"خريبكة الوثائقي": أربعة أيام مكثّفة

26 ديسمبر 2015
من فيلم "أنا أتنفس")
+ الخط -

تُختتم، اليوم، في مدينة خريبكة المغربية فعاليات الدورة السابعة من "المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي" التي انطلقت الأربعاء الماضي، بمشاركة تسعة أفلام في المسابقة الرسمية، من بلدان عربية وأجنبية، من بينها بريطانيا التي حلّت ضيف شرف على الدورة.

تنوّعت الأفلام المعروضة بين طويلة وقصيرة، كما تنوّعت موضوعاتها بين السياسي والاجتماعي والإنساني والسير.

في فيلمهما الطويل "أتنفّس" (72د)، تناولت المخرجتان البريطانيتان إيما دافي وموراك كينون قصّة شاب بريطاني يُدعى نيل بلات يبلغ من العمر ثلاثين عاماً، تحوّل في غضون عام واحد من شخص يتمتّع بصحة جيدة وحس من الفكاهة إلى رجل مشلول تماماً، بسبب مرض وراثي مدمّر. يطرح العمل موضوع معنى أن يكون المرء على قيد الحياة، من خلال تتبّع تطوّرات دراماتيكية متسارعة لشاب في مقتبل العمل، كلما ضعف جسده تغيرت نظرته إلى الحياة.

المخرجة القطرية الشابة إيمان العمري، جاءت هي الأخرى بقصّة إنسانية في فيلمها "كومار" (18د). كومار اسم رجل هندي يعمل سائقاً لدى عائلة قطرية ميسورة الحال، يحلم ببناء بيت له ولأسرته التي تركها في الهند. يتتبّع العمل حياة السائق بين السيارة التي يقضي فيها معظم وقته، واللحظات الجميلة القليلة التي يتواصل فيها مع عائلته؛ لينقل لحظاتٍ إنسانية بسيطة تمتزج فيها الابتسامات بالدموع.

في فيلم "في جيب أوسلو" (18د)، يتناول المخرج النرويجي من أصول فلسطينية تحسين محيسن القضية الفلسطينية من وجهة فلسطيني في الشتات، متطرّقاً إلى علاقة النرويج بالصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.

يروي العمل قصّة رجل نرويجي من أصول فلسطينية يعيش حياةً عادية في المهجر، يمارس كرة القدم ويهتم بصناعة الأفلام، لكننا سرعان ما نكتشف رغبته في العودة إلى مسقط رأسه في غزّة. يتحقّق ذلك، فيصطدم بالواقع الإنساني المرير فيها. ومع اندلاع الحرب الأخيرة عليها، يرصد الوثائقي جانبين متناقضين: تضامُن الشعب النرويجي مع الفلسطينيين ضدّ الاحتلال وجرائمه، وموقف أوسلو التي ترسل الأسلحة إلى الاحتلال.

غير بعيد عن تلك الثيمة، جاء فيلم "ترانيم الحرب" (18د) لمخرجه الإيراني حبيب بافي ساجد، الذي عاد إلى تناول الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات، من خلال قصّة قرية صغيرة تقع على الحدود بين البلدين، تعيش أجواء الحرب طيلة عام وشهر.

حضرت السيرة من خلال عملين؛ الأوّل هو "طاهر الحدّاد رائد الحداثة" (36د) لـ هاجر بن نصر من تونس، وتناول تفاصيل من حياة ونضال المصلح الاجتماعي التونسي، عبر عدد من التسجيلات التي توثّق نضالاته ومحاضراته الفكرية.

العمل الثاني هو "كمال جنبلاط: الشاهد والشهادة"، وفيه يقف مخرجه هادي زكّاك عند أبرز محطّات السياسي والمفكّر اللبناني حتى اغتياله عام 1977، متتبّعاً مساره من لبنان إلى الهند. يسلّط العمل الضوء على السيرة السياسية لمؤسّس "الحزب التقدّمي الاشتراكي"، لكنه يتطرّق أيضاً إلى جوانب أخرى من حياته؛ كشاعر ومفكّر وإصلاحي.

من المغرب، شارك وثائقيان تناولا مواضيع فنية. في "آيات فنية" (53د)، يروي المخرج حكيم قبّاني قصّة فنان إيطالي اعتنق الإسلام، واستلهم من القرآن والأحاديث النبوية موضوعاً لأعماله الفنية التي تقارب 1400 لوحة.

من خلال القصّة، يتساءل العمل: كيف يمكن تحويل النصوص الدينية إلى لوحات تشكيلية؟ ولماذا لم ينتبه المسلمون إلى الجانب الجمالي والفني الموجود فيهما، هل هو تقصير أم خوف من المحرّم؟

أمّا خالد إبراهيمي، فتطرّق في فيلمه "لم نعدّ نغنّي" (60د) إلى تراجع الغناء الشعبي في البوادي المغرية، والذي فرضه تراجع إنتاج الشعر المرتجل، المرتبط أصلاً بالنشاط الفلاحي لسكّان البادية الذين كانوا يُزجون وقتهم بارتجال الشعر والغناء.

أمّا "الزواج الكبير" (25د) لمخرجه السعودي فيصل العتيبي، فينقل مراسم عرس في جزر القمر يستمرّ على مدى أسبوعين. يصحب الفيلم العروسين ويرصد مراسم الزواج حسب العادات والتقاليد في البلاد.

تنافست الأعمال المشاركة على الجائزة الكبرى للمهرجان، إلى جانب جائزة لجنة التحكيم والإخراج، وأفضل تصوير، وجائزة الجمهور.

وفي مسابقة الهواة، عُرضت خمسة أفلام هي "عائدون" لـ الشرقي بكريم، و"الصرخة الصامتة" لـ مرادي بيتي، و"ذهاب وإياب" لـ محمد العنق، و"بيت بلا تلفاز" لـ محمد مساهل و"تكناويت" لـ محمد أمغار. ينال الفائز في المسابقة منحة تكوينية في مجال الإخراج الوثائقي.

إلى جانب العروض، نظّم المهرجان ثلاث ندوات شارك فيها عددٌ من السينمائيين والنقّاد والأكاديميين من المغرب وخارجه. تناولت الأولى موضوع "الفيلم الوثائقي في العالم العربي.. الواقع والآفاق"، شارك فيها كلّ من حسام وهبة من قطر وعلاء الدين نصر جاد نصر من مصر وعبد الإله الخطابي وفيصل العتيبي من السعودية ووسيم القربي من تونس وفاطمة الزهراء سيدهم من الجزائر.

تناولت الندوة الثانية موضوع "الفيلم الوثائقي: نحو رؤية إبداعية وجمالية"، بمشاركة حميد تباتو من المغرب وحسام وهبة من قطر وهاجر بن ناصر من تونس وهادي زكاك من لبنان.

أمّا الندوة الثالثة، فشهدت لقاءً مفتوحاً حول صناعة الفيلم الوثائقي، وعرضاً لفيلم "سنغور: الرئيس الشاعر" لـ رشيد القاسمي.


اقرأ أيضاً:
زمن الوثائقي

المساهمون