"قولي باي للعروس"

26 اغسطس 2014
كَبُرت على عبارة "نِفْرَحْ مِنّك" (روبرت أتاناسوفسكي/Getty)
+ الخط -
جاءَ اليوم الذي ستُحقّق فيه أمنية الكثيرين. فقد كَبُرت على عبارة "نِفْرَحْ" مِنّك. وأيقنت مع مرور الوقت، أن الفرح لا يتحقق إلا عند الزواج، وتحديداً في الليلة التي ترتدي فيه ثوباً أبيض يشبه الطاووس حين ينفشُ ريشه، لكن بالمقلوب.
والأكثر انفتاحاً، كانوا أولئك الذين اعترفوا بفرحة أخرى، كنيل الشهادة مثلاً، وإن حدّدوها بمخيلاتهم بـ "الليسانس"، على أن تليها فرحة الزواج مباشرة. كثرةُ الأمنيات والدعوات جعلتها أمام خيارٍ وحيد: انتظار هذه الفرحة. لم تخشَ كثيراً عدم تُحقّقها. فهي بحسب معايير عائلتها والمقرّبين "لا ينقصها شيء". جميلةٌ. وهذا حتمي. متوسطة الطول. أما جسدها فيرضي جميع الأذواق تقريباً. لا نحيفة ولا ممتلئة. قريبةٌ من الوصفين في آن. لهذا اطمأن قلبها، وإن لم يكن الموضوع يؤرّقها كثيراً.
تذْكر أنّها ربّما حيّت نصف عرائس البلد. ما إن تُرافقَ فرقة "الزفّة" العروس من بيت أهلها إلى السيارة المزينة قبل الانتقال إلى الصالة التي سيقام فيها حفل الزفاف، وتبدأ بقرع الطبول، حتى تُناديها والدتها لتتفرّج عليها من شرفة منزلهم. تخاطبها "قولي باي للعروس". تدمعُ عينا أمها ولا تفهمُ هي السبب. تُبالغُ (الوالدة) في تفحّص العروس قبل أن تُعلّق "تبدو جميلة". كأنها بعبارتها هذه تحكُمُ على مصير زواجها. فالجمال بالنسبة إليها يقي الزواج الفشل، أو على الأصح الرجل الملل. لمْ يخيّبها القدر.. ففرحت وفرح معها الجميع. وحيّاها أطفالٌ كثيرون.
---
إنها السادسة مساءً. جاءت "الفرقة" لتزفّ العروس إلى حياتها الجديدة. كانت تراقصُ كاميرا الفيديو التي ستشهد على ابتسامتها العريضة بعد سنوات من الحفل. خرج الناسُ إلى الشرفات. زبائنُ المحال الممتدة على طول الشارع توقفوا عن التبضّع. أصحاب المتاجر، الجيران. جميعهم كانوا ينظرون إلى العروس. أما هي، فلا تلتفتُ لأحدُ. تنظر إلى الكاميرا وتراقصها بفرحٍ أكبر. اليوم هو "يومها". لطالما سمعت هذه العبارة. ماذا عن الأيام التي سبقت هذا اليوم أو التي ستليه؟
سبّب وجودها أزمة سير. يريدُ الجميع رؤية ظاهرة الفرح هذه. تتكرّر دائماً ولا يملّون. بدت كـ "مُذنّب". وحدهُ سائق سيارة الأجرة الذي صودف مروره في الشارع، وعَلِقَ في معمعمة الفرح هذه، لم يُبالغ في النظر إليها. لكن ضحكتها العريضة وصلت إليه. قال "ليتها تُدركُ أنها ستفرح كثيراً اليوم وتبكي كثيراً غداً. يبدو أن المشكلة تكمن في مؤسسة الزواج".
مضى في سبيله، فيما كانت الكاميرا لا تزال تُصوّر العروس تصعدُ السيارة البيضاء، وهي تضحك.
دلالات
المساهمون