطريق أمام المركبات الخاصة، ما اضطر عشرات الآلاف للسير مسافات طويلة على الأقدام.
وقال مدير عام أوقاف القدس، الشيخ عزام الخطيب، في تصريح خاص لـ"لعربي الجديد"، إنّ توافد هذا العدد الهائل من المصلين للأقصى في الجمعة الثالثة من الشهر الفضيل كان متوقعا، وقد استعدت له الأوقاف تماما عبر طواقمها المختلفة من حراس وفرق نظام، وبالتعاون مع مفوضية الكشافة وكذلك الطواقم الطبية والتمريضية العاملة في باحات الأقصى، والتي قدمت العلاجات والإسعافات الأولية لعشرات المواطنين الذين أصيبوا بحالات إغماء وإعياء.
وأكد أن أعداد المصلين كانت ستكون أكبر لو أن سلطات الاحتلال سمحت للآلاف من الشباب ممن تقل أعمارهم عن 30 عاما بالدخول. ومع ذلك، عبّر الخطيب عن سعادته لهذا التوافد الهائل من المواطنين للأقصى من مختلف أنحاء فلسطين.
وقال: "دائما نداء الأقصى مسموع وملبى، وهو يؤكد على تمسك شعبنا وأمتنا بإسلامية الأقصى وعروبة القدس بالرغم من ممارسات الاحتلال ومحاولاته نزع سيطرتنا عنه، وهذا لن يحدث أبدا".
بدورها، أكدت فرق التمريض والإسعاف التي عملت في الأقصى اليوم حتى ساعات الظهيرة، تلقي أكثر من 220 مواطناً ومواطنة غالبيتهم من كبار السن، الذين ساروا مسافات طويلة، الإسعاف الأولي في عيادات الطوارئ التي أقيمت داخل الأقصى، ونتجت هذه الإصابات عن حالات إعياء وإغماء وإصابات بارتفاع الضغط وانخفاضه ورضوض.
وكانت فرق الكشافة المقدسية، بالتعاون مع حراس الأقصى، قد حفظت أمن وسلامة المصلين داخل باحات الأقصى. وأفاد ماهر محيسن رئيس مفوضية الكشافة، لـ"لعربي الجديد"، أن فرق الكشافة المقدسية عملت بموجب خطة طوارئ للأسبوع الثالث على التوالي، ما ساهم في تأمين السلامة والأمن لعشرات آلاف المصلين. ولفت إلى أن أعداداً إضافية من المتطوعين انضمت إليهم اليوم، بسبب العدد الهائل من المصلين.
ودعا خطيب الأقصى الشعب الفلسطيني إلى التوحد ورص الصفوف وإنهاء الانقسام، مؤكدا أن الأخطار والتحديات التي تواجه القدس والأقصى والقضية الفلسطينية كبيرة جدا وعظيمة، كما أنها هي التحديات التي تواجه مستقبل الأمة جميعا والتي تعاني هي الأخرى من الفرقة والانقسام، ما يفرح الأعداء بها.
وجدّد دعوته لجماهير الشعب الفلسطيني بإعمار المسجد الأقصى على مدى العام، فالأقصى بحاجة لهم في هذا الظرف العصيب الذي يواجهه مع تصاعد اقتحامات المستوطنين له.
في المقابل، شدد الاحتلال من تدابيره العسكرية على الحواجز المحيطة بالبلدة القديمة، ومنع مئات الأطفال من الدخول، فيما أرغمت مجندات الاحتلال النساء المنقبات على الكشف عن وجوههن، وأخضعن لتفتيش دقيق، خاصة على حاجز بيت لحم الشمالي، فيما شهد حاجزا قلنديا والزعيم تدافعا بين جنود الاحتلال وآلاف المصلين.
يشار إلى أن عشرات الآلاف من المصلين قد وصلوا إلى البلدة القديمة والأقصى منذ الليلة الماضية، وتسبب ذلك بحركة نشطة للغاية، في الوقت الذي لا تزال فيه أسواق البلدة القديمة تشهد ازدحاما خانقا جدا، حيث اندفع المصلون بعد انتهاء صلاتهم إلى الأسواق.
إلى ذلك، طاردت قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات الشبان الفلسطينيين الذين حاولوا الوصول إلى مدينة القدس عند الجدار المنتشر في محيط المدينة، وأصابوا شابين بقنبلتي غاز مسيل للدموع بشكل مباشر لحظة استهدافهما شرقي بيت لحم.