"حماس" و"الاعتداءات" المصرية: ماذا بعدما "طفح الكيل"؟

09 نوفمبر 2015
خلال تشييع الشاب الذي قتله الأمن المصري(سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -
يوحي حديث نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، حول مصر وتحميلها المسؤولية عن قتل صياد فلسطيني في عرض بحر مدينة رفح الجنوبية، بأنّ "الكيل طفح"، وأنّ ما كان مسكوتاً عنه، لم يعد كذلك مع ازدياد التضييق المصري على غزة.

اقرأ أيضاً: صعوبات في تأمين حدود مصر وغزة بعد إغراقها بالمياه

وعلى غير عادته، أطلق زعيم "حماس" في قطاع غزة سيلاً من التصريحات التي تبيّن أنّ العلاقة مع مصر صارت في أسوأ أحوالها، والتي يمكن اعتبارها "ردة فعل" على ممارسات مصرية متكررة تجاه القطاع المحاصر، ومنها حوادث إطلاق النار وإغراق الحدود وإغلاق معبر رفح.

وكان هنية يتحدث خلال زيارته لبيت عزاء الشهيد فراس مقداد، وهو الصياد الذي قتل بنيران مصرية، مساء الخميس الماضي، بينما كان في المياه الفلسطينية، إذ أشار إلى أنّ هذه الحادثة "تعد استخفافًا بالدم الفلسطيني داخل المياه الفلسطينية خلال بحثهم عن لقمة عيشهم".

ولفت هنية إلى أنّه تم تكليف من لهم علاقة (بالاتصال) مع المسؤولين المصريين لوضع حدّ لهذه المسألة، مشدّداً على أنّه "لن نقبل استمرار هذه المعاناة بهذه الطريقة، فمعبر رفح مُغلق، والحدود تغرق بالمياه، والصيادون يتعرضون لإطلاق النار، فهذه ليست طريقة مُعبرة عن علاقات أشقاء وتاريخ وجغرافية وجوار".

وفي تعليق على التوتر الحاصل، رأى مدير مركز "أبحاث المستقبل" في غزة، إبراهيم المدهون، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ تصريحات هنية "ردة فعل"، بعد تراكم ما سماه "الاعتداءات" المصرية على القطاع، واستمرار إغلاق معبر رفح، واستمرار قضية المختطفين الأربعة، وإغراق الحدود بين غزة وأراضيها.

وأشار المدهون إلى أنّه سيأتي الوقت، مع تراكم هذه "الاعتداءات"، الذي تنفجر فيه الأوضاع، مؤكداً أنّ الرسالة من أعلى مسؤول لـ"حماس" في غزة تدل على أنه لم يعد هناك إمكانية للصبر، وأنّ الحركة ضاقت ذرعاً بـ"الاعتداءات" وهذه المعاملة المصرية غير المفهومة، وغير المبررة.

ولفت إلى أنّ التصريحات تشير إلى ارتفاع معدلات الوضع سوءاً في القطاع، رغم أنّ "حماس" ليس لديها نوايا للتصعيد تجاه مصر، لكن "هو صوت مرتفع قد يخرج للتحذير من أنّ التمادي في هذه الإجراءات والتضييق على غزة والقتل والخطف، سيضر بحالة الوئام والعلاقة المصرية الفلسطينية، وقد يجرّنا إلى مربع لا يرغب به أحد".

ومن جهة ثانية، أوضح المدهون أنّ التصريحات تحمل رسائل للمجتمع العربي والمنظومة العربية الرسمية، لكي تتدخل وتحاول ضبط الإجراءات المصرية التي تزيد من التضييق على القطاع، بالإضافة إلى رسالة للنظام المصري، بأنّ القطاع بدأ يضيق ذرعاً بهذه الإجراءات، وأنه سيكسر حاجز الصمت الإعلامي، ويبدأ بالحديث بشكل أوسع في الأروقة الإعلامية والدبلوماسية بسبب السياسة "العدوانية" من قبل النظام المصري تجاه القطاع، على حدّ تعبيره.

من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ تكرار الحوادث الأمنية التي يتعرّض لها غزّيون، دفع بحركة "حماس" إلى اتخاذ منحى التصعيد الإعلامي في لغة الخطاب المتبع تجاه السلطات المصرية، في ظل استمرار حالة التوتر بين الجانبين.

وأكّد عوكل أنّ الفترة المقبلة ستشهد تصعيداً إعلامياً أكثر حدّة من قبل الحركة الإسلامية في غزّة، بعد فشل كل البوادر الإيجابية التي قدمتها الحركة من أجل تحسين العلاقة مع النظام المصري الحالي.

ولفت إلى أنّ تصريحات هنية "تأخذ طابعاً احتجاجياً بشأن التعامل المصري مع حركة "حماس"، ورفض الطريقة التي يتعامل بها الجيش المصري مع القطاع، والتي تأخذ طابعاً أمنياً في بعض الأحيان"، موضحاً أنّ تعامل السلطات المصرية مع الحركة على أنها جزء من جماعة "الإخوان المسلمين"، التي تعتبر طرفاً بارزاً في الصراع السياسي بمصر أسهم في زيادة الفجوة بين الحركة والنظام المصري، على الرغم من كل البوادر الإيجابية التي اتخذتها "حماس".

واستبعد عوكل أنّ تتطور الأمور لتصل إلى حد المواجهة العسكرية بين مصر و"حماس"، على الرغم من ارتفاع حدة الخلاف بين الجانبين، نتيجة الإجراءات المصرية المتبعة مع غزة، واقتصار التواصل مع الحركة على جهاز الاستخبارات المصري. وخلص إلى القول "يبدو أن هناك استراتيجية واضحة ستحكم علاقة النظام المصري الحالي مع حركة (حماس)، وهي استراتيجية عدائية ناتجة عن امتداد الحركة لجماعة الإخوان، على الرغم من كل الضوابط وابتعاد الحركة عن التدخل في الشأن المصري".

اقرأ أيضاً: مصر تتنصّل من خطف الفلسطينيين الأربعة وتتهم إسرائيل 

المساهمون