تعود الأكاديمية والمفكرة النسوية الأميركية أنجيلا ديفيس (1944)، إلى فترة وجودها في السجن كمعتقلة سياسية عام 1970، وتقول "تأثرت بالرسائل المهربة من الأسرى الفلسطينيين تناصرني وأنا في معتقلي".
وتضيف "تعلمنا من النضال الفلسطيني، وساعدنا على فهم أكبر وأكثر وسعاً وشمولية لمعنى تحرير السود"، مستعيدة مجموعة "عدو الشمس" للشاعر الفلسطيني سميح القاسم التي كانت مترجمة ومتداولة بين المناضلين السود في أميركا في تلك الفترة.
تحدثت ديفيس في ندوة نظمتها مجلة "الآداب اللبنانية" افتراضياً بالتعاون مع "البرنامج الأكاديمي لدراسات الجاليات العربية والمسلمة في المهجر" (AMED) في جامعة سان فرانسيسكو، الذي ترأسه الأكاديمية الفلسطينية رباب عبد الهادي.
الكولونيالية الاستيطانية مصطلح لا يجري استخدامه في أميركا عند التحدث عن فلسطين
الندوة التي أقيمت تحت عنوان "حياة السود: حرية السود والعدالة" ضمت إلى جانب ديفيس وعبد الهادي، كل من المؤرخين الأكاديميين روبن جبران كيلي وجيرالد هورن، إضافة إلى الأكاديميتين دايو غور الباحثة النسوية وأستاذة الدراسات العرقية، وبيفرلي غي شيفتول الباحثة المتخصصة في دراسات المرأة.
تناولت المائدة المستديرة بشكل أساسي قضية تحرير السود وعدم قابلية العدالة للتجزئة، وعلاقة ذلك بالقضية الفلسطينية من وجهات نظر تاريخية مقارنة. وركّز المحاضرون أيضاً على صراع اللحظة التاريخية الحالية، وكيف فهم العرب واحتضنوا نضال التحرّر الأسود بل والصراعات المناهضة للاستعمار والعنصرية والإمبريالية.
تطرّق المشاركون إلى تعريف اللحظة الراهنة في سياق الولايات المتحدة وأنظمة القمع المختلفة، ووضع اللحظة في السياق الدولي (تاريخيًا ومعاصرًا)، والعلاقة بين حركات الاحتجاج والتحرر والتضامن الدولي، وعلاقة كل ذلك بفلسطين والحركات العربية / العالم ثالثية المناهضة للاستعمار وللسلطوية، وماذا يعني التضامن وكيف يمكن تطبيقه.
فلسطين المكان الذي يوجد فيه الاستعمار في أكثر حالاته الخام
المؤرخ جيرالد هورن تناول مسألة الكولونيالية الاستيطانية، لافتاً إلى أنها ليست مصطلحاً يجري استخدامه في الولايات المتحده عند التحدث عن فلسطين ولا حتى عند التحدث عن أراضي الشعوب الأصلية في الولايات المتحدة، ولم يستخدم أيضاً عند الحديث عن الجزائر وفرنسا، ويلفت إلى أن الكولونيالية التي رزحت تحتها البلاد العربية وأفريقيا كان لها دور أساسي في تجارة العبيد وحركة أجداده القسرية من بلادهم إلى أميركا، من هنا فإن تاريخ السود في أميركا والكولونيالية في شمال أفريقيا لا يمكن فصلهما بشكل أو بآخر.
المؤرخ روبن جبران كيلي، يقول إن المقاومة وتحرر السود ومناهضة العنصرية والرأسمالية هي كلها أمور لا تنفصل عن القضية الفلسطينية في جوهرها، وأنه منذ أدرك هذه العلاقة العميقة بنى عليها كل توجهاته السياسية وبدأت كتاباته عن فلسطين، التي يرى أنها المكان الذي يوجد فيه الاستعمار في أكثر حالاته الخام.