"اللاجئون الدولية": تفشي فيروس كورونا في إدلب سيخلف كارثة إنسانية

28 ابريل 2020
مركز حجر صحي للسوريين العائدين من تركيا (فرانس برس)
+ الخط -
حذرت منظمة "اللاجئون الدولية"، ومقرها الولايات المتحدة، من مخاطر تردّي الأوضاع الإنسانية في محافظة إدلب السورية، في ظل انتشار وباء كورونا الذي يخشى وصوله إلى المنطقة التي تضم قرابة ثلاثة ملايين نسمة، أغلبهم من اللاجئين.

وقالت الباحثة في المنظمة، سحر الأطرش، لـ"العربي الجديد"، إن "المنظمات الإنسانية تستعد للأسوأ في إدلب، ويعتقد الأطباء من داخل المحافظة وخارجها أن وصول الفيروس بات وشيكاً، خاصة أن إدلب محاطة بمناطق وصل إليها الفيروس، من بينها مناطق يسيطر عليها النظام، ومناطق سيطرة الأكراد، وتركيا".

وأوضحت، على هامش صدور تقرير للمنظمة، أنه على الرغم من الهدوء النسبي الذي تشهده المحافظة منذ إعلان وقف إطلاق النار في 5 مارس/ آذار الماضي، إلا أن "الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام السوري المدعومة بالقوات الروسية أدّت إلى نزوح قرابة المليون شخص منذ ديسمبر/ كانون الأول، بالإضافة إلى قتل وجرح الآلاف، فضلاً عن تدمير البنية التحتية، بما فيه المنشآت الطبية".

ويحذّر تقرير منظمة "اللاجئون الدولية" من إمكانية تجدد القتال، ويلفت إلى أنه "حتى مع سريان وقف إطلاق النار النسبي، تبقى الأزمة الإنسانية في إدلب واحدة من أصعب الأزمات في العالم".

ويشير التقرير إلى أن "قرابة ثلاثة ملايين شخص يعيشون حاليا في إدلب، في منطقة كان يعيش فيها قبل عام 2011، قرابة نصف مليون سوري، كما أن كثيراً من المهجرين، الذين هجروا أكثر من مرة، خسروا كل ما يملكون، ولم تعد لديهم أية مدخرات، وتقدر الأمم المتحدة أن نحو مليوني شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في إدلب".

وأضافت الأطرش أن "الطبيعة الجغرافية الجبلية في إدلب لا تسمح بسهولة بناء مخيمات جديدة، مما زاد الاكتظاظ، واضطر ضيق المساحة كثيراً من العائلات إلى البحث عن أي ملجأ متاحٍ، بما في ذلك المدارس والمساجد، وحتى في العراء، أو تحت الأشجار، وتوفي عدد من الأشخاص، بمن فيهم أطفال، بسبب الظروف القاسية".

وأوضحت أن الأوضاع في المخيمات مأساوية، فمتطلبات النظافة غير متوفرة، والحمامات مشتركة لأكثر من عشرين أو ثلاثين شخصاً، ما يسبب صعوبات كبيرة للنساء، ولأن النظافة وتوفر المياه الصالحة للشرب والاستخدام أساسية في محاربة كورونا، وتفشي الأوبئة عموما، فإن المنظمات الإنسانية تواجه تحديات جمة، تفاقمت بعد استهداف النظام وحلفائه محطات المياه، ما يدفع الناس إلى الاستعانة بمياه الآبار الجوفية، والتي نتجت عنها أمراض أخرى بسبب تلوث المياه.

ويلفت التقرير الانتباه إلى أن نظام الرعاية الصحية في إدلب غير مجهز للتعامل مع تفشي وباء مثل كورونا، إذ دمرت سنوات الحرب واستهداف المستشفيات عددا كبيرا من المنشآت الطبية. وتقول الأطرش إن "المنشآت التي تعمل تملك قدرات محدودة على توفير العناية المركزة والتنفس الصناعي الضروريين لعلاج كورونا، كما لا يمكن للمدنيين الوصول إلى أية مرافق طبية في بعض المناطق، واضطر عدد كبير من الكوادر الطبية السورية إلى ترك البلاد، وهؤلاء الذين بقوا منهكون، ويعملون في ظروف صعبة جداً، كما أن الأدوات الطبية المتوفرة محدودة".


يذكر التقرير أن قرابة تسعمائة من الكوادر الطبية لقوا حتفهم في سورية خلال السنوات الماضية، وهناك مائة جهاز تنفس اصطناعي في إدلب لخدمة ثلاثة ملايين شخص، كما أن الأوضاع البيئية بما فيها اضطرار كثيرين لحرق البلاستيك للتدفئة، تسببت في أمراض تنفسية تجعل الأشخاص أكثر عرضة للخطر الناجم عن الإصابة بكورونا الذي يهاجم الجهاز التنفسي.

وشكلت منظمة الصحة العالمية وعدداً من المنظمات الإنسانية فريق عمل للتحضير لاحتمال تفشي الفيروس، وتتضمن الاستجابة: مراقبة نقاط العبور، وشراء مائة جهاز تنفس اصطناعي إضافية، ودعم قدرة المختبرات للقيام بالفحوص، وإجراء حملات توعية، وتوزيع مستلزمات النظافة على السكان، وإنشاء ثلاث مستشفيات عزل. لكن تحتاج المنظمات إلى 33 مليون دولار للتمويل، والدول المانحة لم تقدم ما يكفي من الدعم.

ويلفت التقرير إلى تأثير انتشار الفيروس على تقديم المساعدات الإنسانية في إدلب، إذ أغلقت تركيا حدودها مع استثناء دخول المساعدات الإنسانية. إلا أن تلك الخطوة أبطأت تدفق المساعدات، كما خفضت تركيا عدد الموظفين الذين يسمح لهم بالتنقل، بمن فيهم الأطباء.

ويقدم التقرير عددا من التوصيات، من بينها تكثيف الجهود الدبلوماسية للضغط على الجانب التركي والروسي لاستمرار وقف إطلاق النار، كما يناشد الدول المانحة تقديم المساعدات اللازمة، وإعطاء الأولوية للمأوى، وينصح المنظمات المحلية باستخدام المساعدات لتشييد مخيمات إضافية للتخفيف من الاكتظاظ الشديد الذي تشهده مخيمات النازحين، كما يناشد تركيا تخفيف القيود على شراء مستلزمات الوقاية الشخصية الموجهة إلى إدلب.

المساهمون