مقهى المصرارة... حقبة مقدسية سيطر عليها الاحتلال

القدس المحتلة

محمد عبد ربه

avata
محمد عبد ربه
19 نوفمبر 2024
مقهى المصرارة التاريخي في القدس.. استيلاء إسرائيلي عقب معركة صمود
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- عائلة كستيرو الفلسطينية خاضت معارك قانونية طويلة للحفاظ على ممتلكاتها في القدس، حيث نجحت في الحفاظ على منزلها في حي القرمي، لكنها خسرت معركة مقهى المصرارة بعد صراع طويل مع الجمعيات الاستيطانية.

- مقهى المصرارة كان محطة مهمة في القدس، وكانت العائلة تشغله منذ أكثر من ستين عاماً. بعد احتلال القدس، بدأت الجمعيات الاستيطانية تدعي ملكية العقار، مما أدى إلى معارك قانونية انتهت بقرار المحكمة العليا الإسرائيلية بنزع حق العائلة.

- الباحث خليل تفكجي يوضح أن ما حدث لعقار المقهى هو جزء من عملية أوسع لإخلاء العقارات في حي المصرارة، حيث تدعي الجمعيات الاستيطانية ملكيتها قبل عام 1948، مما يسبب صراعات مستمرة حول الملكية.

لم تكن سيطرة شرطة الاحتلال الإسرائيلي، الأحد الماضي، على مقهى المصرارة الواقع إلى الغرب من أسوار البلدة القديمة في القدس، أولى المعارك التي تخسرها عائلة المواطن الفلسطيني محمد كستيرو (أبو كايد)، لكنها مثلت نهاية واحدة من المعارك التي خاضتها العائلة على مدار نحو ربع قرن، إضافة إلى معركة سابقة للحفاظ على منزل العائلة في حي القرمي بالبلدة القديمة، والتي انتصرت فيها العائلة، إذ فشل المستوطنون وجمعياتهم الاستيطانية المتطرفة في انتزاع البيت من أصحابه.

كان المقهى محطة للكثير من الوافدين إلى القدس، وخاض أبو كايد معركة الدفاع عنه طوال أكثر من عقدين من الزمان، إذ كانت العائلة تشغله منذ أكثر من ستين عاماً بموجب عقد إيجار وقعته مع "حارس أملاك العدو" الأردني في مطلع خمسينيات القرن الماضي، حين كانت الحكومة الأردنية تشرف على الأملاك المتروكة في حي المصرارة، وفي أنحاء مختلفة من بلدة القدس القديمة وبلدة سلوان، والتي تركها قاطنوها قبل عام 1948، وانتقلوا إلى خارج مدينة القدس.

ويروي محمد كستيرو لـ"العربي الجديد"، أن الصراع على العقار الذي يشغله المقهى أعقب احتلال مدينة القدس في عام 1967، وظهور الجمعيات الاستيطانية التي تزعم أن العقار كان مملوكاً ليهود قبل عام 1948، مدعومة من "حارس أملاك الغائبين" الإسرائيلي، والذي ورث السيطرة على ما كان يعرف بـ"حارس أملاك العدو" الأردني، ونشط مع الجمعيات الاستيطانية في معارك كثيرة للسيطرة على هذه العقارات التي يشغلها المقدسيون الفلسطينيون بموجب عقود إيجار، ثم ما لبثت هذه العقود أن انتقلت إلى الجمعيات الاستيطانية التي بدأت رفض تجديدها، أو المطالبة بعقود جديدة بمبالغ طائلة تدفع لها سنوياً.

صراع على عقار مقهى المصرارة عقب احتلال القدس

بدأت أولى المعارك القضائية حول المقهى في مطلع عام 2002، واستمر النظر فيها قرابة ربع قرن داخل أروقة المحاكم الإسرائيلية، بداية من محكمة الصلح، مروراً بالمحكمة المركزية، وانتهاء بالمحكمة العليا الإسرائيلية التي أصدرت قراراً نهائياً بنزع حق تصرف عائلة كستيرو بالعقار، وتسليمه للمستوطنين استناداً إلى ما يعرف بـ"قانون الجيل الثالث"، والذي يمكن الاحتلال وجمعياته الاستيطانية من انتزاع أملاك المقدسيين من يد الأحفاد بعد وفاة الآباء والأجداد، وقد مكنها من ذلك إصدار سلطات الاحتلال في عام 2015، ما عرف بـ"قانون رفع الحمايات".

تسلم شرطة الاحتلال مقهى المصرارة لاحقا للمستوطنين (العربي الجديد)
تسلم شرطة الاحتلال مقهى المصرارة لاحقاً للمستوطنين (العربي الجديد)

يقول كستيرو: "كنا ندفع قبل سن هذا القانون أجرة سنوية لا تتعدى مائتين وخمسين شيكلاً (65 دولاراً)، ومع إلغاء العقد القديم قفزت الأجرة إلى خمسة وعشرين ألف شيكل (نحو 6500 دولار) في السنة، وبات يتم تجديد العقد كل عامين، ثم بدأت الجمعية الاستيطانية تطبيق سياسة جديدة تقوم على رفض التجديد، والمطالبة بإخلاء العقارات التي تدعي ملكية يهود لها".

ورغم قرار الاستيلاء على المقهى من قبل شرطة الاحتلال لتسليمه لاحقاً للمستوطنين، ظل كستيرو يرفض تنفيذ الأمر، ويحتفظ بمفاتيح المقهى، قبل أن تحطم شرطة الاحتلال قفل الباب. وهو يؤكد أن موقف العائلة ما زال رافضاً للاستيلاء على العقار رغم قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، والذي مكن المستوطنين من السيطرة على العقار مع ثمانية عقارات أخرى في سوق المصرارة.

من جانبه، يصف الباحث المختص في شؤون القدس والاستيطان، خليل تفكجي، لـ"العربي الجديد"، ما جرى بأنه "عملية إخلاء عقار باعتباره أملاكاً يهودية قبل عام 1948، وحدث هذا مع أكثر من منزل في ذات المنطقة. في 15 إبريل/نيسان 2002، قامت جمعية (حومات شيليم) الاستيطانية التي يقف على رأسها النائب السابق في الكنيست بني ألون، وبتشجيع من رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك آرئيل شارون، بشراء ما يسمى (حقوق يهودية) في حي المصرارة".

يضيف: "أقيم حي من قبل مجموعة من المستوطنين اليهود برئاسة يهودا بات، كما أقام أبناء الطائفة الجورجية في عام 1890 ما مجموعه مائة منزل سكن فيها يهود، وأطلق عليهم اسم إيشل إبراهام، وفي عام 1929، انتقل اليهود للسكن في مناطق أخرى، وحل مكانهم العرب".

يتابع تفكجي: "في عام 1948، وبعد تقسيم المدينة، أديرت هذه الأملاك من قبل حارس أملاك العدو الأردني. المصرارة عبارة عن حي تجاري يقع على بعد عشرات الأمتار من باب العامود، المدخل الرئيس لمدينة القدس القديمة، وتقطنه عشرات العائلات الفلسطينية، إضافة إلى ثماني عائلات يهودية، ونحو ثلثي دكاكين المصرارة تدفع أجرتها لحارس أملاك العدو، وهو القائم على أملاك المفقودين".

ذات صلة

الصورة
المطران بيتسابالا في بيت لحم. 24 ديسمبر 2024 (حازم بدر/فرانس برس)

مجتمع

في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة على غزة، تحوّلت أجواء عيد الميلاد في بيت لحم والقدس إلى لحظات من الحزن والتضامن والصلوات من أجل ضحايا غزة.
الصورة
إيتمار بن غفير أثناء تسليمه أسلحة لمستوطنين، 27 أكتوبر 2023 (فرانس برس)

سياسة

تسببت عريضة تطالب بإصدار المحكمة العليا أمر إقالة لوزير الأمن الداخلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير في حدوث انشقاق داخل حكومة بنيامين نتنياهو
الصورة
سموتريتش يتحدث مع مستوطنين خلال مؤتمر لتشجيع الاستيطان في غزة، 28 يناير 2024 (Getty)

سياسة

شارك وزراء وأعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي، اليوم الاثنين، في مؤتمر "الاستيطان في غزة"، الذي عُقد قرب كيبوتس باري في منطقة غلاف غزة.
الصورة
يحمي جيش الاحتلال اعتداءات المستوطنين (العربي الجديد)

مجتمع

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي غض الطرف عن تجاوزات المستوطنين ضد الفلسطينيين، وحماية ممارساتهم الإجرامية للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.