أحمد غيلان.. وداعاً لصخب الكاميرا


15 ابريل 2015
+ الخط -

قبل أشهر سألته عن الكاميرا، عن أول مرة أمسكها فقال: "أول مرة لمست الكاميرا في حياتي سنة 1968، ومنذ ذلك الوقت لا أقدر على فراقها. لنقل ببساطة إننا أصبحنا توأمين سياميين لا يفترقان أبداً، إذا أصابها عطب أتألم وإن تعطلت أكتئب".

رحل أحمد غيلان الإثنين في الدار البيضاء... انعطبت الكاميرا. الفوتوغرافي المغربي صديق الكتّاب والفنانين الذي لم يكن يسمعهم. لقد فقد غيلان السمع حين كان طفلاً في مدينة أصيلة، عندما ارتطم رأسه بصخرة أثناء قفزة بحرية مع الأصدقاء. أخفقت كل محاولات استعادة السمع. كان يبدو أحياناً وكأنه وجد في الكاميرا بديلاً عن الأذن، ربما عوضته الصور - والقدرة على الإمساك بها - عن الأصوات!

عن الصورة قال مرّة: "الصورة أساس الفن، يتعامل معها الجميع بغض النظر عن العمر والتعليم والطبقة؛ الأمي والمتعلم المثقف، الفقير والغني، الطفل والراشد".

يكفي أن تزور غيلان ليطلعك على أرشيف نادر من الصور يعود إلى أواخر الستينيات. صور نادرة لفرق "ناس الغيوان" و"جيل جلالة" و"المشاهب"، وأخرى لأدباء وفنانين مغاربة وعرب. عندما يحتاج صحافي إلى صورة نادرة أو حصرية أو قديمة كان يُقال له: اذهب إلى غيلان، وغيلان بالطبع لم يكن ليبخل بأي صورة لأي صديق.


عادة ما كان يرافق المثقفين في زياراتهم لقبر جان جينيه ويلتقط لهم الصور. أصبحت زيارة جينيه وتصوير زائريه من ضمن طِباع كاميرا غيلان: "بدأت أتردد على قبر جينيه في مدينة العرائش بعد وفاته بعامين. وجدت قبراً أُهمل في فترة قياشية بعد وفاته، لا يفصله عـن الممشى العمومي المترب غير السور القـصير الذي كان قـد بُني على عجل. عندما أقف بجانب القبر أشعر بسكينة ما ، لا يمكنني أن التقط صوراً من دون أن أذهب إلى السور القصير المطل على البحر، كي أتأمل البحر الذي أفقدني سمعي طفلاً، وأسمع هديره بعينيّ، ثم أعود لجان جينيه لالتقاط الصور".

الآن صار قبر جينيه مهملاً بالفعل. غادر الحارس مع كاميراته. رحل غيلان فجأة، لم يمرض، لم يدخل إلى مستشفى، اختفى هكذا.

المساهمون