تشير الدراسات التاريخية إلى تأثير الأندلسيين، الذين قدموا إلى تونس منذ نهاية القرن الخامس، عشر في العمران وتطوُّر المهن والزراعة والأزياء والطعام ضمن تفاعلهم وانصهارهم في المجتمع، لكن تظلّ الموسيقى هي الأكثر حضوراً لأنها حملت تسميتهم وتراثهم إلى اليوم، حيث تنتشر في معظم المدن تظاهرات متخصّصة فيها، مثل غيرها من بلدان المغرب.
في هذا السياق، تنطلق عند السابعة من مساء غدٍ الأربعاء في فضاء "دار الشرع" في المنستير (160 كلم جنوبي العاصمة) فعاليات الدورة السادسة من "المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية"، وتتواصل حتى الرابع من الشهر الجاري، بتنظيم من "جمعية الشباب للموسيقى العربية" في المدينة بالتعاون مع وزارة الثقافة.
تحمل الدورة الحالية اسم الموسيقي الراحل ياسر المذيوب الذي كان أحد أبرز عازفي العود ومدرّسيه طوال أكثر من خميسن عاماً، حيث يقام معرض بعنوان "مسيرة فنان"، يضمّ صوراً ومواد أرشيفية توثّق سيرة حياته ومشواره الإبداعي.
ينظّم في الافتتاح عرض "نفحات أندلسية" لفرقة "جمعية الشباب" بقيادة الموسيقي محمد المذيوب ويرافقه الفنان محمود فريح، ويليه عرض لفرقة "جمعية أبناء وبنات زرياب" من مدينة طنجة المغربية بقيادة الموسيقي محمد بن علال عوامي، حيث يؤدون مقطوعات عدّة منها "ميزان البسيط" ونوبة "رمل المايا".
في اليوم التالي، تقيم فرقة "نسيم الصباح" من مدينة شرشال الجزائرية، والتي يقودها عبد الهادي بوكورة، حفلاً يتضمّن وصلات أندلسية وأخرى تنتمي إلى فن الحوزي الذي تنظّم مقطوعاته الشعرية باللغة الدارجة وتقدّم في قالب موسيقي خاص، ويليه عرض لـ"جمعية النوبة الأندلسية" من مدينة الدار البيضاء المغربية بقيادة إبراهيم شريف وزاني يرافقه مروان حاجي.
وتقدم "الفرقة الشيخة للمالوف الخام" من المنستير حفلاً الجمعة المقبل بقيادة الفنان فتحي الفرياني يضمّ عدّة أناشيد منها "جاء زمن الانشراح"، و"يا نبي سلام عليك"، و"كثر الوجد"، ويليه عرض لفرقة "جمعية دار الغرناطة" الجزائرية بقيادة محمد الشريف سعودي.
أما الختام، فيشتمل على حفل توقيع كتاب "سفينة المالوف" للباحثة التونسية ليلى الحباشي التي تعود فيه إلى القرن التاسع عشر لتوثيق نوبتيْ الذيل والصيكة، ثم يقام عرض تؤديه جميع الفرق المشاركة.