"وبيننا حديقة": ظلال الشعر والأمومة

28 مايو 2017
(من "دفاتر" لـ نجاح زربوط، حبر على ورق، 2013)
+ الخط -

تجربة الرسائل الأدبية المتبادلة بين المبدعات أو المبدعين ليست بالجديدة على الأدب العربي، لكن ثمة أشياء مغايرة في تجربة الشاعرتين المصريتين مروة أبو ضيف وسارة عابدين، فعبر كتابهما المشترك "وبيننا حديقة" الصادر حديثاً عن "روافد"، نجد أننا أمام عمل مختلف على مستوى الشكل والمضمون، فالرسائل هنا تنتمي إلى قصيدة النثر شكلاً، وتركز على تجربة محدّدة هي الأمومة وما يصاحبها من تساؤلات وهواجس حول الذات والآخر والوجود.

خلال الندوة التي أقيمت مؤخراً في "مكتبة البلد" في القاهرة لمناقشة الكتاب، بدا المشهد مدهشاً مع تحوّل القاعة الصغيرة إلى ما يشبه بيتاً عائلياً في يوم عيد، عبر الحضور الطاغي للعديد من الأمهات القادمات بصحبة أطفالهن، هذه الأجواء العائلية منحت الندوة نكهة خاصة وتجربة مغايرة حيث امتزج الشعر ببهجة وضجيج الأطفال.

في البداية، أشار الناقد عمر شهريار إلى أننا اعتدنا في ثقافتنا العربية على فكرة المبارزات والمعارضات الشعرية، فإما أنا أو أنت، إما فائز أو مهزوم، لا يصلح أن نكون معاً وسوياً، وقليلة هي التجارب التي نجد فيها حواراً شعرياً وإنصاتاً للآخر وانفتاحاً علي أسئلته وأحلامه ومخاوفه، وهذا ما يقدّمه ديوان "وبيننا حديقة".

وأضاف "في قصائد مروة أبو ضيف هناك حالة من التساؤل المستمر حول ماهية الحياة والوجود ومعنى الأمومة وتصوّراتنا عن الأشياء وواقعها المغاير، بينما في قصائد سارة عابدين هناك انغماس في الحياة بعنفها وقسوتها وصخبها، حتى اللغة تبدو مدبّبة وقوية، وهذا التباين والتمييز بين طبيعة كل شخصية، وعوالمها الشعرية يجعلنا نرى أوجهاً متعددة من الكتابة ونعيش تجارب متنوعة حول الأمومة والشعر".

انطلقت التجربة من مجرّد رسائل على موقع التواصل الاجتماعي بصورة عفوية، ثم تطوّرت تدريجياً لتصبح عملاً شعرياً يحمل قدراً كبيراً من المكاشفة ويُقدّم صورة مغايرة لمعنى الأمومة الراسخة في أذهاننا.

عن هذه التجربة تقول أبو ضيف: "الفكرة بدأت كمساحة لتجاوز اكتئاب ما بعد الولادة، كنافذة للخروج من هذه الدوّامة، وقد ساعدتنا على التخلص من الشعور بالذنب والإحساس بأننا لسنا نموذجاً للأمهات المثاليات بالصورة التي يروّجها المجتمع، فنحن لدينا قلق وشكوك وّتخوفات من تجربة الأمومة وتبعاتها".

من جهتها، قالت سارة عابدين "حاولنا من خلال هذا العمل رؤية أنفسنا بعيداً عن الهالة المقدسة التي فرضت على المرأة وجرّدتها من إنسانيها وحوّلتها إلى كائن متخيّل لا دور له سوى التضحية من أجل الأطفال".

وتضيف بأنه "من المؤكد أن ليس كل الناس لديهم هذه الهواجس حول معنى الأمومة، فهناك شخصيات تتماهى مع الدور المجتمعي، وتشعر بسعادة لممارسة مزيج من التضحية والسلطوية تجاه الأبناء، لكن على الجانب الآخر هناك أمهات لديهن قلق كبير، وعدم مقدرة على ممارسة هذا الدور، وهذا ما حاولنا التحدّث عنه، ووجدنا أننا لسنا وحدنا فهناك الكثيرات من الصديقات يطرحن ذات التساؤلات ويشعرن بحالة من الحيرة والقلق الوجودي".
















المساهمون