"درع الفرات" تقترب من السيطرة التامة على مدينة الباب

10 ديسمبر 2016
مقاتل بالجيش السوري الحر على مشارف الباب (حسين نصير/الأناضول)
+ الخط -
مع إعلان قوات "درع الفرات" أمس الجمعة كسرها دفاعات تنظيم "الدولة الإسلامية" "داعش" حول مدينة الباب السورية، بات موضوع السيطرة التامة على المدينة وشيكا. 

وبدت عملية السيطرة على الباب، شمال شرقي حلب، التي أعلن الجيش السوري الحر، المشارك بعملية "درع الفرات" بدعم تركي، بدايتها صباح أمس، حاسمة، ولن تستغرق الكثير من الوقت، بمجرد أن اتُخذ القرار بإنجازها.

وذلك نظراً لتمكن قوات "درع الفرات" من السيطرة على معظم المناطق الاستراتيجية المحيطة بالباب، وللدعم التركي اللوجستي والعسكري الذي تقدمه لمقاتلي الجيش الحر، واستقدام تركيا 300 مقاتل من القوات الخاصة، للمساعدة بالحسم السريع للمعركة، عدا عن أن المعارك التي خاضتها قوات "درع الفرات" كلها كانت تتسم بالحسم السريع، مع العلم بأن الساعات الأولى للعملية شهدت حالات فرار جماعي لعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي يبدو أنه يحاول تعويض خسارته المحتمة في الباب، أهم معاقله في ريف حلب، بفتحه معركة باتجاه مدينة تدمر بريف حمص، من أجل رفع الروح المعنوية لعناصره.



ويرجح أن يكون توقيت معركة الباب قد جاء بعد فشل كل الجهود التي بذلتها تركيا من أجل التوصل لاتفاق ما بشأن حلب بين فصائل المعارضة وروسيا من جهة، وبينها وبين الروس من جهة أخرى. وبعد التوجه الروسي لحسم الوضع بحلب لصالح النظام، اتخذ الأتراك قرار السيطرة على مدينة الباب. وبدأت قوات "درع الفرات" المعركة بقطع طريق الباب - منبج والسيطرة على بلدتين، ونقل الاشتباكات خلال ساعات إلى طرف المدينة الشمالي.


في هذا السياق، قال المسؤول السياسي لـ"لواء المعتصم"، المشارك بالعملية، مصطفى سيجري، لـ"العربي الجديد"، إنّه "لا علاقة لتوقيت عملية الباب بتفاهمات حول حلب، بل تمّ تأخير توقيت العملية من أجل إفساح المجال لتفاهمات حول معركة حلب وتخفيف المعاناة عن أهلنا فيها. وقد أخذت تركيا دور الوسيط بين روسيا والفصائل، من أجل التوصل لصيغة تفاهم، ولكن الغطرسة الروسية واستشراسها في حلب، دفعتنا إلى اتخاذ قرار السيطرة على الباب".


وعن الدور التركي في هذه المعركة، كشف سيجري عن أن "الدعم التركي يقتصر على تقديم الدعم اللوجستي والهندسة وسلاح الجو والمدفعية، وأن العناصر التي استقدمتها تركيا هي لتعزيز دعمها في هذه الجوانب". أما عن الوضع الميداني للمعركة، فنوّه إلى أن "فصائل الجيش الحر سيطرت فجر أمس على بلدتي دانا وبرانا، غربي مدينة الباب"، مشيراً إلى أن "المواجهات تحوّلت في فترة ما بعد ظهر أمس إلى مزرعة الشهابي، الواقعة بطرف المدينة الشمالي".


وأضاف أنّ "الفصائل تخوض معارك من محاور عدة، وقطعت طريق الباب - منبج، الذي كان يستخدمه التنظيم في استقدام الإمدادات من المناطق الخاضعة لسيطرته بريف منبج". كما لفت إلى أنّ "حسم المعركة يحتاج إلى ساعات فقط، وكثافة القصف التركي أدّت إلى انسحاب جماعي لمقاتلي التنظيم".

من جهته، رأى العميد، أحمد رحال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "معركة الباب عبارة عن توافقات سياسية وليست معركة عسكرية وهي تعتمد على التوافق بين موسكو وواشنطن وأنقرة، وهي تسير وتتوقف بحسب التوافقات التي تحصل". وأضاف أن "معركة الباب يبدو أنها ستسير للنهاية بعد زيارة رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إلى موسكو".



أما العقيد، أديب عليوي، فرأى أن "الأمن القومي التركي أهم من العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا، خصوصاً أن الأتراك فصلوا الملف الاقتصادي في علاقتهم مع الروس عن الملف السياسي المتعلق بالوضع في سورية. لذلك من المرجح أن يكون وصول المحادثات بين الطرفين بشأن حلب إلى طريق مسدود، قد دفع بتركيا إلى اتخاذ قرار معركة الباب وذلك لكون موضوع الباب وحلب والرقة متلازماً، ولا يمكن فصل معارك الواحدة عن الأخرى".


وعن الاستراتيجية التي قد يتبعها الأتراك في دخول الباب ووضع المدنيين، قال عليوي إنه "في كل المعارك قد يحصل أخطاء ويذهب ضحاياها من المدنيين، كأخطاء في الإحداثيات أو غيرها. ولكن عملياً إن التكتيك الذي تتبعه تركيا يختلف كلياً عن التكتيك الذي يتبعه كل من التحالف الدولي وروسيا، اللذين يعتمدان على سياسة الأرض المحروقة. وأعتقد أن كل التأخير الذي حصل بتوقيت المعركة كان من أجل تطويق الباب من أكثر من جهة، من أجل حسم المعركة بأقل الخسائر. وكانت السيطرة على مدينة قباسين منذ مدة هي بوابة الدخول إلى الباب".


وكانت أنقرة قد عزّزت يوم الخميس، قواتها الموجودة، شمالي سورية، بـ300 جندي من القوات الخاصة، في حين أعلن الجيش التركي استهداف مواقع لتنظيم "داعش" في مدينة الباب. وبدأ التنظيم بالترويج عبر وكالة "أعماق" لاستهداف الطيران التركي المدنيين في مدينة الباب، مما يُرجّح محاولة التنظيم استخدام المدنيين كدروع بشرية للضغط على فصائل الجيش الحر.


وتقع مدينة الباب في شمال شرقي حلب، على بعد 38 كيلومتراً منها، وتعتبر من أهم معاقل "داعش" في ريفها. وتعد مركز المنطقة التجاري والاقتصادي. وكانت تضمّ قبل سيطرة "داعش" على المدينة قرابة 200 ألف نسمة، جميعهم من العشائر العربية، وانخفض عدد سكانها إلى النصف تقريباً بعد سيطرة التنظيم عليها في شهر يناير/كانون الثاني 2014. وسيطرت قوات "درع الفرات" التي انطلقت أواخر أغسطس/آب الماضي، على مدينة جرابلس المحاذية للأراضي التركية شرقي حلب، وكامل الشريط الحدودي بينها وبين مدينة أعزاز.


المساهمون