أسامة دياب.. وجهة بصرية مضادّة

27 مايو 2015
"غارنيكا جديدة"، مواد مختلطة على قماش، 250 × 570
+ الخط -

في "غارنيكا" للفنان السوري الفلسطيني، أسامة دياب، (1977)، نرى مقاربة بصرية للرّاهن العربي، وليس السوري فحسب. بالنسبة له، يتجاوز الأمر سرد فظائع الحرب، إذ يقدّم رؤية تنتقد واقعاً اجتماعياً وسياسياً، تمثّل الحرب جزءاً منه. إلى جانب محاكاته لعمل بيكاسو الشهير، نلاحظ في أعمال دياب أيضاً ارتكازه على لوحات معروفة لفنانين آخرين، مثل دافينشي ومايكل أنجلو.

في حديث لـ "العربي الجديد"، يقول الفنان حول هذه الجزئية: "إن (العشاء الأخير) و(الموناليزا) و(غارنيكا) وغيرها من الأعمال، بالنسبة للغرب، عبارة عن أيقونات ساهمت في تشكيل وعي بصري لتلك المجتمعات. ما أردت طرحه في أعمالي هو مجمل المكان العربي منذ أكثر من ستين عاماً. مكان شكّل وعيه من خلال القضية الفلسطينية، واستمدّ أهميته منها".

ويضيف: "استخدام هذه الأيقونات (التاريخية) هو محاولة لتمرير وجهة نظر مضادة إلى المجتمعات الغربية من خلال ما أنتجه فنانوها. ففي الأغلب، هي مجتمعات تسيطر عليها منظومة إعلامية تحول دون اطّلاعها الدقيق على حقيقة القضية الفلسطينية".

إلى جانب الموضوع السياسي، نجد أن دياب يقدّم في أعماله مواضيع اجتماعية أيضاً، ترتكز على مسألة "الجندر"، ويعالجها أحياناً بقالب لا يخلو من السخرية. يقول دياب: "ليست جميع أعمالي سياسية بالمطلق؛ أفضّل أن أكون في الزاوية الإنسانية التي تشكّل العناصر الاجتماعية والسياسة جزءاً من أعبائها. من هنا، لا يحافظ اللون لديّ على رمزية محددة وواضحة.

بطريقة أخرى، لا أتفق كثيراً مع مقولة إن لكلّ لون رمزية ما، وإنما الفنان نفسه هو من يمنح الألوان رمزيتها في لوحاته".

في كثير من لوحاته، يستخدم دياب بعض الرموز والشخصيات المألوفة للناس، مثل مارلين مونرو أو "سوبر مان" وشخصية الملثّم، التي طبعت أعمال كثير من الفنانين الفلسطينيين على وجه الخصوص. وعندما سألناه عن استلهام رموزه وشخصيات أعماله، أجاب: "رموزي تأتي من حياة الناس، من مفرداتهم اليومية والشعبية المحيطة بهم دائماً. أحاول أن أنقلها من خلال مساحتي الفنية لتخدم المضمون الذي أعمل عليه".

هل يسعى دياب إلى التقرّب من الناس عبر رموز، ربّما، استُهلكت كثيراً؟ لا يُخفي الفنان ذلك، إذ يقول: "حتماً أريد الاقتراب من الجمهور أكثر؛ لأن أية مادة فنية أو أدبية، أو حتى مقطوعة موسيقية، هي مأخوذة بالضرورة من حياة الناس، وبالتالي تُعاد إليهم بعد تحويرها وتحويلها إلى مادة تحريضية".

في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين نشأ دياب، ثم عاش في دمشق، وبعد ما حلّ بسورية انتقل إلى بيروت. لا يعتقد أنّ المكان بحد ذاته كافٍ ليُنشئ فنّاناً، "لكن ما يحلّ بالمنطقة من ظروف ومتغيرات، إضافة إلى الرغبة في إنتاج مادة محرّضة، هما ما يصنعان الفن، ويمنحان الفنان تنوّعاً ثقافيّاً وبصريّاً أكبر".

المساهمون