أسعار السلع تقفز 300% في مصر منذ انقلاب يوليو

03 يوليو 2016
الزيادة الواقعية في الأسعار تتخطى بمراحل المستويات المعلنة حكومياً(Getty)
+ الخط -

وقفت ريم، الموظفة في إحدى إدارات وزارة الإسكان في حي جاردن سيتي بالعاصمة القاهرة، حائرة لدى شرائها مستلزمات بيتها من السلع الغذائية من سوق الخضروات الشهير قرب مقر عملها، لكن هذه الحيرة لم تكن تتعلق باختيار أي الأصناف تبتاع، وإنما أرخصها كي تناسب ما لديها من مال تبقى من راتبها الزهيد الذي أحرقته الأسعار المشتعلة.

ريم، التي لديها من الأبناء ثلاثة في مراحل تعليمية مختلفة، تقول إن ما تعايشه اليوم من أسعار لم تشهده من قبل طيلة سنوات عمرها، مضيفة أنها أيدت عبد الفتاح السيسي، منذ أن كان وزيرا للدفاع وبعد أو وصل إلى الحكم، "لأن وعوده كانت تحمل الرخاء لمصر، لكن ذلك لم يتحقق في ظل لهيب الأسعار وتدني الرواتب للكثير من المصريين".

وشهدت أسعار السلع بمختلف أنواعها زيادات غير مسبوقة خلال السنوات الثلاث الأخيرة لتقفز بنحو 300% في بعض السلع الغذائية، مما زاد من الضغوط المعيشية على المصريين الذين يعاني أكثر من ربع السكان من الفقر بما يعادل 24 مليون مواطن، بالإضافة إلى وجود ما يزيد عن 3.5 ملايين عاطل في البلاد.

وتزايدت حدة الغضب من انفلات الأسعار، الأمر الذي دفع الرئيس المصري إلى تقديم وعود متكررة بضبط الأسعار وتدخل الجيش لمواجهة الغلاء، لكن الأسعار واصلت قفزاتها في تحد لهذه الوعود، وفق خبراء اقتصاد.

وتظهر البيانات الرسمية أن معدل تضخم أسعار المستهلكين ارتفع على أساس سنوي خلال شهر مايو/أيار الماضي إلى 12.9%، وهو أعلى معدل حققه منذ شهر يوليو/ تموز من عام 2014، بزياد قدرها 3.2% عن شهر أبريل/ نيسان الماضي، إلا أن ما يعلنه تجار ومسؤولون في الغرف التجارية يشير إلى أن الزيادة الواقعية في الأسعار تتخطى بمراحل المستويات المعلنة حكومياً.



وبحسب بيانات الغرف التجارية، فإن معدلات الزيادة في أسعار السلع الغذائية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تراوحت بين 50% و300%، وفي مواد البناء بين 20% و50%، والسلع المنزلية والكهربائية بين 60% و70%.

وقال عمرو عصفور، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية في غرفة القاهرة التجارية، إن معدلات الزيادة في السلع الغذائية تراوحت بين 50% و300%، مشيرا إلى أن السلع الاستراتيجية كان لها النصيب الأوفر من الارتفاعات، حيث ارتفعت أسعار السكر من الأصناف العادية (الأقل جودة) إلى ما يتراوح بين 5.5 و6 جنيهات للكيلوغرام، مقابل 3.75 و4 جنيهات، بينما وصلت للأصناف الفاخرة إلى 8 جنيهات للكيلوغرام.

كما قفز سعر الكيلوغرام من الأرز إلى ما بين 8 و10 جنيهات، مقابل ما يتراوح بين 2.25 و3.5 جنيهات قبل ثلاث سنوات، وارتفع الزيت من 7 و8 جنيهات للعبوة زنة كيلوغرام إلى ما يتراوح بين 12 و15 جنيها، وفق عصفور الذي أشار إلى أن ارتفاع الأسعار طاول جميع السلع.

ولم تكن الزيادة في الأسعار قاصرة على السلع المتداولة في السوق الحرة، وإنما امتدت إلى المنتجات المدعومة حكومياً، وفق وليد الشيخ، رئيس نقابة البقالين التموينيين، لافتا إلى ارتفاعها بنسبة 30%.

كما قال محمد شرف، نائب رئيس شعبة القصابين (الجزارين) بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن أسعار اللحوم البلدية والمستوردة شهدت زيادات تراوحت بين 65% و120%، تأثراً باتفاع الدولار، فضلا عن تناقص الثروة الحيوانية.

وقال عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن أسعار الدواجن شهدت أيضا زيادة بأكثر من 200% خلال 3 سنوات، حيث ارتفع سعر الكيلو مما يتراوح بين 12 و13 جنيها عام 2013 إلي 28 و30 جنيها خلال يوليو/تموز الجاري.

وأرجع تجار، القفزات في أسعار السلع خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إلى الارتفاعات غير المسبوقة في سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري، الذي خسر ربع قيمته رسمياً وأكثر من نصف قيمته في السوق السوداء، فضلا عن زيادة أسعار الوقود وخدمات المياه والكهرباء، وارتفاع أسعار الجمارك على الكثير من السلع المستوردة.

لكن سعاد الديب، عضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك، أرجعت القفزات في الأسعار إلى "استغلال وجشع التجار، وعدم وجود رقابة حقيقية من قبل أجهزة الدولة"، مشيرة إلى ضرورة فرض تسعيرة جبرية للسلع التي ترتفع أسعارها بشكل مبالغ فيه.

وفي المقابل، قال المتحدث الرسمي لوزارة التموين والتجارة الداخلية بمصر، محمود دياب، في تصريحات خاصة لـ " لعربي الجديد"، إن أسعار السلع شهدت ارتفاعات طبيعية نتيجة العرض والطلب، لافتا الي أن زيادة المواد البترولية والدولار من الطبيعي أن تؤثر علي زيادة الاسعار.

لكنه أكد في الوقت نفسه أن وزارة التموين تقوم بدور كبير جدا في مواجهة ارتفاع الاسعار، حيث قامت برفع الدعم السلعي من 15 إلي 18 جنيها للفرد الواحد، كما تقوم بتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة بأقل من سعر القطاع الخاص بنسب تتراوح بين 10 و25%، من خلال المجمعات الاستهلاكية والسيارات المتنقلة لبيع السلع الغذائية.

وأوضح ان الوزارة استطاعت القضاء على طوابير الخبز لأول مرة، والتي كانت تمثل عائقا كبيرا أمام كل وزراء التموين السابقين.

وأشار إلى أن الوزارة تقيم العيد من المعارض لمواجهة ارتفاع الاسعار، كان أخرها معرض أهلا رمضان بمشاركة الاتحاد العام للغرف التجارية، واقيم بجميع محافظات مصر. ​

 

المساهمون