فرضت الثورة الصناعية في الغرب تطوير الإدارة بما يتلاءم مع التحوّل الاقتصادي من القطاع الزراعي إلى القطاع الصناعي، وهو ما دفع في اتجاه وضع رؤى تناسب المتغيّرات الجديدة، التي لم يعد مجدياً التعامل معها برؤى وأساليب بائدة.
خلال ما يقارب مائتي عام، خضع البحث الإداري لالتباسات عديدة تتعلّق باصطدامه أحياناً مع الحكومات، التي لا يزال بعضها يمانع مزيداً من الإنفاق عليه، لكن الحالة العربية تبدو أشد تعقيداً نتيجة ممارسة السلطة احتكاراً أكبر لصناعة القرار، يجعل من الصعوبة القبول بشركاء لها في التخطيط وبناء السياسات.
"حكامة" دورية جديدة في مجالي "الإدارة العامة" و"السياسات العامة"، أعلن عن إطلاقها مؤخراً "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" و"معهد الدوحة للدراسات العليا"، حيث سيصدر العدد الأول منها صيف عام 2020.
سيكون إيقاع صدور المجلة مرتين في السنة، من أجل "خدمة جمهورها في المجتمع الأكاديمي والبحثي، وكذلك الدائرة الأوسع من المعنيين بمجال الحكم وصنع السياسات وتنفيذها، وإدارة المؤسسات العامة للدولة، سواء أكانوا من نخبة الدولة ومسؤوليها والعاملين فيها، أم من مؤسسات المجتمع المدني التي يرتبط مجال اهتمامها بمنحى من نواحي السياسات العامة"، بحسب بيان المركز.
تسدّ الدورية التي تديرها هيئة تحرير اختصاصية، فضلاً عن هيئة استشارية تشرف على أعمالها، فجوة معرفية خلّفها عدم الالتفات إلى هذا المجال البحثي نتيجة ارتهان الأنظمة الإدارية في معظم البلدان العربية لنماذج غربية، وغياب التفكير باستراتيجية وآليات مستقلة لإدارة المؤسسات العامة.
ستكون بذلك "حكامة" الدورية العلمية المحكّمة السادسة التي يصدرها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" ضمن تبنّيه لرؤية نهضوية للمجتمعات العربية تقوم على الفهم الشامل للقضايا والإشكاليات التي تواجهها هذه المجتمعات داخلياً وخارجياً. تعتمد الدورية المواصفات الشكلية والموضوعية للدوريات العلمية المحكّمة، وهي تنشر بحوثاً وأوراق سياسات ومراجعات نقدية، تخضع جميعها إلى قواعد التحكيم وأخلاقيات النشر التي يتبناها المركز.
وتشير الورقة المرجعية للمجلة إلى أن "حِكامة" تُطرح في هذا الإطار "باعتبارها قوة دفع فكري جديدة غايتها توسيع حدود العقل عربياً بما يستعيد الأركان السياسية والاجتماعية للإدارة والسياسات العامة، ومساحة للتفكير والنقاش العلمي حول ما ينبغي لنظم الحكم العربية، بقيمها ومؤسساتها وأجهزتها وسياساتها، أن تقوم به وتنهض إليه من أجل نقل المجتمعات العربية إلى مجتمعات حديثة سياسياً وعادلة اجتماعياً".
ومن المقرر أن تتضمّن "حِكامة" الأقسام التالية: البحوث المحكمة، وأوراق سياسات يمكن أن تتخذ شكل نقاشات وندوات، ومراجعات كتب نقدية، إلى جانب الدراسات المترجمة.