قبل أسابيع من إقامة التظاهرة الداعمة للاجئين يوم السبت الماضي (الأول من نوعه وحجمه على مستوى إسبانيا)، استنفذت التذاكر التي ترواح سعرُها ما بين الخمسة عشر يورو والستين. حتى إذا جاء موعد الافتتاح، كان قصر سان جوردي بمسرحه المسقوف الذي يتّسع لخمسة عشر ألفاً مشاهد، قد امتلأ عن آخره.
"العربي الجديد" حضرت المهرجان، الذي بثّته على الهواء مباشرة عشرات القنوات الإخبارية، وكان أشبه بمظاهرة جاءها متعاطفون ليهتفوا من أجل حقوق اللاجئين ومهجّري الحروب في حوض المتوسط.
شهور من العمل الدؤوب للقائمين على إدارة هذا الحفل التضامني الخيري، جلبت أشهر وأفضل فنّاني إسبانيا وكتالونيا حتى المتوارين منهم، في فقرات متنوّعة تضمّنت مشاهد مسرحية وغناءً وعزفاً وفلامنكو وغيرها من العروض، إضافة إلى كلمات مقتضبة غاضبة ندّدت بسياسة اللامبالاة الدولية تجاه اللاجئين، مثلما ندّدت بقسوة سياسةَ اللجوء التي تتبعها حكومة ماريانو راخوي في مدريد، شأنها شأن بقية حكومات أوروبا.
افتتح المهرجان تحت شعار مركزي: "كاسا نوسُترا، كاسا بوسُترا"؛ أي "بيتنا بيتكم"، كما رُفع شعار "نحن نرحّب". نخبة من الفنّانين المعروفين مثل لويس ياك ومانولو غارسيا ومارينا روسيل وباكو إبانيث وعشرات غيرهم، غنّوا كلمات ومقاطع شهيرة من أشعار ماتشادو ورفائيل ألبرتي وتراث اليسار الجديد.
البعض منهم كتبَ خصّيصاً لهذه المناسبة، مذكّراً بموجات اللاجئين الإسبان خلال الحرب الأهلية (1936 ـ 1939)، ونزوح مئات الآلاف منهم متروكين لمصائرهم يرتجفون جوعاً وبرداً في العراء الفرنسي وغيره من عراءات البلدان. كما تحدّث آخرون أنه "من العار، أن يتكرّر هذا المشهد المأساوي في القرن الحادي والعشرين؛ "قرن حقوق الإنسان"، تجاه اللاجئين السوريين بالأخص، ولاجئي أفريقيا أيضاً".
ليلة من الموسيقى والبهجة والغضب والتصفيق والوقوف والإنشاد الجماعي وأضواء فلاشات الهواتف المحمولة بدل الولاعات والشموع. وكلمات وتصريحات وتصفيق ملتهب ضد وضعٍ لا يطاق، تنتهجه حكومة مدريد منذ سنوات طويلة. وقال جايمه نيّرغا: "نحن نتحدث عن أشياء حزينة جداً، بينما اللاجئون مصرّون على ابتسامة الأمل".
وقال أحد الكتّاب الكتلان: "يجب أن يُدفن في البحر، أولئك المجرمون الذين تسبّبوا في هذا الوضع". بينما قال آخر "إن تعامل الحكومة المركزية في ملف اللاجئين غير دستوري"، كما جرت الإشارة إلى تحويل "إسبانيا ومعها أوروبا الرسمية للبحر إلى أكبر مقبرة جماعية في زمننا".