"حملة الحمار" في مواجهة الأسعار

16 سبتمبر 2016
ارتفاع في أسعار اللحوم (عبد خطيب/Getty)
+ الخط -
عانى المصريون هذا العيد من ارتفاع غير مسبوق في أسعار اللحوم بأنواعها البلدية والمستوردة، ما أطاح بها بعيداً عن أيادي كثير منهم، ممن كانوا يشترونها في الأعياد بعناء أقل.
وسجلت أسعار اللحوم البلدية 100 جنيه للكيلو الواحد في الأحياء الشعبية، و150 إلى 200 في المناطق الراقية، فيما ارتفعت قيمة صكوك الأضاحي بنسبة 75% عن قيمتها في العام الماضي.
لم يعترف نظام الجنرال السيسي بمسؤوليته عن ارتفاع أسعار اللحوم بسبب نقص الإنتاج المحلي ليغطي بالكاد 40% من الاستهلاك، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف التي تستورد مصر 70% منها مدفوعة بارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه ضعف ما كان عليه قبل الثالث من يوليو/حزيران 2013.
كما لم يعترف نظام الجنرال بمسؤوليته عن ارتفاع أسعار اللحوم المستوردة بنسبة 25% ووصولها إلى 60 جنيهاً للكيلو بفعل شركات المخابرات، التي تحتكر استيراد اللحوم السودانية الحية والمبردة، وهي ميدي تريد ومالتي تريد ووادي النيل، ودون أن يحرك السودان السعر، أو رجال أعمال معظمهم لواءات يحتكرون استيراد اللحوم المجمدة.
هذه المافيا تتحكم في سوق اللحوم المستوردة، التي تخطت 60% من المعروض بقيمة 30 مليار جنيه، حجم المبرد والحي منها 30 ألف طن شهريا، والمجمدة 25 ألف طن، وبمباركة النظام على حساب المواطن الذي يعجز عن شراء اللحوم ولو لمرة واحدة في عيد الأضحي.
وبدلا من معالجة المشكلة بسياسة رشيدة، دشن النظام حملة إعلامية مكثفة عن انتشار لحم الحمار وذبح الحمير قبل عيد الأضحى، لصرف أكبر عدد من المواطنين عن شراء اللحم، وبالتالي خفض سعره.

واجتهدت فرق إعداد البرامج الفضائية في البحث عن جثث الحمير في الترع ومقالب الزبالة، وعرض صور مقززة لحمير مسلوخة ومترممة، وادعت أنها معدة للبيع في محال الجزارة، مع تأكيدها أنها ظاهرة منتشرة في كل الجمهورية.
وتحدثت الأذرع الإعلامية للجنرال عن القبض على 1500 حمار مذبوح، رغم أن الصور المعروضة لم تزد عن عدة جثث في حظيرة لا تتعدى مساحتها أمتاراً قليلة، وفيها أربعة أفراد فقط، لا يمكن أن يقوموا بهذا العمل الضخم في هذه المساحة الضيقة.
وقبل العيد مباشرة توسعوا في نشر صور لسيارات تحمل حميراً، وادعوا أنها متجهة لجزارات القاهرة وأن هناك صعوبات في القبض عليها.
ورغم نجاح حملة "لحوم الحمير" في تخويف الناس وانخفاض حجم الأضاحي 40% عن 2015، لكنها نجحت في إنعاش سوق اللحوم المستوردة التي يحتكرها الجيش، وأضرت بالمربي المصري بسبب تراجع مبيعاته وزيادة خسائره.
المثير في الأمر أن الإعلام المناهض لنظام الجنرال السيسي تبنى الحملة بهدف التشهير بفشل النظام، لكنه عزز إنجاح الحملة وابتلع الطعم من حيث لا يدري، رغم أن الحملة كانت مفضوحة في تخويف المواطن من أنه لن ينجو من لحوم الحمير، إذا امتلك ثمن اللحم، وتسلية خاطره في مواجهة الأسعار المنفلتة.

لكن وبالرغم من انخفاض أسعار الأعلاف العالمية في أغسطس /آب الماضي بنسبة 50%، وتراجع أسعار اللحوم بمعدل 13% عما كانت عليه في عهد الدكتور محمد مرسي، بحسب مؤشرات أسعار منظمة الفاو، فلم تزد أسعار اللحوم البلدية في عهد مرسي عن 60 جنيه للكيلو، و32 جنيه للحوم السودانية، مدعومة بارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه الذي لم يتجاوز السبعة جنيهات، وأداء اقتصادي شفاف يحسب لحكومته!

حجم المبرد والحي منها 30 ألف طن شهريا، والمجمدة 25 ألف طن،
المساهمون